المجلس الإنتقالي الجنوبي ، كيان انتظره الجنوبيون طويلا تذوب في بوتقته جميع المكونات الجنوبية والفصائل الثورية المختلفة ، يمثل الشعب الجنوبي في المحافل الدولية ويتبنى مطالبه المشروعة ويحمي منجزات الثورة الجنوبية ، ومع أن المجلس الإنتقالي لم يستوف هذه المواصفات بشكل كامل ورافق تكوينه سلبيات من المنطقي وجودها في مثل هكذا مرحلة وفي وجود هكذا اعداء الا انه فرض حضوره بهيئة قيادته التي خرجت من اوساط الشعب ومن رحم المعاناة والتنكيل والاقصاء ، واصبح هذا المجلس الممثل الشرعي للجنوب وخرج عن اطار المكونات الجنوبية السابقة بحضور حزبي يرقى لمستوى نظام دولة . وبما ان الدعم الاقليمي والدولي عامل مهم بل اهم عوامل نجاح الاحزاب والمكونات والمشاريع السياسية فقد امتلك المجلس الانتقالي خمسة مقومات هامة تكسبه الدعم والتأييد الدولي ومن هذه المقومات :
اولا : ان المجلس الانتقالي وعبر وحداته العسكرية المتنوعة مثل الحزام الامني وقوات النخبة ووحدات المقاومة الاخرى والاجهزة الامنية في المحافظات الجنوبية يعتبر الطرف العسكري الاكثر محاربة وقتالا للتنظيمات الارهابية الدولية مثل تنظيم داعش وتنظيم القاعدة وخاض المجلس الانتقالي حروبا ضروس ضد التطرف والارهاب في عدن وحضرموت ولحج وابين وشبوة وافقد هذا التنظيم المتجذر في العمق والذي يعتبر اليمن احد اكبر بؤره العالمية...افقده معظم سيطراته في الجنوب وقضى على تواجده في كثير من المناطق والمدن وجعله ينحسر بقوة نحو وسط اليمن "خارج حدود الجنوب " وهذا العامل او المقوم الذي يتمتع به المجلس الانتقالي من اهم العوامل المساعدة على كسب التأييد الدولي والدعم اللامحدود سياسيا وعسكريا.
ثانيا : ان المجلس الانتقالي يملك عامل القوة التي كثيرا ما ترغم العالم على الاعتراف بها ، ويملك المجلس قوة عسكرية تبسط سيطرتها على معظم اراضي الجنوب وتشكل مع قوى الجيش الوطني التابع لحزب الاصلاح وقوى الجماعة الحوثية والمؤتمرية اقوى ثلاث قوى عسكرية على مستوى الساحة اليمنية وهذا العامل ايضا عامل مهم في كسب الدعم الاقليمي والدولي فالاحزاب والمكونات ذات الوجود السياسي فقط دون قوة فاعلة على الارض لن يكتب لها نجاح مشاريعها ومن الصعب ان تضع الدول ثقتها فيها فالثقة تبنى على القوة والسيطرة على الارض وفي المجتمع اليمني كغيره من مجتمعات الشرق الاوسط القوة العسكرية تطغى بقوة على القوة السياسية مع انه يندر وجود حزب دون اذرع عسكرية له.
ثالثا : المحيط الاقليمي والدولي ينظر لجانب مهم باغفاله قد تكون جميع المقومات الاخرى عديمة الفائدة وهو جانب "النظام" فالمكونات التي تمتاز بطابع نظام الدولة واطر سياسية منظمة وحكومة دولة في المكون نفسه هي التي تحظى بالدعم الدولي والاقليمي ، والعالم ينظر للمكون الذي باستطاعته بناء دولة حقيقية وهذا العامل موجود بالتاكيد لدى المجلس الانتقالي الذي قدم نموذج فريد من نوعه في العمل السياسي والنظامي وشكل هيئات قيادية ودوائر سياسية وتنظيمية وادارية واعلن عن مجالسه في محافظات الجنوب كافة والمجالس المصغرة في معظم مديريات الجنوب واصبح المجلس الانتقالي نظام دولة متكامل قادر على بناء دولة بعيدا عن الميلشاوية والمشاريع الطائفية والعشوائية وغيرها من الصفات التي تدمر المكون امام المجتمع الدولي .
رابعا : هذا المقوم اكتسبه المجلس الانتقالي من محيطه الحزبي في اليمن فالمجلس الانتقالي يعتبر المكون اليمني الوحيد الذي يتبنى مشروع سياسي غير مرتبط بايدلوجيا دينية وطائفية او ارتباط بمشروع عابر للحدود فجماعة انصار الله الحوثية تتبع ايدلوجيا طائفية معروفة وترتبط بشكل مباشر بنظام ولاية الفقيه الايراني وهي احد نتائج تصدير الثورة الخمينية الى بلاد العرب واهداف الجماعة الحوثية اكبر من مجرد حكم اليمن ، وكذلك التجمع اليمني للاصلاح الهيكل الوزاري والاداري وصاحب النفوذ المطلق في الحكومة الشرعية يتبع التنظيم العالمي للاخوان المسلمين ذا المشروع المعروف العابر للحدود والذي يعتبره العالم خطرا مدمرا للبلدان والانظمة العربية والاسلامية وتزايدت موجة العداء الدولي والعربي بشكل كبير تجاهه مؤخرا ، اما المجلس الانتقالي النقي من الطائفية والمذهبية والايدلوجية العابرة للحدود فهو المكون الوحيد الذي يضمن بناء دولة لا تتدخل في الجوار ولا تترابط بشكل تلقائي مع الدول الاخرى التي تحكمها الجماعة نفسها او الحزب والفكرة نفسها.
خامسا : الحاضنة الشعبية للمشروع السياسي عامل مهم يعتمد عليه المجتمع الدولي في بناء علاقاته مع المكون الذي يتبنى هذا المشروع ، والمجلس الانتقالي يعتبر احد المكونات العربية وحتى العالمية الاكثر شعبية على الاطلاق وقد اثبت المجلس هذا بالمليونيات المتكررة التي خرج بها الشعب الجنوبي تلبية لدعوته وتفويضا له ، والمجلس الانتقالي الجنوبي لا يمتلك ثقل على مستوى قياداته فقط فهو يملك قاعدة شعبية عارمة في الجنوب يستمد منها شرعيته وقوته ويبدد بها مخاوف العالم من اصدطام المشروع السياسي مع الحاضنة الشعبية له ، ولم تكن شعبية المجلس وليدة اللحظة فالحراك الجنوبي النواة الام له قاد ثورة الجنوب سابقا ضد نظام صنعاء وكافح في سبيل حقوق هذا الشعب ومطالبه المشروعة ودفاعا عن قضيته وهويته ، وما يميز الشعب الجنوبي انه خزان بشري لا ينضب للمقاومة الجنوبية النواة الام ايضا لقوة المجلس العسكرية وكما هو حال الشعب اليمني فالشعب الجنوبي عبارة عن جيش بشري ضارب فهو شعب مسلح ومقاتل مما يضيف ميزة هامة لقوة المجلس العسكرية .