تشتهر اليمن بكثرة حروبها الأهلية المعاصرة وتكرارها. و تمتد المرحلة الأليمة لهذه النزاعات الدموية منذ ثورة سبتمبر في الشمال وخروج الإنجليز من عدن، ولاتزال معنا إلى يومنا الذي نعيشه. وهي حروب غالبا ما تكون مدعومة من الخارج ومشاركا فيه. كما تتعدد وتتنوع الأسباب المقدمة لنشوءها. وعادة، يكون الهدف لدى الأطراف المحلية المشاركة فيها ليس دفع الظلم والثورة على فئة حاكمة، أخلت بحقوق الشعب والمواطن، وإنما لممارسة السيادة، لغرض نهب الأراضي والممتلكات، وسرقة الدولة. ويفضي دائما غياب المساءلة والحكم السيء في اليمن إلى تكرار الحروب الأهلية نفسها وتجددها. وهو مارأيناه وعايناه تتركز في عدن طوال عقود. إذ مع مرور الوقت نشهد الحروب نفسها مع الجماعة عينها. وعلى سبيل المثال، الحروب المتعددة في زمن سيء الصيت الحزب الإشتراكي، دارت رحاها بين أربعة قبائل جنوبية، هي ورجالاتها ذاتها في كل مرة. وعلى الرغم من شدة تلك الحروب الأهلية النزقة، وضراوتها، وفواجعها، ومضاعفاتها، من المحزن أن لايظهر لها مجرم. حيث كان يترتب تحميله تبعات وعواقب افعالة. واخضاعه للمسئولية الجنائية والعقابية. المرتبطة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإ نسانية، بمقتضى اتفاق روما وقوانين المحكمة الجنائية الدولية. وإتفاق الرياض، كغيره من اتفاقيات سابقة غير كافي. صحيح أن السلام محبذ ويثنى عليه. لكن التحدي الرئيس الذي يحيط بالحرب الأهلية الجارية لم يعد في كيفية تقسيم الكعكة بين الغرماء، بل في كيفية إنهاء تلك الحروب التي أندلعت بالأساس بنحوٍ دائم. ويخلق الإستقرار والتنمية المستدامة. ولمعالجة هذه القضية، والخروج من نفق الصراعات الدموية والنهب والفوضى. وبناء الدولة. اليمن بحاجة إلى اتفاق فيه اضفاء واضح للطابع المؤسسي، يأخذ في الحسابات المطروحة, حقوق الإنسان، وبناء المؤسسات السيادية, وإطلاق الحريات العامة، وتوفير الإمكانيات اللازمة لممارستها. والحق في بيئة آمنة. يكون للمؤسسات السياسية والقانونية دور في الحيلولة دون تكرار اندلاع العنف. ويفرض قيودا قانونية وسياسية كافية على الحكومة. ويخضع النخب القبلية والقوى السياسية والمجالس والحوارك للمساءلة.