استمرار السعودية بصفتها البلد الراعي لإتفاق الرياض في ممارسة سياسة العصا والجزرة ومحاولة تطبيق الاتفاق المزمن على طريقة الري بالتقطير واخضاع البنود المجدولة للتعويم بدل الالتزام بالمدد الزمنية المحددة في نص الاتفاق الموقع يوحي بشكل قاطع ان المملكة تمتلك كل خيوط اللعبة المتحكمة بالمشهد الجنوبي وتثق كل الثقة بإستحالة حدوث اي إنقلاب في المواقف المعلنة او خروج أيا من طرفي الاتفاق عن النص السعودي ومعادلة الصراع التي حددت الرياض طبيعتها بين أطراف الداخل . سيبدو هنا ان لاحاجة لدى القيادة السعودية في التعجيل بتطبيق الاتفاق طالما وان خيار مزامنة التطبيق مع إمكانية إدراك المملكة لإستحقاقات أخرى تنشدها في القريب العاجل بالشمال هو الخيار الانسب وبالتالي عودة الحديث عن انتصار سياسي وخرق دبلوماسي مهم تحققه المملكة في معركتها باليمن على طريق مغادرتها ملف الازمة اليمنية . لازلنا ندعم المسار السياسي في معترك البحث عن تحقيق مكاسب سياسية لصالح المشروع الجنوبي كما اننا لانرمي من وراء توجيه هكذا نقد وعتاب الى خلق مواقف معادية تجاه المملكة بقدر ما ندفع نحو استمرار وحفظ العلاقات الاخوية المتينة مع الجارة وبقية الاشقاء فالتحديات أمام شعوب المنطقة باتت تقريبا واحدة. لكن ان تتحول حسابات وسياسات الإنهاك التي يمارسها الحليف الى واقع مرير يتجرعه الشعب كل يوم دونما جهد ملموس للتخفيف من وقع تلك المعاناة هذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا . وحقيقة ..نتمنى على الوفد المفاوض هناك إدراك خطورة الامر وحساسية الموقف الذي وضعوا فيه وانعكاسات ذلك سلبا على المزاج العام والحاضنة الشعبية المؤيدة . فواقع المكوث طويلا في غرف الرياض المغلقة مع الاكتفاء ببعض التفسيرات الهزيلة حول اسباب تعثر تطبيق الاتفاق حتى اللحظة في ظل عودة شبح المواجهات والتعقيدات الى واجهة المشهد الجنوبي مجددا وتفاقم المعاناة الانسانية فيه يوما بعد يوم بات بالفعل واقعا مخجلا ولا يدعم الا حقيقة واحدة وهي ان الوفود المتفاوضة هناك اضحت تمارس فقط دور المزهريات في رحلة الخيار الانسب الذي تسعى الشقيقة الى تحقيقه اليوم . تساؤلات بسيطة نطرحها على هامش هذا الحديث : أين يقف شركاء المملكة في اللجنة الرباعية المعنية والمفوضة بحل الازمة اليمنية؟ لماذا يترائ للجميع وكأن المسؤولية كل المسؤولية تقع اليوم على عاتق السعودية وحدها في حل الصراع اليمني؟ أيعقل مثلا أن بقية دول الرباعية تبقى هي الأخرى مجرد مزهريات جاءت بها المملكة لتجنب تحميلها مسؤولية الاخفاق حال فقدت يوما قدرة إدارة الملف المعقد؟