لا يخفى على أحد أن الجزيرة العربية تتمتع بموقع إستراتيجي كبير والموقع الذي ميز الله به الجزيرة العربية لم يأت من فراغ بل هناك عوامل جعلت من الجزيرة العربية محطا لأنظار العالم القديم والمعاصر، لأهداف إقتصادية وسياسية. ومن هذه العوامل التي جعلت العالم ينظر للجزيرة العربية بأهتمام: • وجود البحر الأحمر الذي يعتبر واحدا من أهم طرق الملاحة الرئيسة في العالم. إذ يربط بين قارات ثلاث هي آسيا وأفريقيا وأوروبا. وتمثل قناة السويس في شماله وباب المندب في جنوبه أهمية إستراتيجية دولية كمعبر تجاري تعبر منه التجارة العالمية. • ومن العوامل وجود أهم الموانئ الشهيرة، والتي احتلت مكانتها العالمية من قبل ميلاد المسيح. فميناء مدينة عدن التي تقوم على شبه جزيرة صغيرة في أقصى الجزيرة العربية والتي كان لها حضورها التجاري في التاريخ قبل الإسلام وبعده. فقد مثلت عدن مركزا من مراكز التجارة العالمية ومحطاتها بين الشرق والغرب. وهي تقع على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر. لذا كانت سواحل عدن مليئة بالخيرات. وقد وصف بعضهم سواحل الاندلس بأنها عدنية. وتطل عدن على المحيط الهندي. وتنبع أهمية عدن اليوم كونها ميناء تجاري من أهم الموانئ في المنطقة. وفي حين كانت من أهم اسواق العرب في الجاهلية والإسلام إلى أن تحولت مركزاً دفاعيا لقوات الدولة العثمانية في المدخل الجنوبي للجزيرة العرببة. وبالتعاون مع مسلمي الصومال والحبشة تم منع كافة السفن البرتغالية المسيحية من دخول البحر الاحمر. وكانت عدن مركزا رئيسا لتصدير منتجات: اللبان والطيب والبخور والجلود وثياب عدن النفيسة، حيث ان عدن اشتهرت بالبرود العدنية. ومما ينقل كذلك عبر عدن توابل الهند ورقيق إفريقيا والصمغ والعاج، كما كانوا ينقلون من الطائف: الزبيب، ومن مناجم بني سليم: الذهب. كل ذلك كانوا ينقلونه إلى حوض البحر المتوسط، ويعودون محملين بالأسلحة والقمح والزيت والخمر والثياب القطنية والكتانية والحريرية. ومعلوم أن عدن لا تمتلك أي موارد طبيعية تذكر، لكن موقعها بين مصر والهند جعلها ذات اهمية كبيرة لوقوعها في طريق التجارة. ومن خلال هذا الموقع البحري المهم قام أهل اليمن القدماء بدور التجار الوسطاء واشتهرت عدن كسوق كبير جعلها بمثابة حلقة وصل بين قارات العالم القديم. فكانت مرفأ لمراكب التجار، فلهذا يجتمع إليها الناس ويحمل إليها متاع الهند والسند والصين والحبشة وفارس والعراق. وهو كذلك يتمتع بذات الأهمية إلى يوم الناس هذا، حيث يعتبر البحر الاحمر منفذ رئيس لتصدير نفط الخليج إلى الأسواق العالمية، كما أنه المنفذ البحري والرابط الأساسي بين التجارة الراغبة في الوصول إلى ما بين البحر المتوسط والمحيط الهندي وبحر العرب. لذا فمكانته كبيرة في مجال الجغرافيا السياسية والجغرافية الإستراتيجية. ُ ونظرا لهذه الأهمية فقد حرصت القوى الكبرى قديما مثل الرومان والفرس والبيزنطيين وغيرهم على السيطرة على اليمن وخصوصا عدن. ودائما المحتل يحاول ايجاد المبررات المناسبة لتدخله واحتلاله لأي منطقة. وقد كان التدخل القديم للسيطرة على البحر الاحمر تحت ذريعة محاربة لصوص البحر أو مايعرف حاليا بالقراصنة كما فعل هذا الرومان. • ففي عهد كما يرى البعض "كلوديوس" "41-54م" أو قبل ذلك بقليل و بعد فشلهم في السيطرة على بلاد اليمن عبر البر اتجهوا للسيطرة على عدن عبر البحر وبعد الاستيلاء عليها كان بإمكانهم الاستراحة والإقلاع من عدن إلى الهند وسواحل افريقيا وغيرها من البلاد ولا يعرف أحد متى خرج الرومان من عدن لكن المعروف أن الرومان والروم كانوا يقيمون وزنا لعدن ومينائها • وقد حاول كذلك الأحباش قديما السيطرة على