أيام قلائل تفصلنا عن الذكرى 14 لانطلاق مسيرة التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي الجنوبي من جمعية أبناء ردفان في 13 يناير 2006م بالعاصمة عدن، حينما توافد الجنوبيين من كل البقاع لتلبية دعوة قيادة الجمعية لعقد اللقاء الأول للتصالح والتسامح وما مثلته تلك القيمة الإنسانية والإسلامية السامية من أرضية صلبة هيأت لقيام مارد الثورة الجنوبية وكانت بمثابة اللبنه الأولى التي اتكأ عليها الحراك الشعبي السلمي الجنوبي.. ولكون نظام الاحتلال القمعي المتخلف يدرك مخاطر وتبعات نشر قيم وثقافة التصالح والتسامح على بقائه واستمراره فقد استنفر كل طاقاته لمواجهة الدعوة محاولاً إجهاضها واطفاء جذوتها تارة بالترغيب وأخرى بالترهيب وعندما خابت تلك المساعي الكيدية أتخذ قرار سياسي ومن أعلى المستويات ( قرار مخالف للقانون ) قضى بإغلاق الجمعية وسحب ترخيص مزاولة نشاطها ومصادرة أصولها وإحالتها للنيابة العامة - التي انتصرت لها فيما بعد وأصدرت قرارها القاضي باللا وجه لإقامة الدعوى - وتم اعتقال قادتها والزج بهم في المعتقلات مثلما حدث للاخ المناضل العميد محمد صالح المشرقي.
كل تلك الاستفزازات والأعمال القمعية الوحشية لم تثني جمعية ردفان عن مواصلة مسيرتها بل على العكس فقد شكل نواة التلاحم والتآزر والتضامن الذي قامت به كل الجمعيات الخيرية في عدن ومختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية والمدنية مع جمعية ردفان وهو ما أدى للإنطلاق صوب نشر قيم وثقافة التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي الجنوبي وإهالة التراب عن الماضي الذي دفع ثمنه الجميع، وأخذ الدروس والعبر منه، والاستفادة للانطلاق نحو آفاق المستقبل..
وكانت تلك القيم العظيمة شكلت الأساس لانطلاق الحركة الثورية السلميه الجنوبيه وماحققته من انتصارات عظيمة بدماء الشباب وصدورهم العارية وإرادتهم الفولاذية، كل ذلك كان له الأثر الأكبر في إيجاد وبروز المقاومة الجنوبية المسلحة في مواجهة الإحتلال الشمالي مطلع العام 2015م ، والتي سطرت أبلغ دروس الشجاعة والتضحية وصولاً لما تحقق من إنجازات كبيرة لشعب الجنوب، والتي يجب المضي عليها بخطى ثابته ومدروسه وموحده لاستكمال تحقيق الأهداف الاستراتيجية المنشودة لشعبنا بحقه الطبيعي في نيل حريته وتقرير مصيره واستعادة دولته الجنوبية كاملة السيادة.. وبعد إيقاف قسري دام 14 عام، فلنجعل من يوم تدشين إعادة نشاط الجمعية - عصر 13 يناير 2020م - يوم مزلزلاً يتوافد إليه كل أبناء الجنوب، للتاكيد على المضي قدماً خلف الراية التي حملت لواءها جمعية ردفان، انها راية التصالح والتسامح، انها جمعية ردفان العزة والشموخ والكبرياء، ردفان عاصمة الثورة الاولى والثانية، أنه التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي الجنوبي، فما أحوجنا اليوم إلى تعزيز تلك القيم على الواقع العملي باعتبارها صمام أمان لانتصار شعبنا وتحقيق أهدافه المشروعة..
إن تلك الهامات التي صنعت فجر التصالح والتسامح والتضامن، فجر إنطلاقة المارد الجنوبي، فجر التحرر من الاستبداد والاستعمار والجور والتعسف، تلك الهامات التي صنعت هذا الحدث الهام والعلامة الفارقة في تاريخ مسيرة شعبنا، وكل من وقف معهم وساعدهم من كافة مناطق الجنوب، تستحق بكل جدارة أن نحني هاماتنا اجلالاً واكباراً وتقديراً لهم، وان تنقش اسمائهم على صفحات التاريخ، فلهم منا كل التحايا ، ولهم قبلات ترسم على جباههم وكل من له دور فاعل في مسيرة التصالح والتسامح والتضامن..
الرحمة والمغفرة لشهدائنا، الشفاء لجرحانا والحرية لأسرانا، النصر كل النصر لشعبنا الصامد الأبي. والتوفيق كل التوفيق ل"جمعية ردفان التنموية الخيرية"..