فلسفة الصوم ********** الصوم مدرسة متميزة ذات فلسفة خاصة تجمع بين الروح والفكر والضمير في تكامل وتناسق واتزان لتؤدي في مجموعها إلى خلق حالة من الصفاء الروحي والانتشاء الايماني والسمو الاخلاقي والارتقاء السلوكي في حياة المسلم . إلى جانب ذلك فإن الصوم يهدف إلى دخول المسلم في دورة تنشيطية لتدارك النواقص البشرية وتصفية الرواسب التي تتكلس على قدراته فتشل حركته وحيويته ونشاطه وصحته . لذا كان الصوم من أعظم وأجل وأشرف العبادات وذلك لخصوصيته وتفرده وتميزه عن سائر العبادات.. فلا شيء مثله أبداً يعمل على كبح جماح النفس وكسر حدة الشهوات والجام الغرائز الانسانية وترقيق القلب وتنمية الشعور بحاجة الآخرين وحرمانهم وتعميق أواصر العلاقات الاجتماعية ومد جسور التواصل والتعاون والتعاضد في أوساط المجتمع . وهكذا تتجلى روعة الإمداد الالهي وقيمة التوفيق الرباني وعظمة التشريع الاسلامي الذي يتعهد المسلم بكل السبل والطرق والوسائل التي من شانها أن تقربه إلى ربه سبحانه وتعالى وتسمو به الى ذلك الفضاء الوضيء الذي تحلق فيه الروح في رحاب الايمان الخالص فتصعد إلى تلك المنازل العالية التي يتخلص فيها المسلم من رواسب المادة وغرائز الشهوات ونزوات النفس وخواطر المعاصي وكأن الصوم آلة رفع رائعة تقل الصائم إلى عالم آخر بعيداٌ عن عوالم البشر الملبدة بغيوم الشهوات وسحب الماديات ورياح الانانية فيتحول الصائم إلى إنسان آخر وشخص مختلف وآدمي متميز ضابطا لسلوكه .. ممسكا بخطام نفسه . ممتطيا جواد شواته .. متمثلا قول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم . (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولايصخب فان شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني أمرؤ صائم ). إنه سلطان الصوم .. يفرض على الصائم التحلي بالصبر الذي تتحطم على اسواره نوازع النفس وخواطر الانتقام وهواجس العدوانية وخلجات الشهوات.. فيتسامى الصائم بذلك السلوك الراقي والخلق الرباني والتعامل المثالي على سفاهة السفهاء وحماقة الحمقاء وغباء الاغبياء ِ. وذلك ليثير في بيئته جو الرحمة والمحبة والتسامح والعفو والترفع عن الهفوات والزلات والسقطات كي ينعم الناس بالسلام وينتشر الوئام وتسود القيم السامية والاخلاق الرفيعة والمثل العليا.