بالعودة لما قبل الرابع من يناير أي قبل مقتل قاسم سليماني, ولتصريحاتها النارية وتهديداتها التي تقول إيران فيها بأنها ستحرق المنطقة إذا تم الاعتداء على رموز نظامها أو تتعرض مصالحها لأي خطر, فإن الواقع الآن بعد الرابع من يناير أي بعد مقتل سليماني يدحض كل ما قد قيل وما قد جرى, ويجعل الواحد يتأكد أن كل ذلك, من أقوال وأفعال تخريبية وعمليات تفجيرية إنما كان مجرد فرقعات إعلامية تنفخ النظام الإيراني بأيادي عربية للأسف يعدون أنفسهم وكلاء لإيران, وهم من جماعات وتنظيمات وأحزاب مسلحة من شيعة العراقولبنانوسوريا واليمن. القادة الوكلاء في تلك البلدان ظهروا عبر الشاشات وفرائصهم ترتجف خوفا وغضبا يحللون واقعهم النفسي المتأزم ويتوعدون بالمستحيل. يشترطون على أنفسهم إخراج القوات الأمريكية وقواعدها من المنطقة برمتها وهو العهد الذي قطعه النظام الإيراني على نفسه هل سيتمكنون من ذلك أم أنهم سينتهون بمجرد أن تخفت حميتهم الجاهلية؟! القواعد الأمريكية ليست في إيران كي يذهبوا إليها ويفتحوا جبهة قتال ومواجهة جنبا إلى جنب مع القوات الإيرانية وليست في لبنان ولا سوريا واليمن. وبالنسبة للعراق فإن القواعد الأمريكية في إقليم كردستان وإقليم السنة باستثناء إقليم الشيعة, وأهالي الإقليمين يرحبون بالوجود العسكري الأجنبي المعروف بالتحالف الدولي ويحتاجون إليه وإلى القواعد العسكرية الأمريكية لتدريبهم وحمايتهم من أفواج الدواعش التي تتدفق إليهم من كل من سوريا وتركيا. ماذا ستفعل مليشيات الحشد الشعبي الشيعية؟ هل يحق لها أن تمرر رغبتها على أهالي الإقليمين كما مررتها على أهالي إقليم شيعة العراق؟! حتى وإن كان لها دور في طرد الدواعش من الإقليم السني والإقليم الكردي بدعم إيراني! فهي لم تقم بذلك إلا لصد ودحر أطماع النظام الأردوغاني في ثروات العراق التي حاول أن يستولي عليها عبر وكلائه الدواعش وجعل إيران تبسط عليها. أما سوريا فقد زارها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأمس وحذر الرئيس بشار الأسد من تهور القوات الإيرانية المتواجدة هناك ومنعها من أن تقوم بأية ردات فعل تجاه إسرائيل أو عناصر القوة الأمريكية في سوريا وذلك احتراما لاتفاقية التنسيق بين القوات الروسية مع كل من القوة الأمريكية وإسرائيل وتركيا. القواعد الأمريكية في المنطقة موجودة في دول مجلس التعاون الخليجي على مر التاريخ المعاصر من قبل أن يوجد النظام الكهنوتي الإيراني والذي أضل شعبه لدرجة أن العشرات يموتون والمئات يجرحون في تدافع على جنازة خرقة محروقة, نظام مثله وكلاؤه ليس عليهم ولا من حقهم الحديث عن القواعد الأمريكية أبدا إلا إذا كانوا, أو بالأصح النظام الإيراني بالذات مستفزا متدخلا في شئون البلدان العربية مزعزعا لأمنها وأمن العالم برمته. ولأن النظام الإيراني هو كذلك, يهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم فإن المجتمع الدولي وفي مقدمته الولاياتالمتحدةالأمريكية يتخذ موقفا معادي له بالنظر إلى الملف النووي والذي بسببه يناصب النظام الإيراني بالمقابل العداء للولايات المتحدةالأمريكية, لا من منطلق أنها دولة إسلامية كما يحب أن يصوره الوكلاء يتلاعبون بعواطف شعوبهم, وإنما لأن إيران دولة مارقة ومحور من محاور الشر. فهناك لدينا دولة إسلامية نووية هي باكستان دولة حديثة وديمقراطية لا تتدخل في شئون الغير ولا في شئون الدول العربية وملتزمة للوكالة الذرية الدولية وهذا يشرف جميع الدول الإسلامية. نفس الاحترام لدولة الهند أيضا, لا أحد منهما يصدر أيديولوجيته وثورته إلى بقية البلدان العربية والإسلامية والنامية, لا يفعلان كما تفعل إيران حيث تصدر ثورتها الثقافية للبلدان العربية وتنشئ المليشيات المسلحة تحل محل الجيش والأمن. الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضرب المراكز الثقافية للنظام الإيراني والتي تلتغي تلقائيا عند أول تغيير للنظام في إيران وينتهي دور الوكلاء الذين هم أضعف مما تتخيلون وأوهن من العنكبوت. بعد مقتل سليماني, هل ستحارب إيران وتواجه أمريكا أم لا؟! البارحة قصفت القاعدتين الأمريكيتين في كل من إقليم كردستان والإقليم السني في العراق. وبناءا على أقوالها فإن دم سليماني لا يوقف نزيفه إلا طرد القواعد الأمريكية من الشرق الأوسط وهو شرط فوق طاقتها وطاقة وكلائها لن يقدر على تحقيقه, شرط تتجنب روسيا والصين مجتمعين قطعه على نفسهما رغم حاجتهما إن لم نقل أطماعهما لمنطقة الشرق الأوسط. هل ستصعد إيران من لهجتها ويعقب ذلك زخات من الصواريخ على المزيد من القواعد في الشرق الأوسط حتى يشرد الأمريكيون! أم ستكتفي بذلك وتعتبره صفعة ثم نشهد تغير في اللهجة وخفض التوتر وتعلن أنها لن تستطيع قصف إلا القواعد التي تنطلق منها الردود الأمريكية على إيران ماعدا القاعدة الأمريكية الموجودة في قطر مهما حصل منها فإنها لن تقصفها. وخاصة بعد زيارة نائب رئيس الوزراء وزير خارجية قطر لطهران يوم اغتيال سليماني ومقابلته للرئيس الإيراني روحاني وحصوله على تطمينات وضمانات بذلك. حيث كانت الزيارة بغرض انتزاع وعود وضمانات من إيرانلقطر بأن إيران لن تقصف قاعدة العديد حتى وإن أطلق الأمريكان منها ردودهم عليها. النظام الإيراني عليه أن يدرك بأن تغيير اللهجة لا يكفي بل لابد له من تغيير سلوكه ونهجه كما أن عليه أن يقاتل بأبنائه وساحة قتاله تكون إيران وليس بأبناء الشيعة العرب ويجعل من بلدانهم ساحة قتاله.