بعد 22 عاماً من وصول الشهيد الحمدي إلى رئاسة الجمهورية اليمنية تولى السيد نجم الدين أربكان رئاسة وزارء تركيا، قضى الأول فيها 3 أعوام والثاني عام وبضعة أشهر. الحمدي وأربكان شخصيتان يجمعهما حب أوطانهم، لكلٍ منهما مشروعه الخاص نحو بلد متقدم ومزدهر ... لم يقتصر السيد أربكان على السلطة فقط - رئاسة الوزارء وأغلبية البرلمان- لتنفيذ مشروعه الوطني، بل عمل أيضاً على إنشاء جيل يتبنى المشروع من بعده ،فخرج من رحم هذه المدرسة رجب طيب أردوغان رئيس الوزارء الحالي... في المشروع التركي كانت أبرز التحديات أمام أربكان هو التخلص من الهيمنة العسكرية للبلاد، وكما كان يؤمن الحمدي أن النفوذ القَبلي والتدخلات الخارجية هي أبرز الصعوبات امام مشروع الدولة المدنية.. حاول أربكان تقليص النفوذ العسكري، كما حاول الحمدي التخلص من السيطرة القبلية و الأطراف الخارجية فكان مصير الأول العزل والإقصاء من العمل السياسي أما الثاني فكان مصيره الغدر و الاغتيال.. يرى المفكر السياسي عبدالله النفسيي أن المملكة المتحدة متقدمة بعشرات السنين عن الولاياتالمتحدة بالخبرة السياسية. ويبدو أن كلاً من الحمدي وأربكان كانت تنقصهم تلك الخبرة.. فعلياً : انتهي دور السيد أربكان هناك في تركيا لكن بقى مشروعه مستمر إلى الآن بقيادة أردوغان، هنا في اليمن انتهى مشروع الشهيد الحمدي تزامناً مع حادثة اغتياله... تعيش تركيا اليوم باقتصاد منتعش وسياسة متعافية وسيادة خارجية واسعة، وكل هذا يعتبر ثمرة المعلم أربكان ، فلم يبكِ الشعب التركي ولم يستسلم تلاميذ نجم الدين لمجرد عزل الأخير عن السياسة أو حتى بوفاته ، لكنهم سيبكون إذا انتهى واندثر مشروعه الذي أعاد لتركيا كيانها ، فوفاة نجم الدين لم تكلف السيد رجب طيب أردوغان سوى دمعتين ويوم قضاه في جنازته ، وعاد بعدها ليكمل مشروعه، فإيمان رجب أردوغان بمشروع معلمه جعله يكمل المسير ويحقق مالم يستطع المؤسس أن يحققه.. انتهى.. شخصياً، لم أجد مشروعاً مفصلاً ومكتوباً للشهيد الحمدي ولذلك لا أدري ما هي الدولة المدنية التي كان ينشدها لكن ما أعرفه أن الرجل كان يحمل رؤية واضحة لوطن جريح! بعد ألف سنة من الآن سيخطب فينا الحفيد الثالث عشر للحمدي خطبة بعنوان (( الحمدي رضى الله عنه )) سيخبرنا فيها عن صلاته وصيامه وتواضعه وعن قبعته العسكريه. جميل أن نحيي ذكرى من اخلصوا لهذا الوطن ولكن قمة القبح والغباء أن نربط مصير الوطن بمصيرهم، مقتل الحمدي كان جرحاً عميقاً لليمن، ولن يتعافى إلا برجل يؤمن ويتبنى مشروعه تماماً كأردوغان تركيا.. رحم الله الزعيم الحمدي ورزقنا من هو خيرٌ منه