مضى الخمس سنون على قرع طبول الحرب التي عزفتها الجماعات المتمردة على السلطة التي سقطت تحت تأثير الصرعات السياسية والمناكفات الحزبية وانهيار الصف القبلي الذي كان مسيراً لأمور الدولة وتبني فكرة القيادة لأقيال بعض الأسر التي تنفذت وهيمنت على مفاصل الدولة. وفي أثناء انبعاث الحرب برزت إلى سطح الواقع الخلافات بين الشخصيات التي ظلت طيلة عقود من توليها مقاليد الحكم في ظل هيمنة القبيلة التي الزمت الاطراف على تسويات وقتية تفككت مع مرور الوقت لتطفو اختلافات تحولت إلى صراع حزبي بين شريكي السلطة أنداك المؤتمر والاصلاح وجابت تلك الخلافات رسم المكايدات وتخطيط المقالب السياسية ولو على حساب الوطن وكل ذلك جاء على ما تشتهي الجماعات الامامية الراغبة في اعادة ماضيها والتي حاولت بكل جهدها الاستفادة من تداعيات الوضع وانهيار العلاقات حتى تتمكن من القفز والوصول إلى مفاصل الدولة وفي مقدمتها الجيش الذي تربى طيلة تلك المراحل على التبعية والولاء المطلق للقبيلة والمذهب والطائفة وكان بحق مجرد من الوعي الوطني والبناء الهيكلي لما كان يفترض أنه جيش وطني. اندلعت الحرب وشيت نيرانها وانقسم الجيش إلى فرق حسب الولاء الحزبي والطائفي وكان للانتماء المذهبي الشق الاكبر والنصيب الأوفر في انحياز عناصر الجيش الذي كان في غالبه من مناطق الشمال وبالأخص شمال الشمال وسقطت الدولة في براثن الطائفة التي سرعان ما نهضت لتنقض على كل أوصال الدولة المنهارة لتبني جسرها الطائفي الممتد من ايران حتى اليمن مروراً بلبنان والعراق وبدعم غير منقطع النظير من زعماء المذهب حتى على مستوى دول الاقليم. وكان يتوقع لتدخل دول الاقليم حسب الاهداف المعلنة في وثائقها وبرامجها العسكرية القضاء على الجماعة وايقاف مدَّها في اجتياح مناطق الجنوب التي كان تبغي استباحتها فكانت الهبة الشعبية لا بناء الجنوب من اجل التصدي بدوافع وطنية ودينية ونزعات مناطقية لكنها سرعان ما تحولت لذا البعض إلى دوافع مادية وبمرور الوقت تغيرت الاهداف لتعج مناطق الجنوب التي جمعتها الغاية رغم تفرق وتعدد الاهداف بصرعات مناطقية وحزبية كانت قد سكنت منذ ان عانى الجنوبيون من ماسي الوحدة البائسة وحرمانهم من كثير من الحقوق واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثالثة فحاولت بعض القوى الاقليمية من احياء تلك النعرات التي كانت قد دفنت تحت الرماد لتبرز مرة أخرى إلى السطح. الحرب ما زالت مستمرة ولم يعد أحد حتى من الطبقة السياسية على علم بتفاصيل الحرب وكيفية سيرها بل باتو يجهلون كيفية الخروج من مأزق الحرب الذي فرضت على الشعب وبات يعاني وحده ويلاتها ويذوق مراراتها وللخروج من ذلك المأزق والمنعطف الخطير لابد قبل كل شيء من تصحيح النوايا والتخلي عن الاهداف المكتسبة بعد صياغة سيناريو اثناء الحرب والعودة للأدوار الأولى في السناريو الاول ومحاولة لم شمل الفرقاء ليكون يد واحدة تضرب عدوها بيد من حديد لا مجرد فصائل متنازعة تتقلب من المصالح والاهواء ولابد من الانقياد خلف قيادة سياسية واحدة تحوز الرضا من مختلف القوى التي دخلت الحرب صفاً واحدً ثم تحولت لقوى متنازعة , ولن يكون ذلك بدون جيش وطني يأتمر بأوامر قيادة واحدة لا جيش يتقاضى راتبه بالعملة المحلية وأخر بالعملة السعودية جيش يدين بالولاء لراية وتراب الوطن لا من أجل فلان من الناس ولابد من التمازج بين السياسة والجيش ليصوغو سنفونية وطنية متناسقة لا تصدر أصوات نشاز باتت واضحة للعيان حتى لمن يفتقدوا الاهلية الكاملة للإدراك ولابد من اعادة الدور الشعبي والمجتمعي ليكمل التناغم ويرسم أروع لوحة وطنية من أجل الارض والانسان عصام مريسي