عندما يموت الضمير ويدفنُ في مقبرة الضياع ، فإنه بلا شك لم يمت إلا بعدما أصاب قلبه وعقله القرآن ، وحُجب عن تنفس الخير قولاً وعملاً، ويموت الضميرُ عندما يكون خاوياً من القيم والمبادئ ومكارم الأخلاق، وتضعف مناعته تجاه أي فيروس حامل للإثم بجميع أنواعه؛ فيؤثر تأثيراً مباشراً على البصيرةِ قبل البصر، فيكون سبباً في انعدام رؤية الخير، وتنتكس موازين الفكر والتعامل القويم مع الآخرين، ويمضي صاحبهُ بطريقٍ مخالفٍ للعقلِ والنقلِ وذلك بعد موت ضميره وسقوطه بغياهب الذنوب والمعاصي. هنا – للأسف- يظلُ القلب - منتكساً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، تعشعشُ بداخله شياطين الإنس والجن بالشر ومساوئ الأخلاق، فتملئ عليه الباطل بجميع أنواعه، فتقبل نفسه المنكر وتنكر المعروف، وهذه من أعظم الفتن ، ويظن أنّه يعمل الخير وهو من أشر الناس قولاً وفعلاً وفي ضوء ذلك فإنّ جميع التصرفات ، قابلة للمضي بطريق الضلال، فهذه النفسيات هي التي تبرم صفقة الأخلّاء مع ميت الضمير لأنّ بينهم عامل مشترك كما قال تعالى: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) وذلك بفن تمثيلي يؤدى فيه جميع أدوار المكر والحيل والخداع مع الآخرين، وذلك حسب ما تقتضيه المصلحة للحصولِ على رغبات وشهوات ذلك الجسد العاشق للسحت الفاقد للضمير