تتواصل مشاورات السلام اليمنية في السويد برعاية الأممالمتحدة، باتجاه تحقيق اختراق في الأزمة الإنسانية في البلاد، خاصة في ملف الأسرى والمعتقلين، بعيدا عن أي اتفاقات سياسية أخرى لإنهاء النزاع المستمر منذ قرابة أربعة أعوام، حسب محللين. وتُعقد المشاورات بين وفد الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي لليوم الثالث على التوالي في العاصمة السويديةستوكهولم. وفي مستهل المشاورات، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، الخميس إبرام اتفاق لتبادل الأسرى والمعتقلين بين طرفي النزاع في اليمن. ولم يقدم غريفيث المزيد من التفاصيل بشأن الاتفاق. لكن مستشار الرئيس اليمني محمد العامري، قال في وقبت سابق إن الحوثيين قدموا "قائمة تضم نحو ثلاثة الاف عسكري، بينهم أسرى ومفقودون" لدى القوات الحكومية. فيما تضم القائمة الحكومية نحو 1800 شخص "معتقلين ومختطفين" لدى الحوثيين، حسب العامري. وفي خطوة ذات دلالة سبقت انطلاق المشاورات بأيام، أخلت الأممالمتحدة في الثالث من ديسمبر الجاري 50 جريحا من مقاتلي جماعة الحوثي في اليمن على متن طائرة من مطار صنعاء الدولي باتجاه العاصمة العمانية مسقط. وتحدثت مصادر في الوفد الحكومي أن مشاورات السلام ناقشت "آلية" تنفيذ الاتفاق الخاص بالإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين. وقال مصدر مشارك في المشاورات، إنه تم الاتفاق على تبادل قوائم وكشف مصير المخفيين لتأتي بعدها مرحلة التبادل. وأضاف أنه سيسند إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر مهمة عملية التبادل بين الجانبين. وقال مروان دماج، عضو الوفد الحكومي في المشاورات، "يمكن أن يتم اتخاذ خطوات في ملف تبادل الأسرى والمعتقلين، وتكون فاتحة لتحقيق إنجازات". وأضاف "على الميليشيا (الحوثيين) إطلاق سراح الجميع دون استثناء وكشف مصير المخفيين بمن فيهم الصحفيون". وعلى خلفية هذه التطورات، يرى مراقبون أن المشاورات القائمة يمكن أن تحقق اختراقا في الملف الإنساني. وقال الكاتب والمحلل السياسي علي الفقيه، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه رغم الزخم الدولي الضاغط من أجل وقف الحرب في اليمن فإن البيئة المحيطة بهذه المشاورات لا تبشر بالتوصل إلى اتفاق. وأضاف "يمكن أن تحقق المشاورات تقدما بسيطا على الصعيد الإنساني، وخاصة في ملفات الإفراج عن المعتقلين والأسرى، وفتح ممرات آمنة للإغاثة والحيلولة دون تدمير ميناء الحديدة". وأكد الوفد الحكومي الجمعة أنهم منفتحون لتحقيق السلام ومناقشة عدد من القضايا ضمن إجراءات بناء الثقة، بما في ذلك فتح مطار صنعاء الدولي. وبدأت لجان عمل إنسانية وإقتصادية من الحكومة اليمنية والحوثيين في وقت سابق اليوم مناقشة ثلاثة ملفات رئيسية، بينها ملف الأسرى والمعتقلين، وذلك ضمن مشاورات السلام الجارية في السويد. وقال رئيس هيئة الدفاع عن المعتقلين عبدالباسط غازي، إن هناك أملا في انفراج ملف الأسرى والمعتقلين. وأوضح غازي ل(شينخوا) أن توقيع اتفاق التبادل والزخم القائم يمنحنا تفاؤلا كبيرا بانفراج هذا الملف، الذي يمثل عامل قلق لكافة الأطراف نظرا للضغوط التي يواجهونها من قبل أقارب الضحايا والمنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية. وأضاف "هناك أمل بأن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ بعيدا عن الاشتراطات الخاصة لإبرام صفقات سياسية بين الأطراف" المتنازعة. ويواجه اليمن "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، بحسب تقديرات الأممالمتحدة. وكانت الأزمة الإنسانية واحدة من أهم الأسباب التي دفعت المجتمع الدولي للضغط في سبيل عقد المشاورات الحالية لحلحلة النزاع اليمني. وقال غريفيث في افتتاح المشاورات "إن المجتمع الدولي يؤيد تماما عملية السلام في اليمن". ويتواجد عدد من سفراء الدول المعتمدين لدى اليمن في ستوكهولم لمتابعة مستجدات المشاورات اليمنية عن قرب.. كما يتواجد ممثلو عدد من المنظمات الدولية. ويأتي انعقاد هذه الجولة من المشاورات بعد تحركات ودعوات إقليمية ودولية، خاصة من الدول المؤثرة في الملف اليمني، والتي دعت إلى ضرورة التوصل إلى حل للنزاع الدامي والأزمة الإنسانية المتفاقمة في هذا البلد الفقير. ويرى خبير يمني أن معالجة الملف اليمني يعتمد بشكل أساسي على الحسابات الإقليمية والدولية. وقال الأكاديمي في مجال التنمية الدولية وبناء السلام موسى علاية، ل(شينخوا) إن فرص نجاح المشاورات اليمنية في السويد هي رهينة حسابات إقليمية ودولية. وأوضح علاية أن المواقف الدولية والإقليمية الضاغطة تجاه الملف اليمني تشكلت بفعل تفاقم الأزمة الإنسانية. وأضاف "هناك مفارقات في الواقع اليمني على المستوى العالمي، فالحرب في اليمن لاتزال منسية من قبل الإعلام العالمي والنخب الحاكمة في الغرب أو الدول الديمقراطية تعمل على تغييب الواقع اليمني في بلدانهم خوفاً من تشكل ضغوط قد تؤدي إلى اتخاذ قرارات معاكسة وفقدان مصالح استراتيجية". واعتبر الخبير اليمني "أن فرص نجاح مشاورات السويد ستكون رهينة حسابات إقليمية دولية متعددة، ولن تحل الأزمة اليمنية من خلال مفاوضات بين أطراف متصارعة محلية لأنها في الأصح أدوات تنفيذ أجندة خارجية لقوى إقليمية ودولية وليس لها قوة لاتخاذ قرار وقف الحرب والجنوح للسلام". ويدعم تحالف عربي تقوده السعودية وتشارك فيه الإمارات بقوة الحكومة اليمنية والقوات الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في مواجهة الحوثيين المدعومين إيران منذ مارس من العام 2015. . ويتهم التحالف العربي والحكومة اليمنيةإيران بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، وهو ما تنفيه طهران وتقول إنها تدعم الحوثيين سياسيا. وتشهد جبهات القتال في اليمن هدوءا، خاصة في مدينة الحديدة الساحلية غربي اليمن، والتي تضم ميناء الحديدة الشريان الرئيسي للإمدادات الأساسية في البلاد والخاضع لسيطرة الحوثيين.