سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    مليار دولار التكلفة الأمريكية لإحباط هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    "ابتزاز سياسي واقتصادي للشرعية"...خبير اقتصادي يكشف سبب طباعة الحوثيين للعملات المزيفة    الحكومة تطالب بتحرك دولي لوقف تجنيد الحوثي للأطفال تحت غطاء المراكز الصيفية    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    الدوري الاوروبي ... ميلان وليفربول يودعان البطولة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    "طاووس الجنان" و"خادمة صاحب الزمان"...دعوة زفاف لعائلة حوثية تُثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مافيها(صورة)    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    إصابة 3 أطفال بانفجار مقذوف شمالي الضالع    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ستدعم السعودية انفصال جنوب اليمن؟
نشر في عدن الغد يوم 28 - 10 - 2019

تلتصق المملكة العربية السعودية باليمن جغرافيًا، واقتضت هذه الصدفة الجيولوجية "التصاقات" أو لنقل التزامات سياسية وأمنية واستراتيجية، متبادلة بين الطرفين.
ومنذ قيام الدولة السعودية أواخر عشرينيات القرن الماضي، أخذت تدخلاتها في اليمن طابعًا عنيفًا، ولم تستخدم - إلا نادرًا - قوتها الناعمة.
*تاريخ من التدخلات*
كانت تلك التدخلات السعودية في اليمن تحت مبرر الحفاظ على الأمن القومي والاستراتيجي للمملكة، وهو مبرر حقيقي ومنطقي ليس فقط بالنسبة للسعودية وإنما لكل دول الجزيرة والخليج، إذا تعامل معه الأشقاء بطريقة ناعمة، واحتواء الجار التاريخي.
بدأت التدخلات السعودية في اليمن بداية ثلاثينيات القرن العشرين، خلال الحرب اليمنية السعودية، حين استنجد أمير الأدارسة بالإمام يحيى بعد اجتياح سعودي لمدن نجران وجيزان، قبل أن تدخل اليمن الحرب لتصل القوات السعودية إلى بيت الفقيه في الحديدة، قبل انسحابها عقب اتفاق الطائف 1934.
ولم تقف التدخلات السعودية عند هذا الحد، حيث وقفت المملكة ضد الثورة الدستورية التي أشعلها شباب تنويريون، عام 1948، توجست منهم السعودية رغم تنصيبهم إمامًا تقليديًا عليهم، بعد اغنيال الإمام يحيى الذي كان بلغ عتيًا، فدعمت المملكة نجله أحمد عسكريًا ليعود بعد أشهرٍ قليلة.
ورغم توافق نظامي الحكم في البلدين إلا أن المشكلات الحدودية بينهما وخلافات المطالبة بالمناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة السعوديين دفعت الإمام الشاب للدخول في الاتحاد العربي - صوريًا - مع دولة الوحدة العربية بين مصر وسوريا، الناشئة في 1958.
وكان للإمام أحمد هدف من وراء ذلك، يتمثل في الضغط على المملكة لاسترجاع المناطق الحدودية اليمنية، بعيدً عن التماهي مع المشروع "الجمهوري" للدولة العربية المتحدة بين القاهرة ودمشق، وما يؤكد ذلك هو الدعم الذي قدمته مصر جمال عبدالناصر للثورة اليمنية ضد الإمامة بعد عامٍ واحد على فك الارتباط بين قطبي الجمهورية العريية المتحدة.
مثلت ثورة سبتمبر 1962 شكلاً جلياً للتدخل السعودية القوي في اليمن، حيث تناسى الجانبان الملكيان خلافاتهما الحدودية واصطفا ضد النظام الجمهوري الفتي الذي يتلقى دعمًا لا محدودًا من مصر.
وكان ذات الدعم اللامحدود، عسكريًا وماديًا، يتدفق على الملكيين اليمنيين من السعودية لإعادة نظام الإمامة إلى صنعاء مجددًا.. فكانت اليمن حينها ساحة حرب بين ملكيي الرياض الملكية وجمهوريي القاهرة.
ولم ينتهِ عقد الستينيات من القرن الماضي إلا والملكيون المدعومون من السعودية متواجدون في صنعاء بعد اتفاق صلح مع الجمهوريين، يقضي باقتسام السلطات وقبول كل طرف بالآخر، لتكون الرياض بذلك قد أوجدت لها موطئ قدم عميق داخل سلطة اليمن، بعد تعهدها بالتكفل بمرتبات الحيش اليمني بملكييه وجمهورييه على السواء.
