تعود السياسات الممنهجة والمتواصلة للتغيير الديموغرافي في اليمن إلى القرن الأول الهجري وما تزال مستمرة حتى يومنا هذا، حيث أفضت هذه السياسات إلى ما نحن عليه اليوم من السقوط والانهيار والفوضى والتشظي والقتل الجماعي والاقتتال والعنصرية والعبودية. الحقبة الإسلامية: لقد تميز الحقبة الإسلامية من بداية القرن الأول الهجري وحتى الآن على صراعات وخلافات واقتتال وتهجير وتحويل قيم ومبادئ الإسلام السمحة والبسيطة، إلى قيم الملك والملكية والسلطة المطلقة، وباسم الحق الإلهي في السلطة والثروة، وقد تسيد هذا المشهد الخطير البيت القرشي بفرعيه الرئيسين: الأموي، والهاشمي، ونتج عنه صراعات وإقصاء، وقتل وإكراه وتهجير لهذين البيتين المشهورين والمشهود لهما بنصرة الإسلام وتكوين الدولة الإسلامية في عهودها الأولى وهي العهود التي تعمقت فيهما الخلافات واشتدت، وقد نتج عنها النزوح القسري لآل البيت الهاشمي والعلوي من إماراتهم في مكة والمدينة، وذلك بعدما تعرضوا للملاحقة والقتل من قبل الأمويين والعباسيين وكان نزوحهم إلى اليمن في بداية القرن الأول الهجري، وإلى الجنوب العربي بشكل خاص، وتحديداً إلى حضرموت، ومناطق الجنوب الأخرى كلها. أما النزوح الثاني فكان من نصيب الأمويين بعدما سقطت خلافتهم من قبل العباسيين، وذلك في عام 133ه، حيث أجهز العباسيون على الأمويين قتلاً وتهجيراً مما اضطرهم إلى الهجرة والهروب باتجاه اليمن والأندلس فكانت اليمن هي وجهتهم المفضلة لأنها الأقرب جغرافياً والأكثر أمناً. أما النزوح والهروب الثالث فكان من نصيب أتباع المذهب الشيعي الزيدي في طبرستان الذين تعرضت دولتهم للسقوط ومقتل إمامهم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، في مدينة كربلاء سنة 121ه وذلك من قبل الأمويين بحجة منافستهم للحكم، وقد أعطى أئمة هذا المذهب الأمر لأنصارهم وأتباعهم الذين عرفوا بالطبريين للخروج من أرض الأثميين والتوجه إلى اليمن وتحديداً إلى صعدة، وهؤلاء الأنصار ليسوا عرباً ، ولكنهم من أقوامٍ فارسية وأقوام من بلاد أسيا الوسطى بعد أن تعربوا وتكلموا العربية ومن (تكلم العربية صار عربياً)حديث شريف، وقد تميز هؤلاء الشيعة الزيدية بالتنظيم والحسم والعنف والإكراه لمعارضيهم، وذلك بحكم خبراتهم الطويلة في إدارة دولتهم التي دامت أكثر من مئتين عام على الرغم من وسطية مذهبهم بين المذاهب الإسلامية كلها وقد صادف نزوحهم إلى اليمن قبل قيام الدولة الزيدية في اليمن بوقت قصير وذلك في عام 284ه ، وهناك وجود للفرس الذين كانوا متواجدين قبل الإسلام واعتنقوا الإسلام، وقد تشيعوا بالمذهب الشيعي الزيدي، وبقوا في اليمن فكانوا نشيطين في سياسات التغيير الديموغرافي، وفي صنعاء يوجد أعداد لا بأس بها من العائلات والتقديرات تشير أن نسبة لا بأس بها من سكان صنعاء من أصول فارسية وتركية، كما يوجد هناك الأحباش من بقايا الاحتلال الحبشي لليمن وأنصار دولة بني نجاح التي حكمت زبيد ومنطقة الساحل الغربي للبحر الأحمر لمدة 142 عام، والتقديرات التي قدرتها منظمات إنسانية لأعداد هؤلاء الأحباش في اليمن تشير إلى أن أعدادهم ما بين أثنين مليون إلى