يحكى ان إمرأتان ذهبتا إلى القاضي ليحكم بينهما في امر طفل تدعي كل واحدة منهن انها اما للطفل. عندها لجأ القاضي لحيلة ذكية وأشار على واحدة أن تمسك الرضيع من قدماه والأخرى من سواعده. وقال عندما اعلن إشارة البدئ على كل امرأة ان تشد الطفل لناحيتها و التي تنجح سأحكم لها بحضانته – وأضاف: فالبقاء للأقوى في هذا العالم. وعندما اذن لهم القاضي بالبدء، قامت المرأتين بالشد حتى كادت اكتاف الطفل ان تخلع من ماكنها وعندها تحول بكاء الطفل إلى صراخ من الألم، وفي هذه اللحظة ودون مقدمات تركت احدى المرأتين الطفل طواعية. فقال القاضي أعطوا الطفل للمرأة التي تركته، فأنبهر الناس كون هذا مخالف للقواعد التي وضعها القاضي وكان الأصل ان ينسب الطفل للمرأة التي نجحت في شد الطفل لناحيتها. فقال القاضي قصدت بالأقوى هو قوة الامومة فتلك المرأة كانت مستعدة للتخلي عن طفلها حتى لا يصيبه أي اذى. هذا الطفل هو عدن اليوم، والشرعية والانتقالي يتجاذبانه من كل طرف محاولين اثبات ان عدن تتبع إما مشروع الدولة الاتحادية او مشروع ما يسمى باستعادة الدولة. عدن اليوم تتمزق إلى أشلاء بفعل الحرب وكورونا معا! وقد وصل صراخها لتصفه احدى المؤسسات الإعلامية المرموقة بأنها البؤرة التي قد تؤدي لاختفاء اليمن من خارطة العالم. ما يضاعف هذا الألم هو تشتيت الجهود في حرب عبثيه في ظل هذه الجائحة التي تلتهم الناس بشكل مريع. هذه الحرب أدت لغياب إدارة قادرة على الاسهام في تخفيف معاناة الناس بعيدا عن المناكفات السياسية. فالجنوبيون الذين يتقاتلون فيما بينهم اليوم في اطراف ابين كان يمكن أن يسهموا في التعامل مع عمليات الحجر الصحي، ودعم خطط واقعية لفرض منع التجوال، و توزيع المعونات الطبية والالبسة الواقية للكادر الطبي الذي يمثل خط الدفاع الأول ضد هذه الجائحة. عدن تحتاج إلى إدارة ولو مؤقته للتعامل مع مشاكل الكهرباء وأزمة النقص الحاد في الدواء واسطوانات الاكسجين وعمليات تنظيف مخلفات السيول للحد من انتشار الملاريا الخ. عدن اليوم في اشد الحاجة إلى إدارة رقابية لعمليات توريد الغذاء والدواء ومحاربة ظاهرة رفع الأسعار التي سببها تجار الازمات.
عدن تحتاج كل الأقلام الإعلامية لتوعية الناس بالمرض وكيفية الوقاية منه، بدل إهدار هذه الأقلام للتأجيج الصراع وبث الاشاعات المناطقية، وقد وصل بنا الحال إلى توقيف عمليات الرش الضبابي الممول من جمعية أهلية بسبب إشاعات اتهمتها برش سموم لقتل الجنوبيين! الأمر الذي أدى إلى توقف العمل كليا بسبب الاعتداءات المتكررة التي طالت طواقم الفرق المنتشرة في عموم المحافظة.
أبناء عدن اليوم يرقبون من هي الام الحقيقية التي ستضحي من اجل عدن، يريدون من الشرعية والانتقالي أن يبدوا قدرا من المسؤولية امام هذه الجائحة التي ممكن ان تؤدي إلى وفاة مئات الالاف – لا قدر الله. اما الحل، والذي رجوته من بعض القيادات في الشرعية والانتقالي من الذين استطعت التواصل معهم، هو وقف الحرب فورا وإبقاء الوضع العسكري على ما هو عليه في ابين وبإشراف هيئة رقابية من التحالف. وفي الوقت ذاته، العمل على تشكيل لجان طوارئ من الانتقالي والشرعية لتطبيق البروتوكولات المتعارف عليها لمواجهة هذه الجائحة وبدعم من دول التحالف. فلا يوجد متسع من الوقت لنقاش اتفاق الرياض وتطبيق بنوده في ظل هذه الظروف الاستثنائية!
اما لو استمر الصراع ودون تقديم أي تنازلات ، فعلى أبناء عدن ان يعرفوا عدوهم مهما تظاهر بحبه لعدن فهم كالأم السارقة التي فضلت أن تمزق الطفل إلى أشلاء على ان تتركه ليعيش مع أمه الحقيقية، فهم لا يرون في عدن غير مكانتها السياسية والجغرافية لمشاريعهم المنشودة على حساب اهل عدن الطيبين الذين إن ذهبوا فلا تسوى عدن من دونهم شيء.