أحترم كثيرا رأي "الدكتور" .. وكثيرآ ما اقرأ له .. وآخر ما قرأة له مؤلفه "عبور المضيق" .. فالرجل هامه فكريه تحترم ورجل سياسة من الطراز الأول بالأضافه لكونه مسئول دوله خاض غمار التجارب والمراحل السياسية المختلفة التي مرت بها البلاد جنوبا وشمالا ، الدبلوماسي والسفير والمفكر السياسي اليمني الدكتور "ياسين سعيد نعمان" سفير بلادنا بالمملكة المتحدة . في مقالة الأخير والموسوم ب(هل يكون اتفاق "الرياض" مقدمة لأصلاحات بنيوية أخرى) .. ! والذي يتبنئ الدكتور نعمان فية صريح رأيه المتفاءل فيما يبدو من أتفاق جدة عدا انه أسماه ب"أتفاق الرياض" .. ولعلة يقصد بتسميته تلك مكان التوقيع عليه والمزمع ان يكون في العاصمة السعودية الرياض .. إلا اذا كان الدكتور يعني بأتفاق الرياض اتفاق آخر مختلف تماما عن مسودة "اتفاق جدة" والتي تم تسريب بنودها للرأي العام والمشغول بصحتها من عدمه برغم كل التحركات الجارية على الأرض . يذهب الدكتور نعمان الى القول بأن الأتفاق هو "أتفاق الممكن" .. ويشدد ايضا على انه اتفاق الضرورة ، مع الإشارة الى عدم وجود أي اتفاق سياسي يرضي كل الأطراف في عالم السياسه على حد تعبيرة .. وأظنه والى حد بعيد أصاب في ذلك ولكن ماهو جدير بالاهتمام من وجهة نظري في مقال السفير أمران هامان ويرتكزان على الآتي ، الأمر الأول توصيفه لحالة المشهد السياسي العام والتي يصفها بالمنقسمة بين أطرافها .. والتي تدعي الأنتصار استنادا الى نظرتها الذاتية للأتفاق وكل طرف برأيه يدعي الانتصار وهو متأثر بمخزون الفتنة وغبارها وأدبها وثقافتها المريبة لدية ! وقد لا يمكننا فهم حقيقة دواعي ذلك التوصيف "النعماني" الغير واضح تجاة أطراف الصراع ، او بمعنى أدق الأطراف الموقعة على أتفاقية جدة وذلك إذا افترضنا جدلآ بأن جميع تلك الأطراف هي أطراف يمنية اختلفت وتصارعه نظرا لأختلاف توجهاتها الوطنية والتي تهدف جميعها لخدمة الصالح الوطني العام وأنقاذ ما يمكن أنقاذة من كارثة الملهاة اليمنية المأزومة بفعل انتهازية بعض أطرافها الواقعة تحت تأثير تدخلات الخارح ، وهذا ما لا يبدو صحيحا ولا يبدو دقيقا .. وكأن الدكتور ياسين يجتر اجترارا أجواء التوقيع على إتفاقية "العهد والاتفاق" الموقعة في العاصمة الأردنية عمان ليسقطها اجباريا على مجريات وتطورات أتفاق جدة الفاقد لأهلية السيادة والقرار السياسي الكامل الصلاحيات .. والهادفة يومها أي اتفاقية الاردن ، لتوحيد جهود مصالحة وطنية بين فرقاء يمنيون ولمصلحة وطنية عليا وهي أصلاح مسار الوحدة بين طرفي النزاع الجنوبي والشمالي في ذلك الوقت وعلى عكس الجاري اليوم من صراع قوئ جنوبية موالية للشرعية تناهض قوئ شمالية وقوئ جنوبية أخرى ليس لها أي علاقة بالشرعية غير ادعاءها الزائف باعترافها بشرعيتها الدستورية المنهكة بفعل توجه وانحراف تلك القوى عن مسارها . والسؤال الذي يتداعئ مهرولا لعناية الدكتور يتعلق بماهية "المعيار السياسي النعماني" والذي بموجبة أقر لنا الدكتور بالمساواة في منظورة وتقييمة السياسي لموقف الحكومه الشرعية وموقف الأطراف الخارجة عن المسار الوطني والمستقوية بالخارج ..