وصنع هذا التطور تواجدًا سعوديًا مستمرًا في الشأن اليمني، وفي صنع القرار السيادي للبلاد، ولم يجرؤ لأي رئيس يمني أن يعارض أو يزعج هذا الوضع المريح للرياض، حتى جاء الرئيس إبراهيم الحمدي، الذي رفض تدخلات السفير السعودي - الحاكم الفعلي لليمن - لكنه دفع ثمنًا غاليًا في سبيل منح اليمن سيادتها.
*صالح الحليف المتقلب*
ومضت الرياض في طريق تدخلاتها في اليمن خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، مع وجود رئيس كعلي عبدالله صالح، الذي كان حليفًا للسعودية طيلة فترة حكمه حتى قبيل تحقيق الوحدة اليمنية التي كانت ترفضها المملكة، حينها كان صالح يستمع لتوجيهات حليفه القوي صدام حسين بالإسراع في تحقيق الخرب قبل غزو هذا الأخير واجتياحه للكويت.
وبعد حرب الخليج 1991 تلك لم يعد صالح حليفًا مفضلاً للرياض كما كان خلال عقدين ماضيين، فسعت السعودية إلى دعم الانفصاليين الجنوبيين، لكنها فشلت في ذلك 1994، بحكم الاستعداد المخطط له من قبل صالح لالتهام الجنوب حتى قبل تحقيق الوحدة، وخلو الساحة الجنوبية من قيادات يمكن أن تثق فيها أو تعتمد عليها الرياض.
ولمواجهة أعباء الانفراد بحكم البلاد، وتوريثه لنجله ارتمى صالح مرةً أخرى في أحضان الرياض أواخر التسعينيات، وفي عام 2000 كان قد وقع على اتفاقية جدة الحدودية على مبدأ لا ضرر ولا ضرار، ليتنازل عن الأراضي التي اندلعت من أجلها حرب 1934، بحثًا عن التوريث الذي عصفت بأحلامه ثورة 2011 الشبابية.
*المبادرة الخليجية وإنقاذ صالح*
يصف كثير من المتابعين أن المبادرة الخليجية التي تبنتها الرياض لحل أزمة مطالبات رحيل صالح في 2011، جاءت مفصلةً لإنقاذ نظام صالح، بعد أن كانت قد أنقذت صالح نفسه من تفجير دار الرئاسة، وأعادته إلى صنعاء مجددًا.
ويرجح المتابعون تلك الاحتمالية إلى كونها تضمنت منح الرئيس الراحل حصانة هو وركائز نظام حكمه، والتي ينظر إليها شباب الثورة أنها أتاحت المجال لكي يستمر صالح في لعب أدوار خطيرة في البلاد رغم مغادرته السلطة.
وهو الأمر الذي تحقق بعد تحالف النظام السابق مع الحوثيين وتسهيل استيلاءهم على معسكرات الدولة وسلاحها، والتمهيد لإسقاط صنعاء واقتحام سائر مدن اليمن.
ويظن الثوار الشباب أنه لولا المبادرة الخليجية والحصانة التي منحتها لنظام صالح ما كان له أن يقوم بما قام به، ويجني ما جناه على البلاد.
*زخم جديد لمطالب انفصال الجنوبيين*
توجه الحوثيون صوب الجنوب في 2015 بعد استيلاءهم على كل الشمال نهاية 2014، وكان ذلك بمثابة النقطة التي بدأ عندها التدخل السعودي العنيف في حربٍ شاملة وواسعة تحت غطاء تحالفٍ عربي، برر تواجده بإعادة الشرعية التي انتهكها الحوثيون.
غير أن الجنوبيين هللوا للتدخل السعودي بصفته جاء لإنقاذهم من حربٍ شمالية أخرى على غرار حرب 1994، عندها تذكر الجنوبيون موقف الرياض في حرب صالح ضدهم، وعادوا يحيُون مطالب الانفصال من جديد، والتي لم ينجح الحراك السلمي في التقدم كثيرًا نحو تحقيقها.
