الشمال الجنوب الظلم العدل ومن المعتدي والمعتدى عليه كلها مفردات لم يتم الحياد معها أو التدقيق فيها بتجرد من الناحية العملية أو النظرية فالشمال لم يكن متفقا تجاه مظلومية الجنوب ولو ناقشنا هذه المسألة عند أغلب النخب الجنوبية لوجدنا الأغلبية يتناقضون مع أنفسهم حول مفهوم الاعتداء على الجنوب إلى حد السطحية والتطرف ومن ثم تكريس أو استغلال القضية الجنوبية من قبل البعض من أجل الجهوية والمناطقية والقروية والشخصية في أضيق الحدود وهذا تراه اليوم عندما تنظر إلى المبررات والأسباب التي بنينا عليها قواعد الخلاف مع الآخر ومن ثم حجم التناقض في ممارسة الاعتداء على بعضنا البعض بمفهومه الواسع الذي يعني ممارسة إرهاب الفرد ضد الفرد الآخر وإرهاب الطرف ضد الطرف الآخر وعدم الأمان على الحق الخاص وصولا إلى الصراع على السلطة وإقصاء الآخر من حقه دون النظر إلى المفارقة بين ظلم الشمال للجنوب وظلم الجنوب للجنوب وكل الحكاية فقط لا تتكلم في ظلم الجنوب ضد الجنوب ولا تتساءل؟!. حتى تفهم ما يدور اليوم ولا يتم استغلالك عليك وعلينا جميعا أن نتساءل ما الذي يميز اعتداء الشمال علينا إذا كنا نعتدي على أنفسنا أكثر وأكبر؟ وما الذي يميز إرهاب بعضنا البعض اليوم على إرهاب الشمال لنا بالأمس؟ وما الذي يجعلنا نطالب بدولة جنوبية مستقلة إذا كان مصيرنا أسوأ في ظل الجنوب؟ وما الفرق بين هروبنا إلى الوحدة الظالمة بالأمس أو هروبنا من الوحدة إلى الجنوب الظالم اليوم؟. ونتساءل ألم نكره الوحدة مع الشمال لأننا خُدعنا بالوحدة؟ ألم نحمل نحن الشعارات الوحدوية أكثر من الشمال واتضح لنا أننا كنا فقط نحلم بالمكان الخطأ بينما الحقيقة كانت شيئا آخر؟ اليوم نحن نحمل شعارات الجنوب ودخلنا السجون من أجلها وضحينا بالكثير من شبابنا ونحن نحلم بدولة جنوبية على أساس العدالة التي فقدناها في ظل الوحدة مع الشمال (العدالة في السلطة والثروة) لكن على الحقيقة نتساءل ما يميز أحلامنا بين واقع أحلامنا في الأمس عن الوحدة مع الشمال وانفصال الجنوب عن الشمال اليوم أو غدا من أجل دولة جنوبية بينما الصورة التي نرها في الجنوب اليوم أسوأ من الصورة التي ذهبنا إليها نحو الوحدة بالأمس؟!. نتساءل إذا كرهنا سيطرة الشمال على الجنوب وطالبنا بالانفصال فما الذي يجعلنا نرضى بتسلط بعض الجنوبيين على السلطة والثروة؟ ولماذا نرسم لوحة جمال الدولة الجنوبية لاضطهاد الآخر وظلمه ولا نقبل منه حتى الرفض بل ونعتبر رفضه خيانة؟! ولا نقبل ذلك من الشمال أو في ظل الوحدة؟ ولماذا نجعل من مسمى الجنوب حل لكل مشاكلنا وآلامنا وإن كانت مشاكلنا وآلامنا في ظله أكبر وأكثر؟!. لماذا كلما انتقدنا جريمة أو ظلما أو سلوكا خاطئا في جنوب اليوم يصر البعض على أنه مش وقته؟ ويبرر أن السكوت من أجل الجنوب؟ إذاً ومتى يكون وقته؟ نتساءل هل يكون بعد قيام الجنوب؟ كما حصل بالأمس الانتقاد بعد قيام الوحدة؟! ولماذا بالأصل يأتي الجنوب إذا كانت هذه هي بداياته؟ وما الفرق بين وحدة الظلم والإلحاق وجنوب الظلم والإلحاق؟! ولماذا يصر البعض على أن الجنوب محصورا فيه؟ نحن لا نريد جنوبا أسوأ من الوحدة نحن لا نريد جنوبا يكون لمجموعة من المرتزقة؟ بل نريد جنوبا يكون لكل أبنائه ويأمن فيه كل أبنائه ودون ذلك فالجنوب سيكون منفصلا أسوأ من الوحدة مع الشمال رغم أنف من يقول غير ذلك هذا لو سلمنا جدلا بانفصاله لأن الانفصال عن الشمال مستبعد في ظل ما نراه اليوم من استهداف لوحدة الجنوب ولو حصل سيكون كما قلنا سابقا والأيام بيننا؟!. د/ علي جارالله اليافعي