وكيف يمكن لنا استيعاب وفهم تصنيف الدكتور لأطراف سياسية يمنية لها مشاريعها السياسيه الخاصة والخارجة عن الأجماع السياسي اليمني والمتوافق علية في آخر وثيقة وطنية مجمع عليها بالأتفاق من قبل كل الأطراف الخارجة عن مسارها اليوم ، ألا وهي مسودة "مخرجات الحوار الوطني" والتي أدار جانب كبير من مداولاتها واطروحاتها الدكتور ياسين سعيد نعمان ! وكما وان تلك الأطراف تريد ان تفرض مشاريعها السياسية تلك بقوة السلاح وهي تتحالف وبشكل علني مع أطراف أقليميه لتحقيق مشاريعها وتجابة وبكل عنجهية وعتو سافر الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا. وتعرقل من انتصارها للشعب في تحقيق استحقاق استعادة الدوله.. وكيف يكون مقبولا وصف الدكتور لتلك الأطراف وتصويرها على أنها أطراف سياسية يمنية شأنها شأن باقي الأطراف السياسية الأخرى الموالية للشرعية والملتزمة بتوجهاتها ، إذ لا يمكننا المساواة وعلى سبيل المثال بين القوى السياسية الشمالية التي تتبنى خيار مشروع الدولة المدنية الحديثة كحزب الأصلاح وبين جناح الرئيس الراحل صالح في المؤتمر الشعبي العام والذي يتبنئ ثورة مضادة وبدعم خارجي يحلم بالعودة للحكم والسلطة وإعادة عهد مراكز النفوذ والقوى المستبدة ! وكذلك لا يمكننا المساواة بين المجلس الثوري المتوافق على خيار الدولة الأتحادية اليمنية مع المجلس الأنتقالي المناهض له ! وان سلمنا بفرضية النوايا الجادة في تنفيذ بنود اتفاق جدة وبأن جميع الأطراف سوف تلتزم بتطبيقة وفي إطار دعم وتقوية منظومة الشرعية المتكئة بحسب رأي الدكتور على أبرز تنظيميين سياسيين وهما حزب "الأصلاح" وحزب "المؤتمر" وهو ما اوافقة الرأي علية ، غير اني لا اتفق معة كليا في توصيفة "للقضية الجنوبية" والتي قال بأنها وبهذا الاتفاق حد تعبيرة قد منحة الجنوب دورة ومكانته في التصدي للمد الإيراني .. وفي تقديري ان التوصيف الأدق هو ان القضية الجنوبية تم توضيفها جيدا لمجابهة المد الإيراني ومازالت توضف .. ومن ثم تم توضيفها واستهلاكها لمتطلبات أخرى مختلفة وبما تقتضيه مصالح وإجندة الداعمين لها من الحلفاء .. ولا يمكننا القول بأن هناك شيء يجعلنا ندعي ان القضية الجنوبية اضافتة للجنوب بما يعزز من دورة ومكانته في محاربة المد الإيراني الأقل تمددا من تمدد الحلفاء ! وان كان هناك من دور ومكانة اضافتة القضية الجنوبية للجنوب فقد أضاعها حمق وضيق أفق المتحالفين مع الحلفاء والذين جاءوا في الأساس من اجل استعادة الدولة اليمنية وإعادة مؤسساتها تحت لواء تحالف دعم الشرعية ! وأما ما يتعلق بأتفاقية جدة ومفردات بنودها المفخخة ، فلا اعتقد أنها تؤسس لمقدمة بنيوية أخرئ ، او مقدمة بنيوية مختلفة عن فترة البناء العبثية المنتهية صلاحيتها والتي اعلنت رحيلها وان كان مشكوكا في مصداقية الرحيل المعلن .. وان اختلفت العناوين والأطر والآليات المعلن عنها فالأتفاقية لا تشيء بأي تطابق صحي يدعي للتفاؤل مما يدور حقيقة في العلن منذ الأعلان عن التوصل لأتفاق الرياض أو مابات معروفا بأتفاق جدة .. ولا يمكننا ان نتفاءل كتفاؤل سفيرنا الدكتور في عاصمة الضباب اللندنية ، في حين ان كل المؤشرات الغير مستقرة حيال الأتفاقية ومن جميع الأطراف لا تدعو للتفاؤل .. وذلك مايوحي بأن الأتفاقية لا تتبنى إعادة تصحيح مسار العلاقة بين مؤسسات الدولة وشرعيتها الدستورية وبين الحلفاء ولو بالتمهيد لتبني توجة مادي محسوس لتهيئة