تمتد المرحلة المعاصرة، الأليمة للصراعات الدموية في اليمن، منذ ثورة 26 سبتمبر في الشمال، وخروج الانجليز من عدن. ومستمرة إلى يومنا هذا. وهي حروب غالبا ماتكون مدعومة من الخارج، ومشاركا فيه. كما تتعدد، وتتنوع، الأسباب المقدمة لنشوءها. ويفضي دائما غياب المساءلة الى تكرارها. ومنذ عام 1967م، تناوبت معا على حكم عدن خمسة مناطق جنوبية قبلية. في هيئة جبهة قومية، وحزب اشتراكي، وحوارك جنوبية، ومجلس إنتقالي وحكومة شرعية. ومعظمهم مازالوا لاصقين بالمدينة، ويهرولون في شوارعها. وعلى مدى معظم سنوات حكمهم، أستوطنت المدينة، وفجرت فيها صراعات وحروبا أهلية دموية، مناطقية، وقبلية شرسه. والآن الخلف منهم مثل السلف مجرمي حرب وجرائم ضد الانسانية، من زباينة جهنم. لايستطيع أحدا منهم أو من قادتهم، أن يقول أنه بريء من دم المدنيين، أو من جرم تشريد أبناء عدن، والبسط على ممتلكاتهم، ونهب أراضيهم، وتخريب البنى التحتية لمدينتهم، وتدمير مؤسساتها الصحية والتعليمية. وللوصول الى حل عادل لقضية عدن، لابد من الإقتصاص منهم. ويتأتى ذلك، بتشكيل فريق قانوني من أبناء وأهالي عدن، في الداخل والخارج. لرصد وتوثيق واعداد ملفات الانتهاكات، لتحريك قضايا قانونية ضدهم وضد كل من حرضهم وساعدهم. وإحالتها إلى محكمة الجنايات الدولية ، أو الدعوة إلى تشكيل محكمة جنائية خاصة، للفصل في كل الجرائم والإنتهاكات التي أرتكبت في اليمن، والبدء بملاحقة مرتكبيها. و جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية لاتسقط بالتقادم. واليمن هي من الدول التي صادقت على إتفاقية روما وإنشاء وقانون المحكمة. وتحظى محكمة الجنايات الدولية بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مرتكبي الفضائع بحق الإنسانية. وهي قادرة على تنفيذ إجراءتها في أي مكان. ويمكن للمدعي العام للمحكمة ِ فتح تحقيق في أي قضية يرى أنها تستحق ذلك. وقد فعلها في قضايا مشابهة، في السودان، وكينيا، والبوسنه والهرسك، ورواند، وتشيلي، وغيرهم. اذ بمقتضى اتفاقية روما، وقانون المحكمة الجنائية الدولية، يمكنها أن تنظر في قضايا أشخاص متهمين بارتكاب هذه الجرائم مباشرة، او آخرين لديهم مسئولية غير مباشرة. كالمسئولية عن الاعداد، أو التخطيط،، أو التمويل، أو مسئولية التغطية أو التشجيع عليها. أي أنه في حالات هذه الجرائم يكون الجميع مدنبين، من مصدري التعليمات، الى المحرضين. الى المقترفين بشكل مباشر، الى الساكتين، عنها رغم علمهم خطورتها. والشريك يعاقب بنفس عقوبة الفاعل وهناك سوابق في قضايا مشابهة، منها النزاع بين بريطانيا وجمهوربة موروشيوس، على أرخبيل شاجوس. الذي يرجع تاريخه الى استقلال موريشيوس عام 1968م. عندما لجأت بريطانيا قسرا الى اخلاء جزر الأرخبيل من سكانها الأصليين، لتفسح المجال أمام قاعدة إمريكية. لكن أهالي شاجوس تمسكوا بحق العودة الى منازلهم، وسبل عيشهم، وتاريخهم. وعرضت قضيتهم على الجمعية العمومية للأمم المتحدة، التي أمرت بدورها محكمة العدل الدولية النظر فيها. وأعلنت المحكمة رأيها لاحقا، وذهب الى ضرورة تسليم بريطانيا لموروشيوس جزر أرخبيل شاجوس. وفي كرولي، وهي مدينة مغمورة ،تقع في ويست سوسيكس ببريطانيا ، يعيش فيها بعض سكان تلك الجزر. رفعوا بدورهم أيضا قضية مماثلة الى محكمة الاستئناف البريطانية العليا في لندن. التي أمرت، بعودة جميع الأهالي الى الأرخبيل، وتعويضهم. ووجَبَت الآن المطالبة بتحقيق العدالة لأبناءعدن، بان تعود المدينة، كما مكثت عبر تاريخها الطويل الممتد لآلاف السنين، مدينة ميناء ذو إدارة خاصة. يتولى أبناؤها وحدهم كافة شئونها. في اطار النظام القانوني والسيادي للدولة. خالية من المعسكرات، ومن كل الذين زحفوا اليها منذ خروج الانجليز منها.