أحيا التدخل السعودي في 2015 بالتزامن مع اجتياح الحوثيين للجنوب، أحلام الانفصال خاصةً مع قيام التحالف بتسليح شباب المقاومة الجنوبية المستقلة التي انطلقت تقاوم الحوثيين بكل عفوية، وبدأ هذا التدخل - على اختلاف بقية التدخلات السابقة للرياض - يعطي زخمًا إضافيًا لأحلام الانفصال والمطالب التي بدأت تتصاعد من جديد، وبقوة كبيرة.
*دعم القوات الجنوبية ضاعف الرغبة في الانفصال*
نظر الجنوبيون للتشكيلات العسكرية والأمنية التي تكونت قبيل وبعد تحرير مدينة عدن والمحافظات الجنوبية من الحوثيين بأنها نواةً لجيش جنوبي سيعمل على انتزاع الاستقلال وتحقيق مطالب الانفصال.
غير أن المملكة لم تنظر إلى الأمر بذات النظرة، ولا بالهدف نفسه، بقدر ما كان هدفها وغايتها طرد الحوثيين عبر شريك محلي وعناصر من أبناء البلد نفسها، تضمن دعمهم وتفوقهن من الحو عبر كيرانها، بدلاً من أن تتورط بنفسها على الأرض.
كما أن الدعم الذي كان مخصصًا للقوات والعناصر الجنوبية بم يكن بمنأى عن عدمٍ شامل لكل مناطق اليمن، بهدف مواجهة الحوثيين في طول البلاد وعرضها.
خاصةً وأن الرياض كانت تدعم تلك العناصر الجنوبية تحت غطاء الشرعية وليس بعيدًا عنها، حتى أنها كانت تنعت وتصف تلك القوات بأنها يمنية وليست جنوبية.
غير أن طرفًا آخر استفاد من دعم القوات الجنوبية، ومضى يصنع ويُنشئ تشكيلات تأتمر بأمره، ويستخدمها لتنفيذ أجنداته والدفاع عن مصالحه، وليس مصالح التحالف ومحاربة الحوثيين.
ونقصد بذلك الطرف أبو ظبي، التي استطاعت أن تلعب على وتر الرغبة في الانفصال والمتواجد بقوة عند الجنوبيين، للخلاص من الارتباط اليمني.
*كيف أضرت مطالب الانفصال بالرياض؟*
التزمت المملكة العربية السعودية بأهداف وأساسيات تدخلها الأخير منذ 2015 في اليمن، وتمسكت بدعم الشرعية والحكومة اليمنية، على أساس أن هذه الأخيرة هي من تشرعن هذا التدخل وتعطيه صبغة قانونية دولياً وإقليميًا.
فالرياض تدخلت في اليمن لإعادة شرعية حكومة معترف بها دولياً، وحصلت على قرارات أممية من مجلس الأمن بضرورة عودتها وتسليم الحوثيين كافة أسلحته والانسحاب من المدن التي سيطر عليها.
وتلك القرارات تمنح التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية قانونية تنفيذها وتطبيقها، بصفته الجهة التي تدخلت بتفويض من الرئيس الشرعي للبلاد الذي يتواجد داخل الأراضي السعودية.
حتى أن الرياض - وفق تصريحاتها الرسمية - دائماً ما تتحدث عن ما يؤكد تمسكها بوحدة الأرض اليمنية، واستقرار البلاد، وكل تلك المصطلحات حتى وإن بدت مجرد عبارات ديباجة دبلوماسية إلا أنها تعتبر مرتكزات قانونية ودولية.
غير أن ما يضر بتلك الالتزامات السعودية هي الدعوات غير المسئولة من بعض الجنوبيين ومن وراءهم بعض السياسيين والمحللين الإماراتيين الذين ما فتئوا يروجون لوهم الانفصال.
وهو ما قد يتسبب بانحراف بوصلة التحالف العربي، عن أهدافه، ويضر ويسيء لأهداف وغايات الرياض في طريق حربها ضد الأدوات الإيرانية وإعادة الشرعية إلى صنعاء.
ويكاد يكون ذلك قد تحقق - للأسف - بعد الأحداث الأخيرة التي عاشتها عدن أغسطس الماضي، غير أن جهود الرياض في جمع الفرقاء في جاسات الحوار في مدينة جدة يعيد ليؤكد عدم تماهي السعودية مع مطالب الانفصال، وأن تدخلها في المواجهات الأخيؤة يأتي في صالح الشرعية وضد أية دعوات ضدها، أو للإنفصال.. كما أن كل تلك المعطيات تؤكد أن التدخل السعودي هذه المرة سيكون مختلفًا ومغايرًا تمامًا لأي تدخل سابق.
