أسياد الشتايم.. المؤدلجون من صغار (صغار) الإصلاحيين والسروريين    عصابة معين لجان قهر الموظفين    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    مقتل مواطن برصاص عصابة حوثية في إب    رواية حول الحادث الذي اصيب فيه امين عام نقابة الصحفيين والرواية الامنية ما تزال غائبة    تحديث جديد لأسعار صرف العملات الأجنبية في اليمن    سيتم اقتلاعكم عما قريب.. مسؤول محلي يكشف عن الرد القادم على انتهاكات الحوثيين في تهامة    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    رغم إصابته بالزهايمر.. الزعيم ''عادل إمام'' يعود إلى الواجهة بقوة ويظهر في السعودية    شاهد .. المنشور الذي بسببه اعتقل الحوثيين مدير هيئة المواصفات "المليكي" وكشف فضائحهم    إغلاق مركز تجاري بالعاصمة صنعاء بعد انتحار أحد موظفيه بظروف غامضة    شاهد .. السيول تجرف السيارات والمواطنين في محافظة إب وسط اليمن    محاولة اغتيال لشيخ حضرمي داعم للقضية الجنوبية والمجلس الانتقالي    الحزب الاشتراكي اليمني سيجر الجنوبيين للعداء مرة أخرى مع المحور العربي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    ذمار: أهالي المدينة يعانون من طفح المجاري وتكدس القمامة وانتشار الأوبئة    دورتموند يقصي سان جرمان ويتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا    احتجاجات للمطالبة بصرف الراتب في عدن    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يجدد فوزه امامPSG    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    قصة غريبة وعجيبة...باع محله الذي يساوي الملايين ب15 الف ريال لشراء سيارة للقيام بهذا الامر بقلب صنعاء    زنجبار أبين تُودّع أربعة مجرمين... درس قاسٍ لمن تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع    إهانة وإذلال قيادات الدولة ورجالات حزب المؤتمر بصنعاء تثير غضب الشرعية وهكذا علقت! (شاهد)    اتفاق قبلي يخمد نيران الفتنة في الحد بيافع(وثيقة)    شبكة تزوير "مائة دولار" تُثير الذعر بين التجار والصرافين... الأجهزة الأمنية تُنقذ الموقف في المهرة    الأمم المتحدة: لا نستطيع إدخال المساعدات إلى غزة    البنك المركزي اليمني يكشف ممارسات حوثية تدميرية للقطاع المصرفي مميز    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    أبو زرعه المحرّمي يلتقي قيادة وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في مديرية بيحان بمحافظة شبوة    ارتفاع اسعار النفط لليوم الثاني على التوالي    العين يوفر طائرتين لمشجعيه لدعمه امام يوكوهاما    ريال مدريد الإسباني يستضيف بايرن ميونيخ الألماني غدا في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    مجلس النواب ينظر في استبدال محافظ الحديدة بدلا عن وزير المالية في رئاسة مجلس إدارة صندوق دعم الحديدة    باصالح والحسني.. والتفوق الدولي!!    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    الأمم المتحدة: أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة مميز    وصول باخرة وقود لكهرباء عدن مساء الغد الأربعاء    طلاب تعز.. والامتحان الصعب    كوريا الجنوبية المحطة الجديدة لسلسلة بطولات أرامكو للفرق المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة    الهلال يهزم الأهلي ويقترب من التتويج بطلا للدوري السعودي    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفحات من تاريخ عدن.. (مسبح حقات) منشأة عريقة شيدت في العصر الذهبي وأغلقها وطمسها المتنفذون
نشر في عدن الغد يوم 06 - 01 - 2013

