(بماذا يصحح الأكاديمي عندما لا يجد قيمة القلم الأحمر) رسالة تلقيتها من أحد الأكاديميين، رسالة تُعبر عن الحال الذي وصل إليه الأكاديمي المُقلب "برسول العلم" بعد توقف صرف راتبه الذي هو مصدر عيشه الوحيد، الذي كُشف معها كل عيوبه الاقتصادية، بما كان يتمتع به، من أساسيات العيش الضرورية، يتمتع بها رسول العلم الأكاديمي. إذا ما عدنا بالذاكرة قليلاً للوراء للأيام الخوالي التي كان يعيشها الأكاديمي، والذي يصنف على إنه منجم من مناجم العلم، وثروة علمية يجب المحافظة عليها، فتم اعطائه بعض الامتيازات القانونية، التي تسعى الي تصفية فكره الذهني لتوفير بعض متطلبات الحياه، ليصبح بعد ذلك عقليه علمية تحمل معها التطوير والتحديث، هذه ذكري من الماضي، يتمني كل أكاديمي العودة إليها، كيف لا وقد أصبح شغله الشاغل البحث عن لقمه العيش بديلاً عن البحث العلمي، فقد أصيبت الخلايا العلمية بالموت أو كادت أن تموت، إذ لم تتدارك في الأيام القليلة القادمة، فقد تتجمد من كثر التفكير الاقتصادي. في الوقت الذي يقوم الرسول الأكاديمي: بالتصيح الدفاتر لطلابه، فمن يا تري يصحح وضعة المعيشي؟!. وفي الوقت الذي يقوم فيه الأكاديمي: بتغذية العقول فمن الذي يقوم بتغذيته هو وأطفاله، فأصوات البطون الخالية يًعد من أكثر الأصوات تشويشاً عن الفكر خاصتاً إذا كان مصدرة طفلاً يتألم من قسوة الجوع ولتسألوا مجرب؟!. وفي الوقت الذي يقوم فيه الأكاديمي: بزرع العلم، فمن يا تري يزرع فيه الأمل؟!. وفي الوقت الذي يقوم فيه الأكاديمي: بعملية البحث العلمي، فمن يا ترى يبحث عنه؟!. وفي الوقت الذي يقوم فيه الرسول الأكاديمي: بتعليم كيف يرفع الظلم عن المظلومين، فمن يا تري يرفع مظلوميته. أزمات ووضع استثنائي يعلم الأكاديمي الأجيال القادمة كيفية مواجهتها، فمن يا تري يتنبه لأمره ويخفف من أزماته. يرسم الأكاديمي بكل وقار رؤي المستقبل المشرق أمام طلابه، فمن يا تري يمكن أن يعيد له مستقبلةُ. بهذه المفاهيم التي هي غيض من فيض، يتجدد الأمل المشرق في عقول الرُسل الأكاديمية، فهو يصارع الظروف، لكي لا ينقل صورة خاطئة أمام طلابه، يقاوم بكل قوته لكي يستمر على ما هو عليه، فإذا سقط فإن علمة يسقط، يبذل قصار جهده بل كل مخزون العلمي والجسدي لكي يستمر في حمل الراية العلمية أمام طلابه، ولكن قد يصل الي نقطة لا يستطيع المواصلة فيها فطاقاته قد نفذت وإبداعاته قد تجمدت، وخلايا عقله تصبح في موت سريري، جل تفكيره وغايه مناه حصوله على قوت الغد ومنتهي سعادته أن يبيت أطفاله شباع. استمرار تجاهل هذه الثروة العلمية الوطنية، هو انهيار للعملية التعليمية برمتها، وتوقف عملية التقدم والتحديث والنهوض بالوطن، إذا كان لا بد من المحافظة على ما تبقي من بصيص الأمل العلمي، فيجب تحويل الأنظار شطرا الرسل الأكاديمية، وأن يرتفع منسوب الاهتمام بهم، كونهم الأهم والأفضل من الاهتمام بأشياء لا تغني ولا تسمن من نهوض. إذا كان من حق أصحاب المؤسسات الإرادية، أن تستلم رواتبها، على أساس الدخل المالي، فإن من حق أهم شريحة علمية، استلام رواتبهم، لاستمرار البناء العلمي في ظل ظروف، كونهم أكبر مصدر ايرادي بشري لدولة ومؤسساتها بدون أستاذ الاقتصاد يغيب الإقتصاد، وبدون مهندس النفط ينتهي القطاع النفطي، وبدون طبيب يموت المريض، العلم والتعليم هو من أرقي المؤسسات الإرادية للعقول المنتجة، لذلك يجب على أولي الألباب والأبصار الالتفات الي هذا الجانب الذي هو الركيزة الأساسية لبناء أي مجتمع، فبدون العلم تنتهي المجتمعات ويعُم الجهل. المنظومة الجديدة قلبت الأوضاع عاليها سافلها، أصبح العقل الذي يحمل نور العلم، متواجد في ظلام الجهل، وأصبح ظلام الجهل متواجد في النور، لا نعلم المُسببات في تجاهل الحكومة لشريحة تحمل أعلي الدرجات العلمية، والتي تعتبر من أرقي الطبقات المجتمعية، في عدم صرف رواتبهم والتعمد في تجاهلهم وهذا ما يزيد من عملية الانهيار العلمي، ولم نجد لهذا تفسيراً منطقياً، غير التعمد في استهداف المنظومة العلمية وركائزها الأساسية، والتي كلفت الدولة مليارات الدولارات لتكوينهم وتأهليهم ونضوجهم العلمي، وفي الأخير تقوم حكومة اخري بتدميرهم تدمير ممنهج، متعمده في ذلك استهداف الوطن نفسه. الوقت الذي نناشد فيه العقلاء من أصحاب القرار ممن يقدرون العلم والعلماء، وممن تهمهم مصلحة الوطن، الكامنة في الحفاظ على هذه الثروة العلمية. في اعتقادي الشخصي أن التدابير في الانهيار العلمي، سوف تستمر لو لم يكن هناك فعلاً من يقدر تلك الكنوز العلمية، الذي يُعد الصمت الحكومي لأكثر من ثلاث سنوات دون عمل حلول لاستمرار صرف رواتبهم، ومن فترة الي أخري يتصدقون علينا بنصف مما كانوا عليه يحصلون، وهي بقايا مما ينفق ساستنا وأولياء أمورنا، من المعيب جداً، ما تظهره الحكومة من الصمت المخزي اتجاه شريحة ضحت وبذلت الغالي والرخيص لكي تستمر الشعلة العلمية في توهجها. كل تلك التضحيات لم تجد أذان صاغية، ولكنها وجدت وعود لم ترى النور إذا كانت قررت الحكومة صرف كل شهرين أو ثلاثة أشهر نصف راتب، ولكنها تراجعت وخالفت قرارها، من المفترض رد الجميل العلمي بصرف الرواتب كما تفعل المؤسسات الإرادية، تجاهل المؤسسات العلمية هي كارثة أخلاقية قبل أن تصبح سياسية. فالعلم نور والجهل ظلام.