الظروف الأمنية المناسبة لعودة الرئيس والحكومة وقوام اجهزتها الامنية اذا افترضنا ان الحلفاء يتعاملون مع مؤسسة الرئاسة والحكومة كحلفاء وشركاء حقيقيين في مهمة القضاء على المد الإيراني .. وهو مالم يتم أنجازة ويبدو انه لن يتم . والطرف البديل في منظومة الحلفاء بدأ فعليا في ترتيب الأوضاع امنيا .. وتهيئة الظروف والأولويات الممكنة لبدء دورة المجهول الحيثيات والمعطيات والأهداف .. وبمجاميع مسلحة لم تكآ يوما ومنذ تأسيسها خاضعه لسلطة وادارة الشرعية اليمنية .. والتي تم تأسيسها فور انتهاء القضاء المفاجئ على المد الإيراني في الجنوب .. والمنسحب يومها بتفاهمات متفق عليها مع الطرف الأقوئ في منظومة تحالف الحلفاء ! وكل ما هو جارا عبارة عن توجه حثيث ينتهج لعبة تبادل الادوار واعادة رسم إحداثيات التموضعات لأطالة أمد الصراع على امتداد رقعة الجغرافيا الحبلى بالمقومات والإمكانيات المسماة اليمن .. والتي يسيل لأجلها لعاب المتحكمون بأدارة الصراع من الرعاة الإقليميون والدوليون ! الأمر الثاني والذي أجدة حري بالتوقف مع الدكتور "نعمان" يتعلق برؤيته لدور دول التحالف العربي وللتدخل العسكري بقضه وقضيضة على ضوء المستجدات الطارئة والشائكة والمعقدة على الساحة .. وأجدها رؤية نعمانية عويصة تتسم بالدبلوماسية المفرطة في التنظير ، طالما والهدف الأستراتيجي هو تعزيز الدور والمكانة لسائر الأطراف في محاربة المد الحوثي الإيراني المفترض ! ووكلاء المد الايراني انفسهم يقرون بالاعتراف بالحصول على تسهيلات لوجستية وتكتيكات عسكرية من طرفا مآ بالتحالف من أجل البقاء اطول ! وليس هذا وحدة ما يتناقض مع طرح الدكتور نعمان ، بل ان خمسة اعوام من الحرب ومن الالتفافات والتوجهات المتقلبة على أهداف الحرب المعلنة تكفلت بأن جعلت اليمنيين على درجة عالية من الوعي والفهم والادارك الكامل لكل مايدور في الشأن السياسي اليمني .. والذي تتحكم به كليا الدول الداعمة لتخليصه من المد الايراني إلا انها تمددت أكثر .. وتجرأة على فعل مالم يفعله وكلاء المد الإيراني .. واثبتوا بما لا يدع مجال للريبة والثقافة المريبة في وعي الدكتور نعمان .. أثبتوا بأن وكلاء ايران مقارنة بهم ليسوا اكثر من هواة حروب لكم حجم القذارة والقبح والأجرام المهول بحق شعب محاصر بأكمله ومع كامل طاقم قيادته وحكومته برا وبحرا وجوا وهم يرزحون جميعهم تحت إقامة جبرية وعلى مرئ ومسمع من العالم اجمع ! بيد ان هكذا طرح وهكذا غلو مبالغ فيه في الافراط والتفريط في آن معا عند ممارسة الدبلوماسية المحتشمة برداء السياسة تارة والاملاءات المحكومة بمناخ الوقوع تحت تأثيرات واعتبارات سياسية معينه تارة أخرى وامام هكذا تحديات تعصف بالوطن وبمستقبل وبمصير اجيالة وبهذة الدبلوماسية عينها تضيع دائما الأوطان والشعوب والدول الضعيفة بسبب ضعف أداء نخبها ومفكريها وملهميها وقادتها التاريخيون المنهزمون امام أزمات ونكبات شعوبهم وأوطانهم .. وعندها فقط يصبح التعاطي مع أي تطور خارج عن المعقول امرا عاديا .. ولأجل ذلك لم يحرك اليمنيون ساكنا عندما عرفوا وتيقنوا بأن طائرة رئيسهم منعة من الهبوط على مدرج مطار عدن الدولي .. وبأن الرئيس عاد أدراجة مكرها .. فعن أي مقدمة لأصلاحات بنيوية أخرى تتحدث يا دكتور نعمان ..!