عدن في واقع إنساني حرج وتعيش ظروفا بالغة التعقيد والصعوبة من جراء نزاع دموي، ولصالح الغير منسوب إلى أربع قبائل جنوبية، تتصرف أسوأ من عصابات مافيا أخذت عدن قهرا، ونهبت أراضيها، وأموالها، وممتلكاتها، وقضت على مواردها، وأفقرت أهلها، ودمرتها وأهلكتها، إلى نزاع ليس لعدن مغنم أو مغرم فيه. أمات أولاد الناس الشباب الأبرياء، وأغرق المدينة من أولها إلى آخرها في أتون فوضى عارمة. من شدته وعنفه وضراوته، دمر بُناها التحتية ومؤسساتها، وكل شيء طيب فيها. وحولها من مدينة رائعة وجميلة إلى أشلاء. وكان على ابناء عدن، في هذه الفترة العصيبة، مواجهة كثير من التحديات. لكنهم زهدوا وتخلوا وابتعدوا عن مدينتهم. وحان الآن، الوقت لأداء واجبهم تجاهها. صحيح أن وقف زحف تلك القبائل البربرية وخروجها من عدن صعب، لكن لا يمكن تجاهله.
والمدخل الصحيح، لاستعادة ابناء عدن مدينتهم، هو العمل السياسي من نوع السودان والجزائر وغيرهم. ومقاضاة كل القوى السياسية والمجالس والحوارك الجنوبية، التي اشتركت في هذه التراجيديا والوضع المأساوي المحزن. ومعهم بريطانيا التي استدعتهم عند خروجها من عدن عام 1967م. وسلمتهم من خلال الجبهة القومية (الحزب الاشتراكي لاحقا) وجيش الليوي، مدينة لا تربطهم بها صلة على الإطلاق.
ولتحقيق العدالة لأبناء عدن. ووضع حد لثقافة القبائل والقوى السياسية والمجالس والحوارك الجنوبية, المتمثلة في الإفلات دائما من العقوبة. هو تقديم دعوى وطلب تحقيق الى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. وتخضع لاختصاص هذه المحكمة، الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبت بحق عدن وأبناء عدن ، منذ الاستقلال إلى يومنا هذا. واليمن هي من الدول الأعضاء التي صادقت على قانون المحكمة.
وتحظى المحكمة بولاية عالمية وبزمن غير محدد لمحاكمة مرتكبي الفضائع بحق الإنسانية. وهي قادرة على تنفيذ إجراءاتها في أي مكان. ويمكن للمدعي العام أن يبادر في فتح تحقيق في أي قضية يرى أنها تستحق ذلك. وقد فعلها في قضايا مشابهة.
ويمكن للمحكمة أن تنظر بقضايا اشخاص متهمين بارتكاب هذه الجرائم مباشرة. مثل قادة القوى السياسية والمجالس والحوارك الجنوبية. أو آخرين لديهم مسئولية غير مباشرة. كالمسئولية عن الإعداد أو التخطيط أو التمويل أو مسئولية التغطية او التشجيع عليها. أي أنه في حالات هذه الجرائم يكون الجميع مذنبين، من مصدري التعليمات إلى المحرضين، إلى المقترفين بشكل مباشر، إلى الساكتين عنها رغم علمهم بخطورتها، والشريك يعاقب بنفس عقوبة الفاعل. ونصر الله عدن .