تضامننا المطلق مع العودي ورفاقه    الصين تعلن اكتشاف أكبر منجم ذهب في تاريخها    مئات الوقفات في صعدة وفاء للشهداء ومباركة للإنجازات الأمنية    بينها السعودية ومصر.. 25 دولة متهمة بالتواطؤ لتزويدها "إسرائيل "بالنفط    حارس الجلاء يصنع الفارق ويقود فريقه إلى نهائي كأس العاصمة عدن    تواصل المنافسات الرياضية في ثاني أيام بطولة الشركات    إصلاح أمانة العاصمة: اختطاف العودي ورفيقيه تعبير عن هلع مليشيا الحوثي واقتراب نهايتها    رغم اعتراض أعضاء الرئاسي والقانونية.. قرارات الزبيدي تعتمد رسميا    نمو إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في الصين بأضعف وتيرة منذ أكثر من عام    أبين.. حريق يلتهم مزارع موز في الكود    جيش المدرسين !    مصرع مجندان للعدوان بتفجير عبوة ناسفة في ابين    وجهة نظر فيما يخص موقع واعي وحجب صفحات الخصوم    استشهاد جندي من الحزام الأمني وإصابة آخر في تفجير إرهابي بالوضيع    الانتقالي والالتحام بكفاءات وقدرات شعب الجنوب    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    خبير في الطقس: موجة اشد برودة خلال الأسبوع القادم    بعد صفعة المعادن النادرة.. ألمانيا تُعيد رسم سياستها التجارية مع الصين    البرتغال تسقط أمام إيرلندا.. ورونالدو يُطرد    الحسم يتأجل للإياب.. تعادل الامارات مع العراق    مهام عاجلة أمام المجلس الانتقالي وسط تحديات اللحظة السياسية    الدفاع والأركان العامة تنعيان اللواء الركن محمد عشيش    عدن تختنق بين غياب الدولة وتدفق المهاجرين.. والمواطن الجنوبي يدفع الثمن    بطاقة حيدان الذكية ضمن المخطط الصهيوني للقضاء على البشرية باللقاحات    أوروبا تتجه لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا    حكام العرب وأقنعة السلطة    الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء محمد عشيش    مي عز الدين تعلن عقد قرانها وتفاجئ جمهورها    جمعيات المتقاعدين والمبعدين الجنوبيين تعود إلى الواجهة معلنة عن اعتصام في عدن    الملحق الافريقي المؤهل لمونديال 2026: نيجيريا تتخطى الغابون بعد التمديد وتصعد للنهائي    مبابي يقود فرنسا للتأهل لمونديال 2026 عقب تخطي اوكرانيا برباعية    هالاند يقود النرويج لاكتساح إستونيا ويقربها من التأهل لمونديال 2026    الرئيس عون رعى المؤتمر الوطني "نحو استراتيجية وطنية للرياضة في لبنان"    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    قراءة تحليلية لنص "فشل ولكن ليس للابد" ل"أحمد سيف حاشد"    الرياض.. توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز الطاقة في اليمن بقدرة 300 ميجاوات بدعم سعودي    عدن.. البنك المركزي يغلق منشأة صرافة    صنعاء.. البنك المركزي يوجه المؤسسات المالية بشأن بطائق الهوية    جوم الإرهاب في زمن البث المباشر    أغلبها استقرت بمأرب.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 90 أسرة يمنية خلال الأسبوع الماضي    وزير الصناعية يؤكد على أهمية تمكين المرأة اقتصاديا وتوسيع مشاركتها في القطاعات التجارية    غموض يلف حادثة انتحار مرافِق المخلافي داخل سجنه في تعز    القصبي.. بين «حلم الحياة» و«طال عمره» 40 عاما على خشبة المسرح    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    شبوة:فعالية تأبينية مهيبة للإعلامي والإذاعي وكروان التعليق الرياضي فائز محروق    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    مناقشة آليات توفير مادة الغاز المنزلي لمحافظة البيضاء    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مظاهرات السودان: عودة ميليشيات الجنجويد المرعبة
نشر في عدن الغد يوم 06 - 06 - 2019

واجه الجيش السوداني إدانة دولية متزايدة بسبب هجومه العنيف على المتظاهرين، والذي أسفر عن مقتل العشرات. لكن كانت هناك مؤشرات واضحة على أن هذا سيحدث على الأرجح.
حتى عندما بلغت الحشود أكبر حجم لها وخامرها شعور بالفرحة، كان هناك شعور بخطر يلوح في الأفق.
