مرت الأمة الإسلامية بظروف أشد وطأة مما تعانيه اليوم من ضعف وتفرقة وتشرذم ومن يجهل ذلك فما عليه سوى أن يقلب في ارشيف وكتب التاريخ ليعرف كيف اجتياح المغول العالم الإسلامي ويستبين مواقف بعض الحكام العرب والمسلمين حينها والتي قد يجد بإنها أسوأ بكثير من مواقف اليوم، نقول لكل من يجهل ذلك بالرجوع إلى تاريخ الأندلس ففيه الكثير من الدروس والمواعظ والعبر، وكذلك بقراءة تاريخ الحروب الصليبية ولمن كان الظفر فيها فمن يضحك أخيراً يضحك كثيراً والعبرة في الخواتيم، فالخير باق في هذه الأمة إلى قيام الساعة وهذا وعد من الله ورسوله. من يصدق أن سبعين قاضياً أفتوا بقتل الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله إمام أهل السنة والجماعة، من لديه علم بأسماء هؤلاء اليوم؟ فقد نبذهم التأريخ ومسحهم من سجلاته ذاك التأريخ نفسه الذي لم ينسى او يتغافل مآثر ومناقب شيخ الإسلام الإمام الواعظ أحمد أبن حنبل رحمة الله تغشاه كقامة إسلامية ودينية حية شامخة وبأسقة وباقية لا تزال على مر العصور تزين صفات التاريخ بأنصع المواقف الدينية والأخلاقية. في نهاية الستينات لم يعرف في جامعة القاهرة إلا فتاة واحدة محجبة واليوم كيف الوضع في الجامعات المصرية، في نهاية السبعينات لم يعرف في جامعات المغرب إلا فتاة واحدة محجبة كانت مدار تهكم من الطلاب والأساتذة لكن كيف الوضع اليوم؟. المحن أمر طبيعي والابتلاء سنة كونية ليميز الله بها الخبيث من الطيب، ولكن اليأس والخنوع والجزع والاستسلام ليس من أخلاق المسلمين ولا من منهج دعاته ومصلحيه. خيم الاستعمار على أغلب بلدان المسلمين وحاول حرفهم بكل الطرق والإساليب عن دينهم وصدهم عن سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ولكن بحمد الله فشلوا وخاب مسعاهم، تسلط الغرب الكافر والشرق الملحد والرافضة المجوس وتواطؤوا في القضاء على المسلمين كما في فلسطين والشام والعراق وغيرها وهذا ليس نهاية المطاف او موت الأمة كلا بل هو جزء من الصراع والسنن الكونية الربانية باتجاه الفرج التام، والنصر الكبير على الظلم والظلام في كل مكان بإذن الله تعالى، مررنا بزمان لا يغشى المساجد إلا كبار السن أما الشباب فلهم ميادين أخرى، اما اليوم في كل بلدان المسلمين الشباب يحافظ أغلبهم على الصلوات ويملأون المساجد في حلقات القرآن الكريم وفي المحاضرات وفي رمضان وفي المناشط المتنوعة رغم التغريب والعلمنة والتضييق فمهما فعل الأعداء بنا فلن ينالوا من ديننا ولا من إيماننا، نعم نعاني ضعفاً وتفرقاً كما مر بأمتنا سابقاً لكن لنا كرة قريبة وقوة متحدة بإذن الله. من يصدق أن المغول المجرمين المفسدين في الأرض والمنتصرين على المسلمين في نهاية المطاف يدخلون الإسلام ويصيرون جزءاً من الأمة المسلمة، يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل { إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } صدق الله العظيم، فهنيئاً لمن رزقه الله سبحانه وتعالى الشهادة مقتولاً أو مظلوماً أو مجاهداً في سبيل الله تعالى او في نشر دعوة الإسلام والخير بين الناس، وكما قيل اﻧﺘﻬﺖ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻨﻤﺮﻭﺩ ﺑﺒﻌﻮﺿﺔ، وﻗﺼﺔ ﻓﺮﻋﻮﻥ ﺑﺎﻟﻤﺎء، والأحزاب بالريح، فلا تشغل بالك بكيف سينهي الله الباطل، ولكن أشغل بالك بكيف تدافع عن الحق وتكون من أهله ودعاته وجنده، نسأل الله ان نكون من اهل الحق ومن انصاره وصدق عز من قائل حين قال { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }.