لاشك ان التطورات الاخيرة التي شهدها ملف الازمة اليمنية على المستويين السياسي والعسكري مطلع هذا العام قد كشفت جزء مهما يؤكد حقيقة بعض الادوار والمواقف المتعلقة بادارة دول الرباعية للصراع في اليمن.. ادوار ومواقف لطالما حام الشك حول حقيقة تبنيها وتاثير ذلك على مسار الازمة والصراع اليمني طيلة الاعوام الماضية .. فالتحرك اللافت للدبلوماسية البريطانية مؤخرا ومحاولة جر اطراف الصراع المحتربة الى طاولة حوار اخرى لكن ضمن ادبيات بيت السياسة الانجليزي هذه المرة سيضع مزيدا من علامات الاستفهام حول ادوار شركائها في رباعية ادارة الازمة اليمنية .. الاماراتيون وكما يبدو قد حسموا امرهم مبكرا قبل الجميع واختاروا دورا يتصل بملف الارهاب في اليمن على حساب مغادرتهم مشهد الصراع اليمني المتعلق بدحر الانقلاب واعادة الشرعية. فيما ترك السعوديون وبرغبة واضحة كانت منهم في البداية لتسيد مشهد الصراع ذاك .. يصارع السعوديون اليوم في محاولة لإنعاش الامال بتطبيق اتفاق الرياض جنوبا ،في الوقت الذي يبدو فيه انهم باتوا يغرقون اكثر فاكثر في جبهات الشمال والتي تحولت منذ مدة الى جبهات برمودا تبتلع كل الدعم والسلاح الذي يصلها من السعودية دون تغير يذكر عدا مشاهدة ذلك الدعم والسلاح وقد تحول الى الجهة الاخرى اي الى احضان اعدائها الحوثيين .. مشهد دراماتيكي تعيشه السعودية اليوم في الشمال يؤكد بالفعل تخبطها هناك وبحثها عن مخرج حقيقي من ذلك المأزق الذي اوقعها فيه سوء تدبيرها في اختيار ادواتها المحلية هناك وربما حسن ظنها المفرط بالحليف واعتقادها بان مسألة استضافة قيادات الاصلاح العسكرية والسياسية لديها في الرياض سيعد إحتواء كليا لقرار ذلك الحزب ويضمن ولاءه لتوجهات المملكة .. لكن في المقابل اين تقف الدولتان الاهم في الرباعية من كل تلك المستجدات؟وهل حان الوقت لنسمع حديثا مؤكدا عن تسوية وشيكة للحل الشامل قادما من البوابة الاميركية او البريطانية خصوصا وان لاثمار حقيقية انتجتها مساعي المبعوث الاممي حتى الان قد تمثل مخرجا مشرفا للسعوديين من مستنقع الصراع اليمني؟ حقيقة !وفي سؤالي الموجه قبل أمس للمستشار السابق للرئيس الاميركي" ترمب" الدكتور وليد فارس حول تضاءل الدور الاميركي تجاه الازمة والاحداث الراهنة في اليمن على الرغم من ان اميركا تعد احدى دول الرباعية المعنية بحل الازمة اليمنية .. كعادته أجاب المستشار الذي لازال مقربا من الرئيس ترمب بدهاء شديد : "انا اقترحت وسأستمر بأقتراح دورا اكبر تلعبه الولاياتالمتحدة الاميركية في مكافحة الارهاب والتطرف باليمن وكذا في دعم المجتمع المدني" .. ومع ان إجابة المستشار فارس لي كانت دبلوماسية جدا حين حول اجابة السؤال المتعلقة بموقف بلده من الازمة التي خلفها انقلاب الحوثيين والقتال الدائر بسببها صوب ضرورة اهتمام اميركا اكثر بملف الارهاب في اليمن الا انها في نفس الوقت عبرت ضمنا عن الموقف الاميركي من التداعيات الحالية للازمة .. إذ يبدو حقا ان لانية حاليا لإدارة ترمب في لعبها دورا بارزا وحاسما في هذا الملف ..لربما لم تعد هذه الادارة تكترث كثيرا اليوم في بذلها مزيدا من الجهد والوقت للتعبير عن موقفها تجاه كل شاردة وواردة في هذا الصراع لكن هذا قطعا ليس معناه تخلي الاميركان عن دورهم في هذه الازمة .فلربما حقا قد اوعزت ادارة ترمب لشركائها مبكرا فيما يتعلق برؤيتها للحل فباتت اليوم متفرغة اكثر لما هو اهم ( الناخب الاميركي) ،بينما تحاول لاحقا كل من بريطانيا والسعودية وربما الامارات" رباعية الازمة" تطبيق ما اتفق عليه عمليا مع الحليف الاميركي سلفا .. اذن فهل يعني ذلك ان لقاءات السفير الاميركي التي عقدها مؤخرا مع بعض أطراف الازمة سوف لن تعد كونها من باب المتابعة والاشراف فقط؟ هل بالفعل تمت الموافقة أميركيا ومباركة المساعي البريطانية ضمن تفاهمات أوسع بينهما في المنطقة؟وان ما سنشهده قريبا في الملف اليمني لن يكون الا تكريسا عمليا للواقع والحل المتفق عليه؟. وهنا ينبغي الاشارة مجددا الى ان الحالة التي باتت عليها كل من السعودية والامارات وعجزهما الواضح في حلحلة هذه الازمة ستدفع تلقائا بالبريطانيين للعب دورا رئيسيا يتقدم إدارتها لمشهد الصراع على حساب تراجع ادوار الاخرين بناء على المعطيات التي ذكرنا في مسألة تكريس الحل وإنهاء الازمة..دور بريطاني مرتقب وقد يشبه كثيرا دور المتعهد الاوحد لادارة الازمة اليمنية. لكن السؤال الابرز هنا هل سيقف الدور البريطاني الجديد عند الملف اليمني وحسب؟ ام انها ليست الا البداية لعودة البريطانيين الى موقعهم التاريخي بالمنطقة وتوغلهم اكثر في ملفاتها الساخنة؟..