لم تكن بحاجة للابتعاد كثيرا عن الاعتصام كي ترى قوات الدعم السريع، التي يجوب أفرادها الشوارع على متن شاحنات صغيرة.
وعلى عكس الجيش النظامي، نادرا ما يرد هؤلاء الرجال المسلحون التحية. وإن فعلوا، فتكون إيماءة باهتة، لا أثر فيها لابتسامة.
لم يفاجئني ذلك.
أتذكرهم من دارفور قبل 14 عاما. هناك عرفوا باسم "الجنجويد" واكتسبوا سمعة سيئة بارتكاب أعمال مروعة بحق المدنيين.
رأيتهم في عام 2005 يضربون المدنيين ويرهبونهم في معسكر للنازحين، وقابلت ناجين من التعذيب والاغتصاب.
والآن ينقلون عنفهم إلى شوارع العاصمة.
تراجع السودان بسبب مؤامرة النخبة العسكرية التي تتمثل أولويتها في الحفاظ على سلطتها وامتيازاتها.
المجلس العسكري الانتقالي ألغى الاتفاقات التي أبرمت مع قوى الحرية والتغيير المعارضة بحجة الإسراع في الانتقال إلى إجراء انتخابات ديمقراطية كاملة، في غضون تسعة أشهر.
مصدر الصورةGETTY IMAGES
ولا تهدف الخطة، التي هي أشبه بالخيال، إلى تشكيل حكم مدني أو أي شيء من هذا القبيل.
هناك الكثير من الحالات السابقة في أفريقيا وغيرها من المناطق لانتخابات تمر بإجراءات تتسم بالديمقراطية، دون أن تحوي مضمونها.
لا تتفاجئ إذا رأيت شخصيات بارزة في المجلس العسكري الانتقالي "تتقاعد" من الجيش لتخوض الانتخابات كمرشحين مدنيين.
والأمر الذي لن يتغير هو السيطرة العسكرية على حياة السودانيين.
قوى الحرية والتغيير وحلفاؤها في المجتمع المدني يعتبرون بصورة ما ضحايا نجاحهم المذهل في الأيام الأولى من الثورة.
ففي غضون 24 ساعة، أطاحوا بالرئيس عمر البشير والرجل العسكري الذي قاد الانقلاب ضده.
وبدا أن 30 عاما من الحكم قد مُنيت بهزيمة.
واجتذب مشهد الاعتصام الناشطين من جميع مناحي الحياة السودانية، وأصبح قلعة للحرية.
كان الجو محفزا ومفعما بمناقشات بين الناس مع ترديد الأغنيات وإنتاج أعمال فنية.
مصدر الصورةGETTY IMAGES
كانوا قد أصدروا بيانات بشأن حقوق المرأة، وحرية الإعلام، والعدالة، والاقتصاد، وغير ذلك الكثير.
إلا أن التنوع كان نقطة ضعف في الوقت نفسه.
الجميع اتفق على أن الحكم المدني هو المطلب الأساسي.
لكن ظهرت خلافات حتمية بشأن تفاصيل تحقيق هذا الهدف: ما هو الإطار الزمني؟ وما هو التوازن بين نسبة التمثيل العسكري والمدني؟ وأي الشخصيات التي تمثل أي المجموعات ستتولى مناصب في أي ترتيبات انتقالية؟
لم يكن أي من هذه المناقشات خطيرة في حد ذاتها، لكنهم سلطوا الضوء على صعوبات كونها "حركة شعبية" مقارنة بحزب سياسي متأسس وله هيكل وانضباط داخلي لإجراء تغييرات سريعة على طاولة المفاوضات.
التشدد يسيطر
كانت هناك مشكلة أخرى.
مع زوال أثر صدمة الإطاحة بنظام البشير، عادت السياسة القديمة للسودان إلى الظهور.
فقد صممت الأحزاب والشخصيات التي تعرضت للقمع في ظل الديكتاتورية على عدم الابتعاد عن المشهد في حالة مشاركة السلطة السياسية.
مصدر الصورةGETTY IMAGES
وسمح هذا الأمر للجيش بتوصيف المتظاهرين على أنهم ببساطة إحدى الجماعات التي كانت طرفا في المفاوضات، متجاهلين حقيقة أنه لم تكن لتوجد مفاوضات دون التظاهرات.
وأصبح التأخير أو التفكيك باسم إشراك الجميع تكتيكا.
وبمجرد أن تعافى الجيش من حالة الارتباك التي واجهته بسبب الإطاحة بالبشير، أعاد تجميع صفوفه وسيطرت العناصر الأكثر تشددا.
