تحت مسمى الإنسانية تأتي كثيراً من المصطلحات التي تُبنا على غير قواعدها وفي وقت غير وقتها ومكاناً غير مكانها ، ولو أنها ليست كذلك لما انجر الكثير خلفها يلهثون تحت مسمى الأنسانية. "الشفقة" احد المصطلحات الجرارة التي يدعيها السياسيون في اوراقهم والإعلاميون في صحفهم والمصورون في عدساتهم ورجال الدين على منابرهم ، المصطلح الذي تدعيه جميع الأحزاب والفئات والطوائف والمذاهب والديانات. يزعم السياسيون والإعلاميون أن على اوراقهم يُدار العالم باسره وأنهم من يحرك شوكة وقته ،يزعمون أن الطفل الفلسطيني لم يمسح دمعته الا هم وأن الفتاة السورية لم ينقُل صوتها الا هم وأن الأم اليمنية لما يواسي اوجاعها الا هم ، وليس ذلك في شي لأنها فقط "الشفقة المزعومة". يزعم أهل العدسات الكبيرة ، أن صورة لفقير مبتسم بيده الرغيف الذي لا يكاد أن يسد جوعه أو جوع إخوانه الذين هم حوله تحت وآبلاً من مياة السماء ، تُعد واحدة من أجمل الصور الانسانية التي يزعمون أنها تفي بالقرض لكي يخبروا العالم مدى تقنياتهم ، وما علم هؤلاء أن الإبتسامة تربية ام بذلت قصار جهدها وهي تبتسم لهم في آخر لحضات احتضارها ، وأن الرقيف بالنسبة لهم الأبراج والفلل التي هم يعشونها ، والسيارات التي لا يعلموا لماذا صنعت ، والمكاتب والوسائد التي يتوسدونها ، إنهُ بالنسبة لهم العالم الذي يرون من خلاله العالم. ويزعم رجال الدين أن مسيرة الشفقة هم من يقودها ،وأنهم من أعطى واتقى ، وأنهم الرقم الأول في الأنسانية لما لهم من فضل كبير على الأمة ، وما علم هؤلاء أن منابرهم لا تغني ولا تسمن من جوع اذا كانت أقوالهم فقط بلا افعال. الجميع يزعم أنه مهدئ اوجاع الأمة عندما تفاشت اوجاعها وتضاعفت والسبب كلهُ فيما يزعمون.