بعد استكمال انسحاب قوات الشرعية وقوات الانتقالي طبقاً لاتفاق الرياض من المفترض أن يكون الجنوب (محرراً) وتحت قبضة وتأمين السعودية فلا لدولة يمنية قائمة ولا لدولة جنوبية قادمة أو هكذا ما أشارت إليه بنود اتفاق الرياض وهكذا عبَر عنه رئيس الانتقالي الجنوبي مؤخراً وبما يفيد أن " استقلال الجنوب بالوقت الراهن بات مؤجل". أما الرئيس الشرعي هادي فقد اعتاد أن يتململ بصمت البائس اليائس المقهور وقد ضاع من يديه اليمن كله شماله وجنوبه. قبل خمس سنوات تمرد الحوثي وانقلب على الشرعية وبطلب من الرئيس الشرعي هادي جاء التحالف العربي بقيادة السعودية تحت شعار (اعادة الشرعية) وحتى الآن ما رأينا الشرعية تعود غير أن المتمرد الحوثي أقام دولته في الشمال ودولة الرئيس هادي غرقت في الفساد والفشل فخسرت الشمال ثم خسرت الجنوب وصارت نازحة في الرياض. خمس سنوات كنا نعتقد أن الحرب فيها دائرة على الحوثي في الشمال.. حتى ظهر واضحاً أن البوصلة انحرفت بخبرة خبير ماهر إلى الجنوب في حرب من نوع آخر.. حرب في الخدمات كهرباء و مياه ومجاري صحة وتعليم ورواتب وغلاء ووباء في (عقاب جماعي) قاسي ومؤلم زادوا عليه حالة من (الفوضى الخلاقة) في أبشع صورها فساد وإفساد ونهب وسطو وبسط انفلات أمني سقوط اقتصادي انهيار مؤسسات وتعطيل منشئات وخراب مجتمعات جيل حائر وشباب ضائع بين مخدرات وسلاح و(الف ريال سعودي) والناس تئنُ بين حمى الضنك وضنك العيش.. فتن ودسائس ومؤامرات وصراعات وحروب ودماء.. هكذا زرعوها في خمس سنوات حتى أينعت ثمارها وحان قطافها وقطفوها بعد أن أوصلوها إلى أن الكل فاسد الكل فاشل والكل يغادر لا لهذا ولا لذاك لا (للشرعية) ولا (للانتقالي) الشرعية وافقت والانتقالي وافق ولسان حالهم يقول (يأكلها ذئب ولا يأكلها ثعلب). الجنوب من المهرة إلى باب المندب لا شك عائد ولكنه لن يعود لأهله قد يعود في شكل جديد قديم على ما كان عليه قبل نصف قرن ولايات وإمارات وسلطنات ومشيخات أو قُل محافظات تحكم نفسها من غير (سلطة) متفرقة ممزقة تعيش في أشكال أُخرى من الفتن والدسائس تتربص ببعض وتقاتل بعض حتى تستوي الطبخة الدسمة ويحين ابتلاعها في اتفاق آخر توقع عليه مرة أُخرى الشرعية والانتقالي ولسان حالهم يقول قهراً (يأكلها ذئب ولا يأكلها ثعلب).