وهذا ما يفسر تفوق قائد قوات الدعم السريع، محمد "حميدتي" حمدان، الذي جعلته شخصيته الصارمة في دارفور القائد المحتمل لثورة مضادة.
وعلى نقيض الكثير من شخصيات النخبة العسكرية، يعد حميدتي شخصا دخيلا.
فهو ينحدر من خلفية ريفية، وليس لديه روابط عائلية أو أي انتماء شعوري تجاه الطبقة المتوسطة الشابة التي تحتج في شوارع الخرطوم.
عالم منقسم
يتمتع الجيش أيضا بميزة أخرى كبيرة، وهي أن هذا هو عصر الانقسام الدولي.
فكرة "المجتمع الدولي" الذي قد يضغط على النظام هي من ضرب الخيال.
مصدر الصورةASHRAF SHAZLY
تحكم العالم حاليا مجموعة من المصالح، أحيانا تكون متكاملة، وغالبا تكون متنافسة.
ولا يعد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منبرا يمكن الموافقة من خلاله على أي نوع من العمل المتضافر بشأن السودان.
وسوف تعرقل روسيا والصين أي تحرك يهدف إلى زيادة العقوبات على الخرطوم.
كما أن إدانة مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، الذي وصف أعمال العنف في الخرطوم بأنها "بغيضة"، لن تعني أي شيء إلا إذا طلبت الولايات المتحدة من حلفائها الإقليميين، مصر والسعودية والإمارات، ممارسة ضغوط على الجيش السوداني.
ومن الصعب في الوقت الراهن تخيل اتصال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالقاهرة أو الرياض والإصرار على الانتقال السريع إلى الحكم المدني.
ترامب لديه أولويات أخرى، مثل الحدود المكسيكية، وفنزويلا، وإيران، والحرب التجارية مع الصين.
ماذا عن الحل الأفريقي؟
كان الاتحاد الإفريقي من أوائل المؤيدين للحكم المدني بعد سقوط البشير، بيد أن رد فعل الاتحاد تجاه نتائج الانتخابات في جمهورية الكونغو الديمقراطية في يناير/ كانون الثاني تستوجب توخي الحذر، إذ أن الاتحاد انتقد أولا ما اعتبره كثير من المراقبين حلا، قبل أن يتراجع.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، تحدث الاتحاد عن ضرورة عدم تدخل لاعبين دوليين في شؤون السودان.
ويجب الأخذ في الاعتبار أن الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي يعتبر نموذجا للسيطرة العسكرية على السلطة.
وتكشف أزمة السودان حقيقة المشهد الدولي القائم.
يمكن لقوة أن تشق طريقها بدون عواقب إذا كان القتلة يمثلون قيمة كبيرة بما يكفي لقوى أخرى أقوى استراتيجيا وأيدولوجيا واستخباراتيا واقتصاديا.
من الممكن أن يتخذ الرئيس ترامب موقفا بشأن السودان ويضغط على حلفائه للتحرك، وأن يهدد الاتحاد الأفريقي من جهته بطرد السودان وعزله، وذلك إذا ظهرت عناصر أكثر اعتدالا في الجيش تتحدى "حميدتي" وأنصاره. إنه أمر ممكن، لكنه بالتأكيد غير مرجح.
أتذكر حديثي مع ناشط بارز في التظاهرات في شهر أبريل/ نيسان. أخبرني أن "الاعتصام هو الورقة الوحيدة التي لدينا. ولهذا يجب الإبقاء عليه".
مصدر الصورةAFP
لكن الآن وقد فضّ الاعتصام، إلى أين تذهب المعارضة؟
تعرض الثوار السلميون للضرب والصدمة.
ويستحيل حاليا الحديث عما إذا كانت قوى الحرية والتغيير يمكن أن تعود كقوة مدفوعة في الشوارع.
كما ظهرت دعوات للعصيان المدني والإضراب.
ومن المرجح أن تُقابل أي من هذه التحركات بعنف لا يرحم.
بيد أن الأمر الذي لن يتغير، وترسخ بالفعل، هو انفصال الناس عن حكامهم.
القمع قد ينجح كاستراتيجية الآن، ولكن ليس إلى أجل غير مسمى.
السودان يعتمد حاليا على الجيران الأقوياء من أجل بقائه الاقتصادي.
لكن الاعتماد على المصريين والسعوديين سوف يغضب الكثير من السودانيين وليس المحتجين فقط، وهو ما يضيف بعدا وطنيا أكثر صراحة للأزمة الحالية.
لقد نجح الجنرالات في سحق الاحتجاج ولكن متابعهم ربما قد بدأت للتو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.