عندما نكتب عن تاريخ عدن ليس التاريخ القديم، بل حتى التاريخ المعاصر وتحديداً في القرن العشرين، نجد الذاكرة مليئة بالانجازات، انجازات تحدد ملامح الدولة الحضارية المتمدنة، انجازات ترتبط مباشرة بحياة الناس من خدمات مختلفة في كل مناحي الحياة، فنجد ان اهتمام القائمين على هذه الامور في تخصيص جزء كبير من اهتمامهم بمشاريع للشباب والنشء انطلاقاً من ان بناء الإنسان يكون ضمن الاولويات، وهذا ما لم تلمسه عدن منذ العام 90م، وان كانت الفترة من 67م حتى عام 90م لم ترتق الى المستوى المطلوب الذي يؤسس لأجيال قادرة على مواكبة العالم الخارجي.
لذلك دعونا نتحدث عن عدن في فترة الخميسنيات والستينيات وهي الفترة التي جعلت من عدن عاصمة لدولة ذاعت شهرتها في كل الاصقاع آنذاك، إبان الاستعمار البريطاني، دعونا نقلب صفحات من تاريخ جميل اعطى للإنسان حقه في التمتع بحياته، والصفحات كثيرة والإنجازات نفاخر بها اليوم برغم سياسات الطمس والتخريب والتشويه، دعونا اليوم ننبش في الذاكرة لأن الماضي لا يمكن ان نضعه في مقارنة مع الحاضر إلا من حيث تبيان الفرق الشاسع بينه كماض جميل وبين حاضر قضى على كل شيء جميل!.
سنتطرق هنا في هذه الصفحة لجانب من ذلك التاريخ، وسنواصل تقليب صفحات الماضي في أعداد لاحقة بإذن الله.. وسنختار هنا بعضاً من تلك المنجزات التي لاتزال في الذاكرة.
مسبح حقات
نحن في الجنوب وتحديداً في العاصمة عدن لم نكن ننتظر من النظام اليمني ان يشيد لنا منشآت رياضية وترفيهية للشباب والنشء، لأننا نعلم علم اليقين ان هذا النظام لا يهتم لمثل هكذا مشاريع، وخصوصاً في الجنوب، لأنه لا يهمه الإنسان الجنوبي، بدليل انه استكثر وجود منشأة رياضية وترفيهية لأبناء عدن وهي (مسبح حقات) الذي أنشئ في عام 1954م وزارته الملكة (اليزابيث الثانية) في ذلك العام لافتتاحه، واثناء تجوالها شاهدت حوض السباحة العميق المخصص للكبار، وسألت القائمين عن المشروع: لماذا لا يوجد هناك حوض للأطفال الصغار؟، واقترحت ان يتم استحداث حوض في إطار المشروع، واصبح المسبح بفضلها يتكون من حوضين للسباحة (للكبار والصغار)، وكان بحق منشأة جميلة يقضي فيها الشباب والشابات والأطفال اوقاتا مفيدة وممتعة.

أين هذا المسبح اليوم؟

امتدت الايادي القذرة للعبث به، ولم يستطع احد من الذين يدعون حبهم لعدن ان يفعلوا شيئاً وهم الذين يتواجدون في اعلى المناصب في السلطة المحلية، لأن المنطقة كاملة التي يتواجد فيها المسبح اصبحت خطاً احمر لمتنفذين لا يشبعون من نهب الأراضي والمنشآت ومصادرتها، ضاربين عرض الحائط بالنداءات والمطالبات التي رفعها ابناء عدن على امتداد العشرين عاما الماضية.
هذه المنطقة وهي منطقة حقات لها ذكريات في نفوس كل ابناء عدن، ذكريات لا تنسى ولا تمحى من الذاكرة برغم الخط الأحمر، شاطئ جميل ومسبح لم يكن له مثيل في ذلك الوقت في كل الدول المجاورة، وملعب لكرة القدم والرجبي والهوكي، وفي حقات ايضاً سينما (بلقيس) التي كانت من ارقى دور السينما آنذاك.. حقات كانت المتنفس الوحيد الجميل لأبناء عدن، اليوم حقات منطقة عسكرية!!.
اغلق المسبح واغلقت السينما، اغلق باب حقات في وجه من يتطلعون من ابناء عدن لإلقاء نظرة، مجرد نظرة، على ملاعب الصبا، حواجز اسمنتية وجنود مدججين بالسلاح واطقم موجهه الى صدور من تسول له أنفسهم الاقتراب، هذه المنطقة (حقات) لها ذكريات خاصة لدى ابناء عدن والجنوب عامة، فيها كانوا يقضون الأوقات الجميلة ومنها كانوا يمرون الى جبل معاشق زرافات وافواجا من الرجال والنساء والاطفال، اسر بكاملها كانت تذهب الى ساحل يسمى (ابو الوادي) حيث يتواجد في هذا الساحل في بطن الجبال المحيطة ضريح لولي الله الصالح (ابو الوادي)، ويقضون اليوم بكامله هناك، ويذبحون الذبائح ويطبخون الطعام الذي يوزع على رواد هذا الساحل، ويبيتون ايضاً حتى اليوم التالي، على اضواء الفوانيس التي كانت تنتشر على طول الساحل في مشهد لا يُنسى ولا يمحى من الذاكرة وان طالت سنون الحرمان المنتهية قريبا بإذن الله.

