منذ انطلاق الثورة الجنوبية في (7 / 7 / 2007م) حتى يومنا هذا، تحققت الكثير من الانتصارات سواء في الجانب العسكري وتحرير معظم الأراضي الجنوبية، أو في الجانب الأمني من خلال محاربة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في المناطق المحررة، ولم يكن الإنجاز في الجانب السياسي متوازياً مع الجوانب العسكرية والأمنية، ولهذا أسبابه التي تعود في كثير منها إلّى النهج المتخذ من القيادة ذاتها، وعدم استشعارها مسؤولية مواكبة الجهد الأمني والعسكري. نشعر ويشعر معنا كثير من أبناء الشعب أن العمل السياسي لقيادة المجلس الانتقالي من خلال التواصل مع الشعب الجنوبي على الأرض في كل مناحي الحياة يكاد يكون شبة منعدم، وهذا ما تسبب في الإخلال بالثقة بين طبقة القيادة المترفة وطبقة عامة الشعب المرهقة والحامل الأساسي للثورة. في كل ثورة، تنحرف أهدافها السامية حينما يتصدرها أنانيون، يعزلون أنفسهم عن حاضنة الثورة، تزدهر أوضاعهم على حساب سوء أوضاع شعبهم، تنتقل حياتهم من جحيم الميادين وغبارها إلى نعيم المناصب والكراسي الوثيرة قبل أن يتحقق للشعب غايته، ونحن لا نريد لثورتنا أن تكون مثالاً لهكذا ثورات تموت مقابل حياة قادتها. ندرك حجم المؤامرة، ونعلم أن العدو ما زال وسيظل يبث سمومه على الشعب الجنوبي، إلّا أن هكذا مؤمرات لا تجد طريقها للتحقيق حينما تكون القيادة قريبة من شعبها، فتنعدم هنا الثغرات التي يمكن النفاذ من خلالها، وكان من الأجدر أن تقترب قيادة المجلس الانتقالي العليا والقيادات المحلية من حاضنتها وتلتحم بالمواطن وتعمل في الميدان، من خلال تذليل الصعوبات وتحسين الوضع الأمني والمجتمعي، وإشراك الخبرات وكل أطياف المجتمع، ونبذ بعض الظواهر السيئة والدخيلة على مجتمعنا من خلال اختلاق كثير من القضايا التي تكاد تكون مصطنعة أو مدفوعة الأجر، ومنها ما حصل في يافع كظاهرة اختطاف الأطفال، والاعتداء على إدارة الأمن، وغيرها الكثير من القضايا المُخلة بأمن وسلامة المجتمع. إصلاح ما بمقدور الانتقالي إصلاحه لا يلزمه انتظار مارثون المفاوضات في الرياض وانتظار ما سينتج عنها، فهو المعني قبل غيره بإصلاح مناطق حواضنه الشعبية، حتى يرى المواطن فيه قدرة القيادة، وكفاءة الإدارة، وإلا فتجربته التي لم تكن حسب المأمول، لن تكون مغرية للمواطن حتى يكررها، أو يرى فيها نموذجاً لمن يدّعي القدرة على إدارة دولة!