ثلاثة مليون نسمة، ولكن وضع هؤلاء يختلف كلياً عن وضع الأخرين من السكان الأصليين أو النازحيين الأغراب فهم مجتمع مهمشين نسبة إلى المهمشين في الهند لا حقوق لهم، ويقومون بالأعمال القذرة كعمال البلديات ومعظمها القاذورات، ويعيشون عيشة غاية في السوء، وفي بيوت من الصفيح والكراتين لا تقيهم من الحر والبرد، كما أن المجتمع كله في اليمن يمارس ضدهم العبودية بأبشع صورها للأسف الشديد، وهم يعيشون منبوذين وبعيدين عن المجتمع، ولا يختلط بهم الناس ولا يأكلون معهم وغالبيتهم لا يرتادون المدارس، وهم يرتضون لأنفسهم بهذا الذل والهوان المبرمج منذ قرون ومقتنعين بأنهم أخدام ليس إلا، وقضيتهم قضية إنسانية وحقوقية عالمية وهي مرفوعة في نظر. أن جغرافية جنوب شبه الجزيرة العربية تشمل اليمنوالجنوب العربي ومروراً في دول الخليج العربي وعمان حتى مناطق عسير ونجران وجيزان وكانت منطقة كثيرة السكان والثراء والحضارة فكان أول ملك في الجزيرة العربية هو قحطان بن يعرب اما سكانها فكانوا من العرب القحطانيين وسموا بعرب جنوب الجزيرة القحطانيين الأقحاح وتمثل هذه الجغرافيا خاصرة شبه الجزيرة العربية بكاملها نظراً لموقعها الاستراتيجي المهم على البحر العربي والمحيط الهندي وبحر عمان. ومن خلال قراءة هذا المشهد تشكل مشهد واضح من هذه القراءة البسيطة لحال اليمن بعد التغييرات الديموغرافية التي أثبتت وبالعين المجردة والصورة الانطباعية الواضحة حجم التعدي وحجم الاستيلاء الممنهج والتغلغل في نسيج المجتمع اليمني حيث كان عميقاً وكذلك السطو والاستيلاء على أراضي شاسعه في كل اليمن وخاصة في حضرموت كثيرة الأراضي الواسعة ومنها أراضي الأحقاف التي تملكها الأخوة الضيوف وبدون وجه حق وكذلك استولوا على أماكن كثيرة مهمة باسم الوقف وباسم الأولياء التي امتلأت بها سهول وجبال وقرى اليمن وبخاصة الجنوب منها، وأن هؤلاء الأولياء من سلالتهم المزعومة ولو أجري فحص جيني لهؤلاء لما ثبت نسبهم إلى آل البيت كما أنهم ينكرون بعضهم بعضاً، واراضي أخرى هبات من المواطنين للسادة العلويين في الجنوب والشيعة الزيدية في الشمال كما أحكموا السيطرة على دور العبادة والقضاء والكتاتيب وتحفيظ القران، وقد كانوا يفرضون على السكان الإتاوات والضرائب المجحفة وكذلك الخمس وهذه الأموال كلها تذهب إلى جيوبهم الخاصة وبهذا أثروا إثراءً كبيراً على حساب المواطنين البسطاء حتى أن الناس أصبحوا يتداولون المثل القائل (جرذي الوادي خرج جرذي البيت) ولان اليمنيين كانوا يؤمنون إيماناً قوياً بالإسلام ويحبون الرسول وآل بيته حباً منقطع النظير، فقد تم تجيير كل هذا الحب في تنفيذ سياستهم الهمجية والتسلط والتزوير واستخدام القوة والعنف المفرط ضد السكان المسالمين ومحاولاتهم الدؤوبة في إذلالهم حتى ينفذوا كل ما يريدون وخاصة في المناطق الزيدية في الشمال. لقد تقمص السادة العلويين ولبسوا ثوب العمامة السنية الشافعية بصوفيتها السمحاء وهذه من سياسات التقية المشهورة عندهم وبهذا استطاعوا خديعة الناس والسيطرة على عقولهم وبهذه الحيل الماكرة من الكذب والخديعة وللتدليل على ذلك أليكم هذه المعلومة التالية: يتبع...