عارض أبناء عدن في زمن ألإنجليز ولفترة طويلة, وبكل وسائل الإحتجاج, ضم عدن إلى اتحاد الجنوب العربي, وذلك للمحافظة على الإستقلالية على المدى البعيد. ومع ذلك, أقام الإنجليز مع خروجهم من المدينة إستراتيجية جنوبية لتدميرها, هدفها الأساسي هو منع عبدالناصر التي كانت قواته تحارب الملكيين في الشمال من مد نفوذه إلى عدن. وتعتمد على توجيه جيش الليوي, بالتعاون مع المخابرات البريطانية, على دحر جبهة تحرير الجنوب اليمني إلى الشمال ومجيء الجبهة القومية (الحزب الإشتراكي) إلى حكم عدن. بدلا من نقل ملكية المدينة إلى أبناء عدن أصحاب الأرض الأصليين. ومن ثم سقطت عدن فريسة حكم قلة من قبائل محمياتها الغربية السابقة, تسلطت في شكل حكم فيه السلطة مطلقة في يد حزب واحد, كانت القبائل داخله تتصارع على استيعاب بعضهما البعض قبليا, وسطرت قصة أكبر فشل دولة في التاريخ المعاصر, وحولت ثاني أنشط ميناء في العالم إلى قِزمٍ مُقفر, كما كانت الأسوأ والأكثر قتلا في تاريخ المدينة. حقيقة الأمر, أن اليمن تشكيلة فسيفساء من الثقافات الشعبية المتنوعة. وأبناء عدن هم مكون أصيل تمتد حضارته إلى آلاف السنين, لهم ثقافتهم المتميزة. والوعي الجمعي عندهم تغلب علية المدنية الخالصة, والمفاهيم المتعلقة بسلوك الفرد وطريق الحياة الشاملة لديهم فيها كثير من الرقي والسمو. وهم على درجة عالية من الكفاءة والمقدرة, ومنفتحون بشأن مواضيع مثل الديمقراطية والحريات العامة والتنمية الإقتصادية والبشرية وحقوق الإنسان والشفافية. ومدينتهم لها كل ميزات الجغرافيا, كانوا فيها سادة على كل المساحات, وظلوا يديروها لوحدهم لآلاف السنين حتى أصبحت رائدة في التجارة العالمية على مدى تاريخها الطويل كلة. وأمتلكت منذ تجارتها في العهود القديمة مع آشور وبابل وتدمر والبيزنطيين والرومان وحتى خروج الإنجليز منها سوقا حرا على درجة عاليةمن التطور والنجاح. والشيء الثابت يقينا أن عدن لم تكن يوما ما عاصمة لأية دولة، وكانت ولم تزل مفصولة ومعزولة عن محمياتها السابقة وعن الداخل اليمني. لكنها الآن تمر بأزمة حقيقية, وبأوضاع أمنية وإجتماعية وإقتصادية مزرية غاية في السوء. يرزح أهلها في فقر مدقع، مع مستويات عالية من البطالة, ويشعر الكثير منهم بالإرهاق والقهر والتشكيك بمنطق الإستمرار. والقلق الذي يعتمل عدن يعكس إعترافا بأن أعمق جروحها هي نتاج نشاط القبائل والحوارك الجنوبية والأحزاب والقوى السياسية اليمنية. لذا فإن عودتهم والفصائل المتقاتلة إلى حكم عدن مرة أخرى عمل غير أخلاقي, وليس سببا للإحتفال به. ومن قدسية الحق, في مفاوضات السلام المرتقبة بين الأطراف المتصارعة في السويد, التي للأسف لاصوت لأبناء عدن فيها, إيجاد صيغة قانونية لمفهوم سياسي وترتيبات حمائية, كي لاتنشب الصراعات الدمويه الكارثية في مدينة عدن من جديد, وتحقيق الإستقرار الكبير والدائم لها, والحفاظ على تراث ونسيج أبناءها الاجتماعي، وتحسين أحوالهم المعيشية. ومساءلة من أرتكب وشارك وساعد على تدميرها, وتقديم التعويضات الكافية لها. ويرى أبناء عدن أن الحل الأكثر جدوى التي تستحقه مدينتهم وحق تاريخي لها, هو منحها وضع المدينة ذات الحالة الخاصة. وهو مفهوم يتم تداوله في السياسة, ويستخدام للإشارة إلى أن المجتمع في المدينة أوالكيانات قادر على إدارة شئونها وممارسة كافة صلاحياتها, في إطار الوحدة القانونية والسياسية للدولة. بما في ذلك إنتخاب مجالسها المحلية وممثليها في المجالس النيابية وغيرها، في إطار عملية ديمقراطية يكون حق التصويت فيها لأبناء المدينة الأصليين وحدهم، من دون أية تدخلات أو مشاركة أية أفراد أو جماعة من خارجهم لأي غرض. وستكون لهذه الخطوة قيمه إيجابية كبيرة وواضحة على إنهاء الحروب الأهلية التي توالت لعقود على عدن, واستقرار الأوضاع فيها, وخلق بيئة جاذبة للإستثمار, وتحفيز التنمية , ويصبح ميناء عدن منشأة آمنة للعمل والإستثمار و تحسين أداؤه وإزدهاره, وتطوير المصافي, وتقوية دورهما في التنمية الإقتصادية والإجتماعية. حفظ الله عدن.