صحيح أن انتشار الفساد في أروقة القضاء لم يكن وليد اللحظة ولكنه تركة ثقيلة من الأنظمة السابقة لاسيما نظام عفاش ، لكن والحق يقال أن استشراء الفساد حينها لم يكن بهذه الصورة الفاضحة وبذلكم الكم الهائل المعاش اليوم والذي يشيب لهوله الولدان ..!!. فقد وصل الحال ببعض القضاة في محاكم الضالع إلى استغلال غياب الدولة وانعدام النظام والقانون في ممارسة الفساد بأبشع صوره والتلاعب بقضايا الناس وتطويلها وعدم البت فيها ، مما يخلق الكثير من المشاكل بين الناس ويؤجج الخلافات والنزاعات والفتن في المجتمع .. وبالطبع من أمن العقوبة أساء الأدب !!.
ومن صور الفساد التي باتت مشهداً مألوفاً وتحدث نهاراً جهاراً أن بعض القضاة يستقبلون في منازلهم أحد الأطراف وموكله ليس من أجل السعي للحل والتقريب بين الخصوم ونزع فتيل المشاكل بين الأطراف المتنازعة ، وإنما من أجل عقد الصفقات وإصدار أحكام جائرة وظالمة وكل شيء بحسابه وللأسف الشديد هذه مخالفة جسيمة وواضحة للمادة 29 من قانون المرافعات التي تنص صراحة على : " لا يجوز للقاضي أثناء نظر الدعوى أن يستضيف أحد الخصمين أو أن يُستضاف عند أحدهما " .
كما أن بعض المحامين قد تركوا مهنة المحاماة السامية القائمة على الأدلة القطعية والبراهين الجلية ، وتحولوا إلى سماسرة لدى بعض القضاة الماديين فلا يستطيع المتقاضي أن يستعيد حقه حتى إن كان صاحب حق ولديه ما يثبت ذلك ما لم يمر عبر هؤلاء المحامين أو بالأحرى السماسرة ..تصوروا !!.
وما يحز في النفس أن هؤلاء القضاة إذا لم يجدوا من يدفع لهم رشوة ، فإنهم سيرمون بملف القضية في سلة المهملات وسيمتنعون عن تحريكها والبت فيها وسيماطلون كثيراً متذرعين بأنهم سيعرضون حياتهم للخطر نظراً لعدم وجود الأمن الذي سيحميهم في حال بتوا في القضية ..!!.
وأما فيما يخص الرشوة فحدث ولا حرج فلا يستطيع المواطن إنجاز أي معاملة وتوثيقها إلا بعد أن يدفع إلى جانب الرسوم القانونية مبالغ مالية أخرى غير قانونية هي عبارة عن " حق التخزينة " وإلا سيتم عرقلة معاملته إلى حين يدفع ..!.
ختاماً نضع هذه المخالفات على طاولة رؤساء المحاكم بمختلف درجاتها ، وكذا التفتيش القضائي ووزارة العدل آملين منهم إنصاف المظلومين وإعادة الاعتبار للقضاء الذي بالفعل قد فقد هيبته .