تعد الحرية مطلباً ضرورياً للإنسان، فهي ليست كلمة يتم تداولها بين الناس في أحاديثهم فقط، بل إنها تشغل حيزاً كبيراً في حياة الإنسان وعقله، فقد وُلِدَ الإنسان وولدت معه حريتهُ، ذلك لأن الله قد خلقنا أحراراً ولم يخلقنا عبيداً أرقاء؛ لهذا تخللت الحرية في الإنسان فأصبحا شيئان لا يفترقا. إن موضوع الحرية من المواضيع الجدلية التي إذا ذكرت في مجلسٍ ما قلبت المجلس رأساً على عقب بين مؤيد ومعارض ومحايد، وخصوصاً إذا كان الحديث عن إطلاق الحرية بدون ضوابط، أم أنك حرٌ ما لم تضر؛ لذا أغراني الخوض فيها. دعونا أولاً نتحدث عن مفهوم الحرية التي لها مفاهيم عدة تختلف باختلاف الزاوية التي ينظر منها إلى المصطلح نفسه فمثلاً الحرية عند الإسلام تختلف عن الحرية عند الغرب، فعند الإسلام هي” حق الفرد في أن يفعل ما يريد دون إلحاق الضرر بالآخرين “، وتعرَّف أيضاً بأنها إرادة الإنسان الكاملة في اختيار ما يريده في حياته دون إجبار من أحد، ولكنها جاءت محكومة بمقاصد الإسلام الخمسة التي ضمنها للفرد بغضِّ النظر عن معتقده ودينه، وهذه المقاصد هي: حفظ الدين والنفس والمال والنسل والعقل. أما عند الغرب فتختلف تماماً وتتمثل في “الانطلاق بلا قيدٍ، والتحرُّر من كلّ ضابطٍ، والتخلُّص من كلّ رقابةٍ، ولو كانت تلك الرّقابة نابعةً من ذاته هو “. ترجع أصل الحرية إلى اللاتينية وتعني قُدرة الإنسان على التحرُّك والتصرُّف والقيام بِأيّ عملٍ بوجود أدنى حدٍّ من القيود. لذا نستنتج مما سبق أن الحرية عند الغرب هي فعل أي شيء دون الأخذ في الاعتبار مدى ضرره من نفعه ، ولكن عند الإسلام تكمن الحرية في أنت حرٌّ ما لم تضر ، ولقد حث ديننا الإسلامي على الحرية ، وعدَّها من الضروريات التي لا يقوم المجتمع الإسلامي إلا بها ، فوردت الحرية في القرآن الكريم بعدة ألفاظ مشتقة ، وقد تجلى هذا في قوله تعالى:” (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عليم) ، فقد ترك الله للإنسان الحرية في تحديد دينه ، وقد قال تعالى في موضعٍ آخر:” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ) فقد عدّ الإسلامُ هُنا أنّ الحريّة هي الحياة، فجعلَ في تشريعه عتقُ الرّقبة أي إحيائها كفّارة لجريمة القتل الخطأ، وغيرها من الأدلة التي تؤكد أن الإسلام دينٌ يحث على الحرية ويأمر بها، مما يؤكد أن شريعتنا الغراء صالحةٌ لكلِّ زمانٍ ومكان وليس كما يقول الغرب شريعة معسرةٌ صعبة. حسناً ماذا بقي؟ بقي القول: أني أحب الحرية لذلك أغراني الخوض فيها والأهم من ذلك أني أحب ممارستها ولعلمي أنها موضوع متشعب جداً وضعت لكم هنا القليل، وما زال للحديث بقية.