*كيف ستتعامل السعودية مع الجنوبيين؟*
باتت المملكة العربية السعودية القوة المتحكمة في مدينة عدن والمحافظات الجنوبية حالياً، بعد هروج القوات الإماراتية وانسحابها.
لكن ما يدعو للتساؤل، كيف ستتعامل المملكة مع بقايا أدوات الإمارات في عدن والمحافظات المجاورة، ةدوليس كل محافظات الجنوب.
ذلك أن أغلب منتسبي القوات التي أنشأتها ورعتها أبو ظبي خلال سنوات تواجدها في اليمن عناصر مناطقية، تعتقد أنها في مرحلة أولية للاستعداد والتمهيد لتشكيل جيش جنوبي يقود نحو الانفصال.
ولم يدرك هؤلاء أن الدول هي من تصنع الجيوش وليس العكس.
غير أن الرياض، وقبل الاتفاق على أي شيء في جدة بدأت في هيكلة تركة ومخلفات أبو ظبي، وضمت آلاف الجنود في وحدات عسكرية وأمنية موحدة، في محافظات عدن ولحج والضالع وعدن.. بينما لا هوف على القوات المتوجدة في شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى والتي أكدت ولاءها للحكومة الشرعية اليمنية.
ومعنى ذلك أن السعودية قد حسمت أمرها، وبدأت بالفعل بالتعامل مع شوكة الانفصاليين، واحتوت - ولو نظريًا - أي قوات قد تسبب لها أية مشاكل مستقبلاً.
لكن يبقى الباب مواربًا لأية محاولات قد يفتعلها مناصرو الإنفصال في قادم الأوقات.
يقول الصحفي ماجد العدني: إن على السعودية أن تضمن رواتب الجنود الذين كانوا منضمين في القوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيًا، حتى تضمن ولاءهم وعدم افتعال أية مشكلات ضد الشرعية التي قد تعود مجددًا إلى عدن.
ويضيف العدني في تغريدةٍ على "تويتر" رصدها "عدن الغد"، أن أغلب الشباب الجنوبيين المنضمين للقوات التي أنشأتها الإمارات تعرضوا للوهم فيما يتعلق بمطالب الإنفصال، كما أن كثيرًا منهم لا يفكر إلا بالرواتب والريال السعودي.
وحتى وإن كان طرحٌ كهذا مبالغ فيه ويهضم كثير من الشباب النقي الذي انضم إلى تلك القوات بحسن نية من أجل الجنوب، ويحمل بين جنباته قضية وطن، إلا أن دعوة مثل هذه على السعودية ألا تهملها.
*الانفصال.. هل يخدم أهداف الرياض؟*
تتعارض أهداف الرياض وأبو ظبي تمامًا في اليمن، فالأولى تخشى الخطر الإيراني، وتتوجس من أدواته التي باتت تحاصرها في العراق وسوريا ولبنان شمالاً، ومشاغبات طفيفة في البحرين شرقًا، الحوثيين جنوبًا، وليس من مصلحتها أن ينفصل جنوب اليمن، الذي يمكن هو الآخر أن يكون مسرحًا لاختراقات إيرانية.
في الوقت الذي لا تخفى علاقة قيادات في الانتقالي بحوزات قُم وطهران، والضاحية الجنوبية في بيروت.
لذلك من الخطورة بمكان أن تدعم الرياض جنوبًا منفصلاً عن اليمن، يكون ملغمًا بمخاطر مزيد من التشتت والمناطقية وبؤرة خصبة للاقتتال المستقبلي بين رفاق الأمس وسلاكين ومشيخات تحلم أن تعود من جديد.
على العكس تمامًا.. تكشفت مصالح أبو ظبي بسرعة، حتى أنها لم تكن ضمن مصالح التحالف حتى، وبدت قاصرة على الفوائد التي يمكن أن تجنيها الإمارات من تواجدها في بلدٍ غني في موانئه وجزره وخيراته الطبيعية.. حتى أنها تصالحت مع طهران سريعًا بمجرد أن ضُربت السعودية، رأت الخطر يقترب من إماراتها.
لهذا.. يؤكد محللون أن الانفصال لا يمكن أن يخدم أهداف الرياض في اليمن، حتى وإن كان في الماضي يخدمها - كما كان في 1994 - فهو ليس كذلك اليوم، على المدى القريب على الأقل.
