يعتبر المرتب هو الوسيلة الأساسية لحياة الموظف، والذي يستحقه بصفة شهرية، وبما يكفل الحد الأدنى من الحياة الكريمة له ولمن يعيل، وذلك وفقاً للقانون والعرف والأخلاق والعقد القائم بينه وبين المؤسسة الوظيفية التي يعمل بها، لذلك عملت مختلف التشريعات في مجال الوظيفة العامة، على توفير الضمانات الضرورية لحماية حقوق الموظف، سواء كانت مادية أو معنوية، بهدف تأمين اوضاعه الاجتماعية والاقتصادية، وخلق حوله بيئة مستقرة تحفزه على تحسين أدائه وتعزز ثقته بنفسه وبمؤسسات الدولة التي ينتمي إليها. وحتى تكون تلك الضمانات قائمة على أساس صحيح ، عمل الشارع اليمني وفقاً للدستور على إعادة صياغتها بشكل قواعد ونصوص تشريعية صريحة وواضحة ، في كل من قانون الخدمة المدنية رقم( 19 )لعام 1991م ,قانون الخدمة في القوات المسلحة رقم( 67) لعام 1991م ,قانون هيئة الشرطة رقم( 15) لعام 2000م ,قانون المعاشات والمكافآت رقم(33) لعام 1992م, قانون التأمينات والمعاشات رقم(25)لعام 1991م,قانون الوظائف والأجور والمرتبات رقم ( 45 ) لعام 2005م هدفت في مجملها إلى حماية الموظف من شطط السلطة الإدارية وتعسفها في استعمال سلطتها , فقيد صلاحياتها بهذا الشأن وحدد حالات وقف الراتب أو خصمه والجهات المخولة بذلك, كانت إدارية أو قضائية ,كما هو محدد على سبيل الذكر بالمواد (92-94-93-96-109-110-131-135) من قانون هيئة الشرطة .رقم (15) لعام 2000م . لهذا فإن المساس بحقوق الموظف دون مراعاة تلك الضمانات، التي أقرها القانون، وحددتها اللوائح والنظم الإدارية، يعد تعدي على الحقوق الوظيفية للموظف وانتقاص من وضعه القانوني ومركزه المالي، وإخلالً بالتزامات الدولة تجاهه، الأمر الذي يجعل الدولة مسئولة مسئولية مباشرة عما يلحق بالموظف ومن يعيل من ضرر مادي ومعنوي يوجب التعويض. لذلك فأن قيام وزارة الداخلية ومن اليها من مؤسسات الدولة بتجاوز القانون والخروج عن العرف والاخلاق وتوقيف مرتبات موظفيها , أو نقول بشكل ادق الامتناع عن صرفها , دون أي مبرر قانوني, يعد في مجملة مخالفاً للتشريعات سالفة الذكر ,بل جريمة لها اركانها ومقاصدها الجنائية ,خاصة في مثل هذه الظروف إلا إنسانية التي تمر بها بلادنا والتي أصبحت الجوع فيها وسيلة للإذلال والابتزاز والقتل والتركيع , واصبح فيها معاش الموظف ,ليس أكثر من حالة من حالات الرعاية الاجتماعية التي تصرفها الدولة او منظمات الاغاثة المحلية والاقليمية والدولية. لذا.. نوجه رسالتنا للقائمين على هذا الأمر في السلطة والدولة، لنقول لهم أن المرتب الشهري ليس هبة ولا منحة نستجرها منكم بل هو حق مكتسب نحصل عليه اسوة بكم، وفقاً لما سبق سرده وبموجب قواعد قانونية آمرة لا يجوز مخالفتها. وان أي عمل ادارى يحول بيننا وبين رواتبنا يعد باطلاً وجرماً يستحق العقاب مهما كانت مبرراته، كون التشريعات القانونية واللوائح المنظمة لهذا العمل لم تمنح أي سلطة من سلطاتكم العليا والدنيا، سلطة تقديرية فيما يتعلق بعملية صرف مرتب موظف، فكيف إذا تعلق الأمر بتدخلكم لإيقاف وصرف مرتبات مئات الآلاف من الموظفين. وبحكم كوننا حماة القانون، مهنيين غير سياسيين، لن ننجر إلى ما تريدون جرنا إليه وسنلجأ للقضاء، مجبرين غير مخيرين لانتزاع مرتباتنا وحماية حقوقنا مع تأكيدنا على استمرارنا في أداء مهامنا خدمة للشعب وليس لجماعة الفساد السياسي وذلك وفقاً للمادة (39) من الدستور والمواد (4-7-90) من قانون هيئة الشرطة. في الأخير نناشد دول التحالف والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية ذات الصلة، تقدير حجم الكارثة التي ستلحق بنا جراء حرمان مئات الآلاف من الأشخاص من الغذاء والدواء وغيرها من متطلبات الحياة الضرورية للبقاء نظراً لاستمرار وقف مرتبات من يعولونهم وممارسة الضغط على الشرعية وحكومتها لوقف ارتكاب مثل هذه الجريمة غير المبررة وصرف مرتبات منتسبي الأمن والجيش والشرطة وغيرهم من الموظفين، في المحافظات المحررة وتحييد مؤسسات الدولة والمجتمع عن الصراعات السياسية والبينية التي لا تخدم شعبنا بقدر ما تخدم اعدائنا.