مسبح حقات متنفس شباب عدن
وحرصا من بلدية عدن على استمرارية مسبح حقات كمتنفس لكل محبي السباحة ورأفة بالأرواح التي كانت تهدر في البحار.. قامت بلدية عدن بإدارة هذا المسبح وتحديد الرسوم المناسبة للدخول، وكانت البلدية وقتها تزوده بماء البحر الذي يسحب إلى داخل أحواض المسبح نظيفا بالمطهرات بين الحين والآخر لإزالة الشوائب التي تطفو على سطح الماء، وكانت صحة البيئة تتردد على المسبح لفحص المياه للتأكد من نظافتها ونقاوتها.
كما أن مبنى مسبح حقات لم تقتصر فائدته على ممارسة رياضة السباحة فقط بل كان يتعدى ذلك إلى إقامة المعارض التجارية والمهرجانات الأدبية والفنية والكثير من الفعاليات والنشاطات الاجتماعية المتعددة والمختلفة، بالإضافة إلى وجود مطعم فخم وراق ونظيف تتوفر فيه مختلف الوجبات الخفيفة والعصائر وانواع الحلويات والبسكويت للأطفال.

إدارة المسبح
كان للمسبح نظام للتشغيل من قبل الادارات التي تعاقبت منذ انشائه، وكان يرأسها كبار الموظفين المحليين والشخصيات الرياضية، ومن ارتبط اسمه خلال الفترة من عام 70م حتى العام 90م الأستاذ القدير (يوسف حسن السعيدي) رحمه الله الذي اطلق عليه الشباب (ابو الشباب) من حبهم له وتقديرهم لشخصيته المحببة المخلصة، فنجده دائم التجوال على مرافق المسبح يتفقدها بعناية ويعطي التوجيهات للحفاظ على النظافة والأمن، وتميز نظام التشغيل للمسبح بأعمال كثيرة، فعندما يدخل الزائر الى المسبح يدفع رسوما رمزية ويذهب مباشرة الى غرفة الملابس لخلع ملابسه واحضارها الى قسم خاص فيه موظف او اثنان يقومان باستلام ملابسه ووضعها في دواليب خاصة مرقمة ويسلما الزائر قطعة بلاستيكية مسجلا فيها رقم دولاب الملابس ليضعها في يده ويقوم عند مغادرته بتسليمها للموظف ليتسلم ملابسه، اما الاطفال فقد كانوا يقضون وقتاً جميلا في حوض سباحتهم وفي المراجيح المتواجدة بجانب حوضهم، لقد تعلم ابناء عدن شبابهم واطفالهم النظام منذ نعومة اظفارهم وجبلوا عليه، الامر الذي ساعد في استمرار المسبح بنظافته ورونقه.
عمل الأستاذ المرحوم (يوسف حسن السعيدي) على تطوير مسبح حقات والحفاظ عليه طيلة فترة توليه مسئولية ادارته كمدير له، فوضع برنامجاً للتشغيل حدد فيه يوماً للنساء فقط، وقام بتوظيف عاملات ومنقذات فيه، كما قام بتحديد يوم او يومين في الاسبوع يفتح فيه المسبح في الفترة المسائية وخاصة في العطلة الصيفية للمدارس ولمدة خمس ساعات من السابعة مساء حتى الثانية عشرة ليلاً، وعمل على تزويد المسبح بأعمدة انارة، وفي هذين اليومين يكتظ المسبح بالشباب من مختلف مدن ومناطق عدن.
هنا دعونا نتوقف قليلاً لنرى كيف واين يقضي الشباب اوقاتهم هذه الأيام في ظل انعدام المتنفسات والشواطئ الجميلة المفتوحة الخالية من البناء والاكشاك وأدخنة المطاعم الصغيرة التي انتشرت على امتدادها، للأسف الشديد لجأ الشباب الى البحث عن بديل، ولما لم يجدوا ندبوا حظهم ولعنوا من افسد متنفساتهم، فاختار البعض منهم اماكن لقضاء اوقاتهم لا تليق بهم، والبعض الآخر اكتفى بجلسات القات المضرة غير المفيدة، فالفراغ الذي يعيشونه اصبح مصدر قلق لآبائهم واسرهم لكنهم بدؤوا يستشعرون مؤخرا المسئولية ويسعون لبناء مستقبلهم من خلال استعادة دولتهم ومقدراتهم ومكتسباتهم ومنجزات آبائهم واجدادهم لينعموا بحياة حرة وكريمة مزدهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.