بعد أن تنفذ الغربان في فضاء الحمائم المسالمة وقع مَن وقع منها في الأسر واستسلم أفواج منها لهيمنة الغربان ظناً منهم أنهم سوف يكونون بسلام ويستطيعون مواصلة الحياة وصوت عامتهم يقول : نريد أن نعيش بسلام .. وتستمر الحياة لكن هيهات لهم أن يستقر فقد خيم في سماء الفضاء الحزن بعد القضاء على الأصوات المعارضة من الحمام والتي رفضت تسلط الغربان ، يصدر قائد الغربان القرار: بعد أن استقر الوضع لنا سنبدأ بتوطيد الحكم ارتفع نعيق الغربان وهم يسألون قائدهم كيف يكون ذلك: كيف نضمن استمرار الحكم والسيطرة على هذا الفضاء حتى يكون لنا ولأجيال الغربان من بعدنا يخفق كبيرهم بجناحيه صعوداً وهبوطاً قبل أن يستقر على غصن شجرة قد ذبل خضار غصونها وسكنت الحشرات القارضة جذورها وقد هيئ له الاتباع من الغربان عريش يضله من الشمس وقبل ان يبدأ بشرح ما سيقوم به من اجراءات يطلب من جميع الحاضرين الإنصات بإشارة اعتاد فعلها ليلقي خطابه وهي ضم أحد جناحيه وبسط الأخر ، فصمت جميع الحضور ثم بدأ بسرد الاجراء: سنقوم بتعيين مجلس للشورى يتولى وضع الأنظمة والنواميس التي تنظم حياتنا ويصنع لنا القرارات التي تضمن لنا الاحتفاظ بالوطن إلى الأبد دون أن ينازعنا فيه منازع وتجعل من سكان الفضاء الأصليين عبيد لنا يحق لنا أن نسخرهم في كل الأعمال التي من شأنها احتقارهم وتحقيق مصالحنا ، وتضمن السيادة لي ومن بعدي أبنائي يرتفع صوت أحد الغربان من الذين كان لهم دور في الانقضاض على وطن الحمام لبيدي رأيه لأنه كان صاحب صوت مسموع عند زعيم الغربان : لماذا لا يكون المجلس بالانتخاب .. حتى نهيئ فضاء ديموقراطي يكفل وصول أفضل القوم إلى المناصب القيادية لقبيلة الغربان وبهذا نحتفظ بالوطن إلى الأبد يمتعض زعيم الغربان مما يسمع ويعبر عن ذلك بترك الجموع والتحليق عالياً على نحو مفاجئ ثم يهبط منقضاً على ذلك الصوت المعارض حتى يلقيه صريعاً ، تعمُّ الفوضى وترتفع أصوات الغربان بالنعيق واستنكار الفعل لكن سرعان ما يسود الصمت بعد استقرار زعيمهم على الغصن الهرِم وهو يختار الفريق الذي سيشكل منه المجلس , فإذا به يختار الضعيف والمتقلب المزاج والذي يقف حتى مصلحته والذي لا يعرف إلا أن يكون متبوعاً عرف الجميع أن هذا المجلس هو مجلس صوري أراد الزعيم أن يحتفظ بمنصب الزعامة لنفسة وأنه مجرد مجلس تابع لتحقيق مصالح الزعيم ولكنهم لا يملكون حق الاعتراض حتى لا ينزل بهم ما حلَّ بالغراب الشاب أمام أعينهم ينصرف الجمع ويقف القليل يصفقون ويهللون لحسن منطق زعيمهم