صادف يوم الخميس الماضي 4 أبريل الذكرى ال(94) لميلاد العميد محمد علي باشراحيل، رحمه الله، فهو من مواليد حي العيدروس بكريتر يوم 4 أبريل 1919م وفي حي العيدروس وفي المدرسة التبشيرية تلقى تعليمه الأولي، وخرج منها متقنا للغتين العربية والإنجليزية، وأهله ذلك للالتحاق بشركة البرق واللاسلكي بالتواهي وتعلم على آلة المورس، وذلك عام 1935م. وفي العام 1941م اقترن بابنة الشيخ محمد عمر عبده الشيبة (جرجرة) والتي كانت ساعده الأيمن في كل منعطفات حياته، مؤكدة بذلك المقولة المشهورة (وراء كل رجل عظيم امرأة).. ناهيكم عن دخولها دائرة العمل التنظيمي مع حرائر عدن، وفي مقدمتهن السيدة أم صلاح لقمان (رقية محمد ناصر). وفي العام 1954م نجح باشراحيل في انتخابات المجلس البلدي وفي نفس العام انتخب رئيسا للمجلس وبعد عام 1955م أصدر صحيفة (الرقيب) وكان نصفها الأيمن بالعربية ونصفها الأيسر بالإنجليزية. وفي 7 أغسطس 1958م أصدر صحيفته اليومية "الأيام" وصدرت إلى جانبها صحيفة (الريكوردر) الأسبوعية الناطقة باللغة الإنجليزية، وإيمانا منه بضرورة الاستقلالية عن العمل الحر حتى لا تتأثر رسالته الصحفية مع منصبه كنائب لرئيس حزب (رابطة أبناء الجنوب) (SAL) الذي تأسس عام 1951م وكان آنذاك أعرق حزب في الجزيرة العربية الذي ضم قامات وهامات قل أن نجد لها نظيرا. دخل العميد باشراحيل دائرة العمل السياسي من خلال مركزه المرموق في عدد من المؤسسات منها المجلس البلدي ونادي الإصلاح العربي بالتواهي وحزب رابطة أبناء الجنوب ورئيس تحرير صحيفتي "الأيام" و(الريكوردر) حتى نال الجنوب استقلاله في 30 نوفمبر 1967م، وبداية الحكم الشمولي فانتقل إلى الشمال الدولة الرخوة التي لم تعهد شيئا اسمه دولة المؤسسات حتى يومنا هذا. لو قمنا بتحليل سيرة راحل الصحافة الكبير محمد علي باشراحيل، لرأينا أن هذه الشخصية العصامية التي بنت نفسها من درجة الصفر إلى رقم غير عادي والذي انتقل من دائرة العدم إلى دائرة الوجود، سنجد أنفسنا أمام أرقام مذهلة، فالفترة التي قضاها منذ دخوله مجال العمل عام 1935م وحتى توقف صحيفته عام 1967م قاربت في حدود (32) عاما، وهي فترة عمله في التمثيل الشبابي والمجلس التنويري والعمل الحزبي والعمل الصحفي وتوقف عن كل ذلك، وفي ال(48) من عمره، وهذه تحسب له ولا تحسب للظروف السياسية السيئة كرياح الثورة التي أكلت حتى أولادها. من مظاهر النبوغ عند هذه القامة السامقة هي إبداعه في افتتاحيات صحيفته "الأيام" وقد أتت الرياح بما لم تشتهي السفن، ذلك أن نجله الأكبر الذي مات كمدا هشام باشراحيل كان قد اهتدى إلى جمع كل الافتتاحيات وتم فرزها إلى أربع مجموعات: (قضايا وطنية) و(شئون يمنية) و(قضايا دولية) و(حكم محلي)، وكان رحمه الله ينوي إصدارها في كتاب تزيد صفحاته على (200) صفحة، تصلح قراراتها في كل زمان ومكان، وفتحت "الأيام" أرشيفها أمام كل من يزورها ليتحقق بنفسه من صحة ما ينشر.
أورد للقارئ الكريم عددا من عناوين تلك الافتتاحيات: شئون يمنية: نحن واليمن يا أبناء الشمال اتحدوا اتحاد واتحاد إقليم لا جمهورية نحن ودعاة الانفصالية البدر وطريق الوحدة الغد المأمول القضايا الوطنية: تحفر الشياطين أولاد الذوات ما موقف بريطانيا من هذا المشروع الاحتماء وراء الشعب يعفينا من قلم التاريخ
قضايا دولية: أضواء على الموقف من الصين أهلا برئيس المؤتمر الهندي إنهاء الاستعمار حماقة أمريكية عار جونسون (روديسيا) حكم محلي: شيء مخجل اتهام بالفساد إرضاء الناس الحماقة غاية لا تدرك كي لا نتأثر هذه المهزلة المحاباة من أجل من؟
رحم الله العميد محمد علي باشراحيل! رحم الله شريكة حياته أم هشام! رحم الله نجله هشام! رحم الله ابنته لبنى! رحم الله حفيدته هناء!.