الثامنة والنصف صباحاً بتوقيت الارجنتين ليوم الثلاثاء الموافق 10 سبتمبر 2013م، استيقظت باكراً حمدا لله، توجهت مباشرة للنافذة التي بجانب الطاولة المكتبية الصغيرة بغرفتي الشرقية بفندق في وسط مدينة بيونس آيرس الجميلة، والمطلة على قطعة خضراء كساها الورد البنفسجي من كل جوانبها، تشاركها بعض الأشجار الطويلة يداعبها عصافير مصدرة أصواتاً شجية تترك بالقلب آثراً ووقعاً لا ينسى، لدرجة أنني أسمعها وأنا أكتب الآن .. نظرت لبرهة من الوقت من خلالها، ثم نزلت إلى البهو تناولت كأساً من الشاي الإنجليزي شديد الحمرة وقد كنت دائماً أفضل الشاي الأحمر على القهوة السوداء .. لا أدري لماذا ! ولكن عموماً لا أحب السواد مطلقاً. بجانبي كانت هناك عدداً من الملفات الخاصة ب اجندات وجداول عمل الاجتماع الكبير الذي يهم الشريحة الأكبر في العالم "الشباب" والذي يتابع وقائعه جميع الرياضيين والمهتمين في شتى بقاع الأرض، كنت موظفاً بسيطاً جداً، ولكن كنت مع مسؤول عظيم ينتمي لدولة أعظم لدرجة جعلت الجميع من حول هذا المسؤول عظماء بمن فيهم أنا الموظف البسيط. للتاريخ سأذكر هذا المسؤول هو الثنائي الكبير، الأمير | نواف بن فيصل بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود رئيس اللجنة الأولمبية السعودية، والأستاذ | محمد بن حسن المسحل، الأمين العام للجنة؛ هذا الاجتماع كان من ضمن اجتماعات الجمعية العمومية (الكونغرس) للجنة الأولمبية الدولية، لإنتخاب رئيساً للجنة الأولمبية الدولية خلفاً ل البلجيكي جاك روج الذي شغل المنصب على مدار 12 عاماً. بدأت الاجتماعات وحسم الألماني توماس باخ السباق لصالحه بعدما تفوق على المرشحين الأربعة الذين وصلوا معه إلى المرحلة الثانية من التصويت بعد خروج المرشح السادس من المرحلة الأولى، ووصل خمسة مرشحين فقط للمرحلة الثانية من التصويت ولكن باخ حسم السباق بإحرازه أكثر من نصف عدد أصوات المشاركين في الاقتراع. وأصبح باخ هو الرئيس التاسع للجنة على مدار تاريخها منذ أن تأسست في 1894. ذهبت بكم بعيداً بعض الشيء ولكن، حتى تكونوا على تصور وتعيشون التجربة بشعور حضوري، فقد كانت كلمة باخ وبقية المرشحين تفاخر بالهوية الرياضية وما قدمته وتقدمه بلدانهم للرياضة والرياضيين وعن تاريخ ظهور الرياضة في العالم وكيف أصبحت تسهم إيجاباً في حياة ملايين البشر اليوم. كما تفاخر دول العالم بإنضمامها إلى المنظمات الرياضية الدولية، وفقاً للأقدمية وتدخل حيز الفخر بالحضارة والتاريخ لتأخذ مساحة من الأعتزاز بالهوية الوطنية العريقة، اليمن واليمنيين ممن عرفوا الرياضة قبل الإسلام بالإضافة إلى الحجاز في شبه الجزيرة العربية ، ومصر والعراق، وتونس والجزائر، وغيرها، وتضمن ذلك العديد من الرياضات في تلك الحقبة الزمنية، منها ركوب الخيل والرماية والسباحة. تأتي مناسبة هذا الحديث على خلفية انتخابات المجلس التنفيذي للاتحاد الآسيوي واللجان التابعة له، واللجان التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا، والتي تغلق أبوابها للترشح بعد ثمان ساعات من هذه اللحظة تقريباً، والتي تخلو جميع اللجان الرسمية فيها من عضوية فعالة لليمن، وبالإضافة إلى دور الرياضة و الدول التي حققت العديد من الإنجازات بل وسيطرت على الكراسي القيادية عالمياً حتى أصبح لها دور كبير في تسيير الرياضة دولياً ودعم بلدانها ورياضييها بدرجة أولى حتى وأن كانت حديثة إنظمام للمنضمات الرياضية العالمية. إن الوصول لما سبق الحديث عنه ليس سهلاً، وبطبيعة الحال هذا لن يتحقق بين عشية وضحاها، أو من خلال الاكتفاء بتصريحات وبيانات تحمل الكثير من النوايا والأمنيات الطيبة، التي ستذهب غالباً أدراج الرياح إذا لم يتم العمل بجدية وترجمة الأقوال إلى واقع ملموس وتحويل الكلمات التي ترد في البيانات إلى برامج عمل وسياسات فعّالة بما يضمن لها النجاح في تحقيق نتائج ملموسة تضمن دخول المسؤول الرياضي اليمني والعربي عموماً في كل شارده ووارده تدور في فلك المجتمعات الرياضية الدولية بالإضافة إلى وجوب أن تكون هناك روابط تعزز التفاهم والترابط داخلياً من أجل هدف مشترك الجميع يقاتل من أجله ويتشبث به وهو رفع راية الوطن خفاّقة في المحافل. والذود عن الرياضة وأهدافها لتبقى سامية. شكراً لك عزيزي القارئ كن بخير حتى نلقاك بمضمار رياضي جديد.