عدن لاهميتها حيث أورد المؤرخ عبدالله محيرز : إلى وجود نقش في متحف اللوفر في فرنسا . وقد أورد النقش عدن مقرونة بالصهاريج ويعود هذا النقش الى عهد (ياسر يهنعم) ملك سبأ وذي ريدان وأورد النقش حادثة مطاردة هذا الملك للأحباش في ميناء عدن حيث كلف احد أشهر أقياله في حينه (حظين أو كن بن معاهد وذي خولان ) بالاتجاه الى عدن بعد أن خشي أن يطوق الاحباش الميناء ويقول ذلك القيل انه أتجه الى الميناء هو وقبيلته ودافعوا عنه وقد نجحت مهمتهم ومزقوا مراكب الاحباش وقتلوهم ومن بقي منهم مات غريقا في البحر وتعتبر هذه المعركة هي الاولى من نوعها التي تصفها النقوش. • ويرى المؤرخ (بروكوبيوس) أن الروم كانت لديهم صلات وثيقة بمملكة أكسوم وقاموا بتهديد اليمن بالغزو إن قاومت اليمن مصالحهم في البحر الاحمر • وذكر ابن المجاور في تاريخ المستبصر قصة غزو صاحب جزيرة قيس لعدن. وهي جزيرة في الخليج العربي استوطنتها قبائل عربية, أغلبها من الأزد, أهل اليمن واشتغلوا بصيد السمك واللؤلؤ, ثم اشتغلوا بنقل البضائع بين موانئ الخليج العربي وكل من الهند وشرق إفريقيا, كبحارة وأصحاب سفن, واشترك بعضهم بالتجارة. وكانت سيراف على الجهة المقابلة لخليج هرمز, وهي في إيران تتحكم في خليج هرمز. وكانت أهم ميناء للتجارة بين الرافدين ودار الخلافة في العراق وبين الهند والصين وشرق إفريقيا. وكان حكامها من الفرس المسلمين السنّة. وقد أورد ابن المجاور أنهم احتلوا عدنا وبنو صهاريج منها صهريج الزعفران وماؤه أعذب من الفرات. ولكنه لم يذكر متى حكموا عدن. وقد حصل صراع قديم بين عدة قوى بينها البيزنطيين والفرس حيث أستطاع الفرس قطع شريان التجارة العالمية عنهم وخلاصة الموضوع أن الصراعات قديما وحديثا هي صراعات من أجل المصالح التجارية والنفوذ وقد تستخدم هذه القوى التدخل المباشر للسيطرة أو عن طريق الوكلاء أو عن احتكار التجار انفسهم على التجارات ويصبح من السهل عليهم تحويل طرق التجارة من سوق لآخر و من ميناء الى اخر ومن هذا . • أنه كان هناك تاجرا من أهل الهند أسمه (الخواجه إبراهيم) كان يتردد إلى عدن كل سنة للتجارة، وله مراكب، فحصل عليه ظلم في ولاية أحد الولاة وذلك في آخر أيام الناصر بن الأشرف، فأمر تجار الهند أن يتجاوزوا عدن إلى جدة، وجمع نحو سبعة عشر مركبا، وجنب بهم على عدن مجاوزا إلى جدة، وذلك في سنة تسع وعشرين وثمانمائة. وهكذا لا تزدهر عدن الا بتفعيل دورها التجاري عن طريق الإهتمام بالميناء وبالأمن والإستقراء وإلا إذا حدث انفلات للامن وعدم إستقرار فإن بيئة عدن تكون طاردة للحياة التجارية وكذا العلمية يذكر البار : أن صلاح بن علي الطائي الذي كان تاجراً بعدن في عهد الناصر الغساني الرسولي الذي حصل ظلم على الناس وخصوصا التجار في عهده فهرب التجار من عدن إلى جدةوالهند وخرج صلاح بن علي إلى مينبار فصودرت تجارته ومن أملاكه "دار الطويلة" ودار الطويلة كان متجرا للملوك "أي حكام عدن وحكام اليمن" ولما حصل الظلم على الرعية والتجار في أيام الناصر بن الأشرف .. هرب غالب الناس من عدنولحج، وباعوا أملاكهم بأبخس ثمن، فانتهز با حنان الفرصة، واشترى جملة من العقار من دور وفنادق ودكاكين بثغر عدن، وجملة من الأراضي المزدرعة بوادي لحج، وهي التي عاد نفعها على أولاده من بعده. وأنشأ بعدن مدرسة بسوق الخزف، وأوقف على مصالحها فندقا بعدن، وأوقف أرضا بلحج وكانت وفاته سنة 856ه المراجع المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام قلادة النحر تعريف الاماكن الواردة في البداية والنهاية تاريخ الادب في العصر الجاهلي أثار البلاد وأخبار العباد نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب