استقال زعيم الائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب يوم الأحد في خطوة تضعف الجناح المعتدل من قوى الانتفاضة المناوئة لحكم الرئيس بشار الأسد التي دخلت عامها الثالث وتعقد الجهود الغربية الرامية إلى دعم مقاتلي المعارضة. وكان الخطيب وهو إمام سابق للمسجد الأموي في دمشق عرض على الأسد التفاوض على خروج آمن من السلطة وقد تدفع استقالته الغرب إلى توخي المزيد من الحذر في دعم الانتفاضة. وينظر إلى الخطيب على أنه شخصية معتدلة تحول دون تزايد نفوذ الجهاديين المرتبطين بالقاعدة. وذكرت قطر في وقت سابق يوم الأحد أن من المقرر ان يحضر زعماء المعارضة السورية قمة للجامعة العربية تعقد هذا الأسبوع بحثا عن مزيد من الدعم لانتفاضتهم المسلحة. وقال مايكل ستيفنز الباحث في المعهد الملكي لدراسات الدفاع والامن بالدوحة إن استقالة الخطيب ستؤثر سلبا على القمة. وأضاف ان القمة ستركز على "تحديد ما إذا كان للمعارضة حق شرعي في الجلوس مع الدول العربية." وأضاف "في حين أن الخطيب ربما يكون ألقى باللوم على قمة الاتحاد الأوروبي فمن المعروف جيدا أن الجامعة العربية تجتمع اليوم وسيكون لاستقالته تأثير خطير على العملية." ووقع الاختيار على الخطيب لرئاسة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي أسس في قطر في نوفمبر تشرين الثاني ويحظى بدعم غربي وخليجي. وينظر إلى استقالته على انها جاءت بدرجة ما بسبب قطر الداعم الرئيسي لخصومه السياسيين داخل الائتلاف كما أنها تقود الدعم العربي للانتفاضة في حين تتزايد انعكاساتها السياسية على المنطقة. وفي معرض تعليقه على استقالة الخطيب قال رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني إنه يأسف بشدة لاستقالة الخطيب معبرا عن أمله في أن يعيد النظر في قراره. وجاءت استقالة الخطيب بعد تعرضه للتأنيب من جانب الائتلاف لعرضه التفاوض مع الأسد وبعد أن مضى الائتلاف قدما رغم اعتراضاته في تشكيل حكومة انتقالية من شأنها أن تزيد من تقليص دوره. وقال الخطيب في بيان على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك "كنت قد وعدت أبناء شعبنا العظيم وعاهدت الله أنني سأستقيل إن وصلت الأمور إلى بعض الخطوط الحمراء وإنني أبر بوعدي اليوم." وأضاف "أعلن استقالتي من الائتلاف الوطني كي أستطيع العمل بحرية لا يمكن توفرها ضمن المؤسسات الرسمية." وعبر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن أسفه لقرار الخطيب. وقال كيري خلال زيارة لبغداد "فيما يتعلق بمعاذ الخطيب أشعر شخصيا بالأسف لرحيله لأنني معجب به على مستوى شخصي ولأنني اقدر قيادته ولكنه أشار صراحة إلى احتمال استقالته في مناسبات كثيرة بأماكن مختلفة ومن ثم فإنها ليست مفاجأة." وقام كيري بزيارة يوم الأحد بزيارة للعراق لم يعلن عنها مسبقا وعبر لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن قلقه من الطائرات الإيرانية التي تمر عبر المجال الجوي العراقي حاملة أسلحة إلى سوريا. وقال كيري للصحفيين "كل ما يدعم الرئيس الأسد يمثل مشكلة." وفي الأسبوع الماضي اختار الائتلاف رجل الأعمال السابق ذا الميول الإسلامية غسان هيتو رئيسا للوزراء كي يشكل حكومة انتقالية تشغل فراغ السلطة في سوريا الناشيء عن الانتفاضة التي أسفرت عن سقوط أكثر من 70 ألف قتيل. وكان الخطيب اعترض على ذلك بأن الاعداد غير كاف لبدء تشكيل حكومة. وقد ضعف موقف الخطيب بدرجة كبيرة الى جانب جناح معتدل في الثورة السورية في ظل تزايد دور السلفيين الجهاديين في ميدان المعركة. وساهم صعود السلفيين ليكونوا القوة القتالية الأكثر فعالية وما حققوه من مكاسب ميدانية مؤخرا في تبني الائتلاف موقفا أكثر تشددا خلال الأسابيع الماضية حيث رفض الحوار مع الأسد إلا بشروط صارمة وأغفل وعودا بضم المزيد من النساء والأقليات. ويحظى هيتو بدعم الإخوان المسلمين والأمين العام للائتلاف مصطفى الصباغ الذي له علاقات قوية بقطر. ويفترض أن تدير حكومته مناطق المعارضة التي تسيطر عليها الآن مئات الكتائب وزعماء الحرب الجدد. وقال المعارض المستقل فواز تللو إن قطر وجماعة الاخوان المسلمين بشكل أساسي دفعتا الخطيب للاستقالة مشيرا الى أنهما وجدتا في الخطيب شخصية تكتسب شعبية داخل سوريا لكنه يعمل بشكل مستقل أكثر مما ينبغي بالنسبة لهما. وتابع تللو ان قطر والاخوان المسلمين دفعتا بهيتو فأصبح موقع الخطيب كقائد لا معنى له. وكان اختيار هيتو قد دفع تسعة من الأعضاء لتعليق عضويتهم في الائتلاف المكون من 62 عضوا قائلين ان وعود اصلاح الائتلاف ومراعاة التوافق أهملت. وفي وقت سابق هذا العام طرح الخطيب مبادرة للمعارضة لإجراء محادثات مع إدارة الأسد بشأن عملية انتقال سياسي لكنه قال إن الحكومة في دمشق لم تستجب. وفي بيانه قال الخطيب "سنتابع الطريق مع اخواننا الذين يهدفون إلى حرية شعبنا." ومضى يقول إن المناصب الرسمية هي "وسائل تخدم المقاصد النبيلة وليست أهدافا نسعى إليها أو نحافظ عليها." وقال معاذ الشامي وهو نشط بارز في دمشق ان استقالة الخطيب حرمت الائتلاف الذي يتكون من أشخاص أغلبهم معارضون في الخارج من الشخصية المعروفة داخل سوريا لكن ما زال بإمكان الخطيب القيام بدور كبير في الثورة. ودعا نشطاء معارضون من العلويين يوم الأحد إلى الإطاحة بالأسد وحثوا أبناء طائفتهم في الجيش على الانشقاق. وفي أول اجتماع من نوعه يعقده العلويون الذين يدعمون الانتفاضة نأى المندوبون المشاركون في الاجتماع بأنفسهم عن الأسد الذي ينتمي لطائفتهم. وقال المندوبون في بيان بعد اجتماعهم الذي استمر يومين في القاهرة "نتوجه إلى إخوتنا في الجيش السوري ونخص بالذكر أبناء طائفتنا بعدم رفع السلاح في وجه شعبهم ورفض الالتحاق بجيش يريد النظام زجهم فيه بقتل إخوتهم السوريين." من خالد يعقوب عويس