يبدو الفيديو للوهلة الأولى كأنه صور في سوريا: جنود بالبذل العسكرية أمام سيارة مصفحة ألصقت عليها صور بشار الأسد. لكن هذا الفيديو صور حقيقة في العاصمة اليمنية. العديد من الناس في اليمن ممن شهدوا ثورة منذ سنتين يؤيدون الثوار السوريين، لكن هذا الموقف لا يشاطره الجميع. فيوم الثلاثاء، خرج العشرات من المتظاهرين المؤيدين للأسد في العاصمة صنعاء. والفيلم القصير أدناه قد سجل خلال المظاهرة. ووفقا للشخص الذي صوره، فقد انضم جنود إلى المتظاهرين وهتفوا معهم وصدحت حناجرهم "بشار!". لقد دخلت الانتفاضة في سوريا في عامها الثالث، وما زال الاقتتال يشتد. وفي الأشهر الماضية، أصبح للجهاديين السنة دورا أكبر في محاربة الأسد [المنتمي للأقلية الشيعية العلوية في سوريا]. المساهمون
"بعض اليمنيين يؤيدون الأسد لأنهم يعتقدون أن الربيع العربي من ترتيب الغرب لتقسيم البلدان العربية وإضعافها"
في اليمن، نجد عدة شرائح اجتماعية مؤيدة للنظام السوري الحالي. وعموما من كانوا ضد ثوراتنا وما زالوا يؤيدون الرئيس المخلوع عام 2011 علي عبد الله صالح لا يريدون نجاح الثورة في سوريا. لكنهم لا يحبون الأسد ويركزون أكثر على مشاكل اليمن الداخلية. هناك في اليمن فريقان يؤيدان النظام السوري القائم علناً.
أولا نجد القويميين العرب الذين يعتقدون أن الربيع العربي من ترتيب الغرب بغرض تقسيم البلدان العربية وإضعافها. وهذا الفريق يتألف من شيعة وسنة. ثانيا، نجد الحوثيين [هيئة التحرير: الحوثيون هم شيعة في شمال اليمن طالما حاربوا حكومة صالح وكانت آخر مرة عام 2010. وهم يتهمون الحكومة بممارسة التمييز]. وبالنسبة إلى بعض الحوثيين، وخصوصا الأكثر تدينا منهم، لا شك أن تأييدهم لبشار الأسد نابع من نزعة طائفية. لكن بعضهم الآخر يؤيده لأسباب سياسية فهم مثل القوميين لا يقبلون فكرة التدخل الغربي في سوريا ولا الدعم السعودي للمعارضة السورية لأنهم لا يثقون بالسعوديين. [في آخر جولة من الحرب مع الجيش اليمني، حارب الحوثيون أيضا ضد القوات التي أرسلتها المملكة العربية السعودية - البلد السني المجاور]
وغالبا ما يرفع الحوثيون صور الأسد أو أعلام النظام السوري الحالي. لقد رأيت بعضهم يحملها عندما احتجوا على زيارة وزير الخارجية التركي لليمن العام الماضي وهتفوا بأن تركيا جزء من "المؤامرة" على سوريا.
أما اليمنيون الذين شاركوا في الثورة اليمنية، فيرفعون أحيانا أعلام المعارضة السورية خلال المظاهرات المعتادة يوم الجمعة. حتى أن بعض هذه المظاهرات صارت تسمى بمسميات تعبر عن التضامن مع الثوار السوريين.
"اليمن عنده مشاكله الخاصة التي عليه حلها"
لكن سوريا ليست الشغل الشاغل لليمنيين. فنحن في اليمن عندنا مشاكلنا الداخلية الخاصة التي علينا حلها الآن. إننا في خضم حوار وطني تلتقي مختلف أطرافه من كل الأطياف السياسية لمحاولة التوفيق بين كل الخلافات وصياغة دستور جديد قبل الانتخابات المقبلة في فبراير/شباط 2014. [هيئة التحرير: حتى الآن لا تسير المحادثات بشكل جيد إذ يطبعها العنف وقد غادر العديد من الممثلين أصلا].
هند الارياني :"نحن نفضل النظام السوري على الجماعات الجهادية وتصرفاتها التي لم تعد تطاق"
لقد أيد الحوثيون المتظاهرين السوريين عندما شرعوا في التظاهر السلمي ضد الحكومة منذ عامين. لكننا نفضل صراحة النظام السوري على الجماعات الجهادية التي نرى تصرفاتها التي لم تعد تطاق اليوم في سوريا. إننا نرى أن تأييد الولاياتالمتحدةالأمريكية والعربية السعودية للثوار السوريين يؤجج المشكلة. على الأقل في عهد بشار الأسد كان للسوريين حقوق أكثر مما للسعوديين في بلدهم، إذ لا يسمح للنساء بقيادة السيارة!
لقد خاب أمل الحوثيين هنا في الثورة ببلدنا أيضا لأنها سرقت منا وصارت في يد تيار الإخوان المسلمين [التيار نفسه فاز في مصر وتونس بعد الثورتين] الذين تحالفوا لعقود مع حكومة صالح. وانضموا للثورة في آخر لحظة من باب الانتهازية. والآن يجلس العديد منهم في أعلى المناصب بحكومتنا. ليس هذا ما حاربنا من أجله.