*خطر المليشيات*
تعلم السعودية ما تشكله القوات الخارجة عن الإطار القانوني من مخاطر.
وتدرك أن خطر المليشيات المسلحة أشد خطرًا من الجيوش المنظمة، لهذا سارعت الرياض في احتواء المليشيات التي خلفتها الإمارات وراءها.
كما كان ذلك يدخل في تنفيذ مطالب الرئيس هادي الذي اشترط، قبل الحلوس مع الانتقالي في حوار جدة، دمج تلك التشكيلات غير القانونية ضمن الجيش اليمني وإكسابها صفة الرسمية، قبل أن تشب عن الطوق وينفرط عقدها.
وهو ما قامت به السعودية بالفعل، وفي ذلك تأكيد على أن الرئيس هادي ما زال هو القوة الرابحة للرياض، بما يحمله من صفات شرعية، تمنح للسعودية وتشرعن تواجدها في اليمن.
وتعلم المملكة أن أي خروج عن شرعية الحكومة والرئيس ودعم الجماعات المناوئة لها هو سقوط لشرعية تدخلها الحالي في البلاد.
*تجاوز الأخطاء ااستبقة وبناء دولة قوية*
قد يقول التاريخ أن مؤسس السعودية نصح أبناءه ذات ليلة من ليالي الرياض، بألا يتركوا اليمن مستقرًا، حتى تنعم وتحقق السعودية استقرارها.
لكن واقعياً لا تبدو هذه الأسطورة حقيقية، ذلك أن استقرار اليمن هو من صلب استقرار السعودية.
وبحسب محللين للشأن اليمني فإن على المملكة تجاوز الأخطاء التي وقعت فيها خلال سنوات الحرب الخمسة الماضية، وعليها أن تمضي في طريق دعم الحكومة الشرعية، وتقوية الدولة اليمنية، وتنقية الحكومة من للعناصر الفاسدة.
كما يرى المحللون أن على الرياض الشروع في إعادة الإعمار والتنمية في اليمن لإعادة ثقة المواطنين بالتحالف، الذي كان قد عوّل عليه كثيرًا.
إن زرع الثقة بين البلدين سيجعل من وحدة البلدين قوية، على المستوى الشعبي قبل الرسمي والحكومي، والتحسن في مستوى الخدمات سيعمل على بناء هذه الثقة، كما أن المضي نحو تحقيق هدف التحالف الأول في إعادة الشرعية ودحر الإنقلاب الحوثي وتحرير صنعاء، سيحقق أهداف السعودية.
*موقف الانتقالي في ظل الوجود السعودي في عدن*
تعاملت الإمارات مع المجلس الانتقالي كآداة للضغط على الحكومة وابتزازها، وكان ذلك واضحًا وجليًا في كل الأحداث التي شهدتها عدن والجنوب عامةً.
غير الموقف السعودية من الأفضل أن يكون مختلفًا ومغايرًا تمامًا، وباعتبار نجاح اتفاق جدة، وتواجد وزراء ومسئولي سلطة محلية في عدن والجنوب، على السعودية أن تتعامل مع الانتقالي كجزء من الحكومة.
وحينها على الانتقاليين الكف عن المطالبة بالانفصال أو فك الارتباط ما داموا ضمن قوام الحكومة الشرعية اليمنية، إلا في إطار مجلسهم أو أنصارهم، فيما هو قادم من استحقاقات.
ويعتقد مراقبون أن الرياض تعمل على هذه النوعية من الشراكة القادمة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، بل يبدو أن الىياض قد عملت عليها ضمن اتفاق جدة، من خلال إعطاء منتسبي المجلس مناصب وسلطات، ستكون هي الواجهة التي ستتعامل السعودية من خلالها مع شخصيات الانتقالي.
ويستبعد متابعون أن تلجأ الرياض لأسلوب أبو ظبي في التعامل مع المجلس الانتقالي، باعتبار أن السعودية هي قلب التحالف وواجهته، ومن غير المعقول أن تدعم عودة الشرعية اليمنية، وفي نفس الوقت تقوم بدعم الانفصاليين المناوئيين للحكومة الشرعية.
ولنا في تناولات الإعلام السعودي لأحداث عدن الأخيرة خير تأكيد على هذا التوجه الرسمي للمملكة في التعامل مع ما أسماهم الإعلام السعودي بالإنفصاليين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.