من قراءتي لموضوع الأخ العزيز محمد الحاج سالم في صحيفة الطريق الغراء العدد ( 1503) الصادر يوم الاثنين 6/5 2013م تحت عنوان ( يا شرفاء الوطن اتحدوا ) خطرت لي بعض الملاحظات العابرة على بعض ما ورد في المقال ، مع حفظي لمكانة الكاتب وقدراته الإبداعية وخبرته الإعلامية الواسعة بالمقارنة مع قدراتي المحدودة وخبرتي المتواضعة ككاتب مبتدي لم يتعدى ( أ ، ب الكتابة ) فإن اصبت في ملاحظاتي فذلك توفيق من الله ، وان أخطأت فيعذرني صديقي واقبل منه ان يقيم عثراتي ، كلنا يدرك الوضع الخطير والغاية في التعقيد الذي تحمل فيه الأخ الرئيس عبدربه منصور مسؤولية رئاسة الجمهورية بتوافق اطراف أزمة صنعاء ، في وقت لا يمتلك الأخ الرئيس من عوامل القوّة غير عقله ودعم دول المبادرة والراعية الى جانب الخيرين من القوى الفاعلة في الشمال أساساً . في ظل هذا الوضع الذي قبل فيه الأخ الرئيس هذه المهمة غيره بالتأكيد سيتردد بسبب تعقيد الوضع وقلّة عوامل القوّة الداخلية بيد الرئيس وندعو له بالتوفيق ، مع اننا نخشى عليه من الوقوف فوق رؤوس الثعابين ، الذي يتوقف نجاح الأخ الرئيس في خلع انيابها ، الى جانب معالجة المشاكل المعقّدة التي صنعتها مراكز النفوذ والهيمنة خلال سيطرتها التي فرضتها بالقوة والاكراه على مختلف مناطق البلد وتراكم القهر والظلم ومحاولات الإذلال وانتهى بمحاولة توريث الحكم لأسرة الحاكم ، وجاءت ردّة الفعل الشعبية حروباً متلاحقة في صعدة وثورة سلمية في الجنوب كسرت حاجز الخوف ومهّدت لثورة سلمية في الشمال . وهكذا التهبت الأرض وجاءت النهاية التي لم يتوقعها النظام ، لكنه استطاع تحويل الثورة السلمية في الشمال الى ازمة سياسية ، عن طريق اندلاع معارك صنعاء بين جناحي النظام تحت ذريعة ( قتل الثوار من طرف – وحماية الثورة من الطرف الآخر ) وجاء التدخل الإقليمي والدولي لتنتهي حرب صنعاء بتقاسم الطرفين للسلطة ووضع البلد تحت الوصاية الإقليمية والدولية .. جاء الأخ الرئيس عبدربه منصور في هذا الظرف كفارع شر بين الطرفين من ناحية وعازماً على تلبية تطلعات الشعب من ناحية أخرى .. مهمتين متناقضتين لا تتحقق الثانية الا بنهاية الأولى .. وفي هذا تكمن صعوبة المهمة ، هذا في الشمال وحده ، أما الجنوب فالثورة السلمية ومليونيات الشعب الجنوبي حددت هدفها بالتحرير والاستقلال .
الا ترى أخي محمد ضخامة التعقيدات أمام الأخ الرئيس وشراسة القوى المتربصة لإفشاله ، ذلك ان نجاحه يؤرخ لمرحلة اسدال الستار على قوى مهيمنة تمتلك مصالح ضخمة وتترصد لكل شاردة وواردة تستخدمها في حربها الغير معلنة ضد الرئيس ، وفي هذه الحالة اعتقد ان الأخ الرئيس ليس بحاجة للمديح الممجوج والصفات المكروهة التي كانت تطلق على الرئيس السابق حتى لا يقال ان الامر لا يتعدى استبدال رئيس برئيس وان التغيير بعيد المنال ، أيضا لا أرى داعي لاستعداء الاخرين فلكل فعل رد فعل موازي ، وبشأن تحركات الدبلوماسيين لا أرى من الحكمة أن نحجر على طرف ما نحله لطرف آخر .. اتفق معك على الدعوة لنبذ مفردات العداء والكراهية بين الشعبين في الجنوب والشمال.. لكنني اختلف معك بشأن مفردة (الشعب الواحد والوطن الواحد ) للتدليل على ان الجنوب جزء لا يتجزأ من الشمال أرضاً وانساناً ، وهذا التوصيف مناقض لحقائق التاريخ ولا ينبغي ان نتعسف حقائق التاريخ أما حباً للوحدة أو كرهاً لها ، فالوحدة حدثت وتعمّقت اواصرها بين دول وشعوب لا تجمعها وحدة الأرض والشعب ، أيضا الانفصال حدث في اطار الدولة الواحدة ارضاً وانسانا ، ذلك ان الوحدة والانفصال أساسها المصالح ومستوى الارتقاء او الهبوط في حياة الشعوب بمختلف جوانبها المعيشية والروحية والتعلمية ... الخ ، يكفي ما جرى في الجنوب من تزوير لحقائق التاريخ ابتداء من يمننة الجنوب ليس جهوياً بل كهوية سياسية موحدة ، واخيراً ما اطلق عليه واحدية الثورة التي اعدت مجلّدات لإثبات ان ثورة الجنوب هي بنت ثورة الشمال .
وبذلك لا يؤرخ لثورة الجنوبيين ضد الاستعمار ولشهدائهم الا ما حدث بعد ثورة 14 أكتوبر اما ما سبقها فلا ذكر له .. لو عدنا لبعض المصطلحات او المفردات المثيرة اليوم للجدل والتنافر نجد في مقدمتها يمننة الجنوب الذي كان اول من اشاعها بحسب معلوماتي رموز ثورة 1948م الهاربين الى عدن بعد فشل الثورة، وتبنّتها بعض فصائل الحركة الوطنية في الجنوب، كذلك مفردات الوطن الواحد والشعب الواحد ، إعادة تحقيق الوحدة ، عودة الفرع للأصل ، واحدية الثورة .... الخ ، كل هذه حاول ويحاول الأخوة الشماليون تحويلها الى وعياً اجتماعياً في الجنوب واعتبارها حقائق تاريخية ، لكن المتتبع لها يجد أن أساسها أطماع دنويه لا علاقة لها بالتاريخ وقد أصبحت من العوامل المنفرة للتقارب بين الاشقاء في الجنوب والشمال هذه ملاحظات عابرة .
اما الأخ الرئيس فنحن ممن يتمنى له النجاح في تغيير الواقع رموزا وفكرا وسلوكاً بما يلبي طموحات وتطلعات ورضى الشعبين في الشمال والجنوب، وندعو الله له بالسداد والتوفيق.