هناك شغف بين ضلوعي وحنين قد بدأ يتمحور في ردهت قلبي لتلك المدينة وكشاب في أول خطوات المراهقة من الصعب جدا تطويع رغباته ، حزمت امتعتي لتلك المدينة كانت قبلة تطلعاتي في تلك المرحلة وعنفوان الرغبات وجدت نفسي تائه في حواريها وشوارعها وفي كسب محبة ناسها وبناء علاقاتي في ذلك المجتمع كانت صداقاتي التي بنيتها فيها يجاذبها مشروعين قد بدأت آلة الاستقطابان على أشدها لكلا المشروعين ... جنوحي لملأ رغباتي الطائشة آنذاك يسير وفق مشروع الصداقات الحميمة التي كانت تحيط بي ممن يوافقوني سناً فأجد نفسي أجدف في بحور الهوى والمغازلة في طرقاتها وزحام أسواقها في حياة اللهو واللعب والطيش وما إن يسدل الليل ستارة وتوشك الشمس على المغيب بعد إن افرغت طاقة نزواتي أجد نفسي مضطربا أصارع شعوري بالذنب وأبحث عن غفران لزلاتي فأجد نفسي أسير مع مشروع آخر في مظهرة الوقار وعذوبة منطقه تشعرني إني في طريق الخلاص من تلك العواصف التي تختلج كياني حصيلة مرحلة عصفت بكل جوارحي وجعلتني متعطش لإشباع رغباتي غير مكترث لجوانب حياتي الأخرى كنت أجد في هذا المشروع خلاصي من قيود تلك الأهواء فهو أيضا مشروع لهو ووعود بإفراغ النزوات في خيمة « حور العين » وكأن القائمين على هذا المشروع يقفون على أبواب سوق الهوى ليستقطبوا رواده ويوجهون جنوحهم في إدارة فنية لتسيير الرغبات التي تصنعها خطوط إنتاج « سن المراهقة » إلى مشروع حزاما ناسف يبعثك في رحلتك المعهودة لمداعبة حور العين إذا تركت نفسك لهذا المشروع ستجد نفسك أشلاء متطايرة متناثرة في مهب الريح ولولا رغباتي في التفكير التي كنت أمارسها واختلسها من مرحلة العاصفة تلك لوجدت نفسي في أحياء الفلوجة او مقيدا بحزام قد يرسلني للجحيم تلك المدينة كانت مدرسة موحشة لي وفصولها بمثابة جدران سجن أحمد الله إنني كسرت قيودها وأطلقت حريتي التي كنت أكبلها بطوق من نزوات فارغة كانت قد تودي بي في ملخص لتلك اللحظات التي عشتها كانت هناك قصة صغيرة على زوايا هذا الخضم من المعارك مع نفسي كنت أجري كل يوما وكل مساء خلف فتاة أحلامي « لميس » صاحبة ذلك القوام الرشيق والخطوات الراقصة كعارضة أزياء كنت أراها وهي تخطو امامي ولكنها صعبة المراس كمُهر أصيلة لا يستطيع خيالا ترويضها فوجدت سقف أحلامي قد اضمحل شيئاً فشيئاً حتى أوشكت الوقوع في مصيدة تلك التي يدعوها « أحلام » بائعة الهوى في تلك الطرقات ، ولولا فسحة التفكير أيضا لوجدت نفسي الجحيم ... وماذا بعد : حزمت امتعتي وغادرت المدينة على الفور ...