تشهد الساحة اليمنية تحولات خطيرة في مسار العمل السياسي منذ بدء الحرب في 2014م "ومن هذه التحولات نشوء المليشيات الداعية لانفصال الجنوب عن الشمال وتمدد نفوذها في بعض المحافظاتالجنوبية، في خطوة خطيرة تهدد بنسف الغاية الكبرى للحرب الهادفة لتطهير اليمن من النفوذ الإيراني. إن تشطير اليمن لن يكون قضية عابرة بل زلزال سيهز المنطقة، وربما سيفتح الباب لتجزئة دول عربية أخرى خاصة ممن تحكمها سلطات مركزية هشة – مثلما هو الأمر في العراق وسوريا والسودان – وهو على كل حال حلم دائم للقوى الأجنبية والإقليمية، فتجزئة العرب وتقسيم دولهم سيناريو تتقاسمه أطماع إسرائيل وإيران وتركيا مع الأجندات الغربية، وما جنوب السودان عنا ببعيد. فانفصال الجنوب كان مشروعًا إيرانيًا قبل الحرب، ويذكر في هذا الصدد أن «حزب الله» أول من ساعد الحراك الجنوبي أثناء النضال ضد علي عبدالله صالح، في إطلاق قناة «عدن لايف» من الضاحية الجنوبية لبيروت، وأوى علي سالم البيض أبرز القادة الجنوبيين المنادين بالانفصال، بل ويتردد أن إيران قدمت دعمًا ماليًا مباشرًا للحراكيين، في الوقت ذاته هي التي كانت تسلح الحوثيين بالشمال وتعدّهم لليوم الذي يتمكنون فيه من السيطرة على صنعاء وعلى السلطة اليمنية بأكملها. أما كيف يخدم تشطير اليمن الاستراتيجية الإيرانية، فيمكن رؤية ذلك بوضوح في وضع السعودية - كمنافس إقليمي لإيران - تحت التهديد الأمني، وايضاً تكوين حكومة يمنية جنوبية موالية يمكن أن تتيح لطهران فرصة الحضور الاستراتيجي على مضيق باب المندب وإشراف إيران على مضيق باب المندب رصيد استراتيجي لا يقل أهمية عن تحكمها في مضيق هرمز، وهذا تعزيز خطير لاستراتيجية المضائق التي تسعى طهران لتكون ورقة تفاوض ومساومة لصالح مشروع النفوذ الإقليمي وخط دفاع متقدم في صراع المصالح الإيرانية مع الغرب، الذي يخبو أحيانًا بفعل دبلوماسية التخادم «سياسات أوباما والاتفاق النووي» ويشتعل أحيانًا أخرى بسبب شراهة الطموحات الإيرانية. إن انفراط الوحدة اليمنية وقيام حكومة مستقلة في عدن، سينظر له باعتباره ضربة قاصمة للنظام السياسي العربي وللأمن القومي العربي، فالتاريخ يعلمنا أن إشراف حكومة ضعيفة في عدن على باب المندب، يهيئ الفرص للعبة أمم في جنوب الجزيرة العربية، أو بمعنى آخر وصاية إقليمية أو دولية، فقد مر بهذه الأراضي الفرس والأحباش والأتراك والمستعمرون الغربيون بجميع إمبراطورياتهم، وختم ذلك بالوصاية الشيوعية للسوفييت، حتى قامت الوحدة اليمنية عام 1990. وربما يغري الانفصال ورثة السلاطين في اتحاد الجنوب العربي باستعادة أمجاد سلطاناتهم ال17، التي كانت موجودة منذ ثلاثة قرون إلى ما قبل 60 عامًا، وما يغري بذلك هو وجود تململ جنوبي من احتكار أبناء الضالع وأبين للسلطة في عدن، منذ استقلال الجنوب عام 1967م فالإقليمية والمناطقية قوة ضاربة في الثقافة اليمنية، وإن كان الحس القومي والوحدوي هو الأعلى لدى النخب اليمنية. والخلاصة: فان علئ دول الخليج عدم التفكير مجرد التفكير في دعم انفصال الجنوب لانها ستكون المتضرر الاول منه.