رحل المناضل والمؤسس في حركة القوميين العرب الكاتب والسياسي والمؤلف والمفكر إسحاق الشيخ يعقوب وبرحيله خسر الوطن العربي وحركة القوميين العرب علماً ورمزاً وعنواناً بارزاً من عناوين الأقلام الحرة الداعمة لقضايا الشعوب العربية كاتباً قدم حياته وسخر قلمه للدفاع عن المضطهدين صال وجال بكتاباته متحدياً الظروف الصعبة التي تعيشها الأمة العربية ومتقلاباتها السياسية بلا خوف ولا يخشى لومة لائم مؤمنا أن الكتابة وطرح الرأي هي بوصلة الوصول للسلام والاستقرار ،
منذ أيامه الأولى في حركة القوميين العرب كان مناضلاً ومناصراً لقضية الجنوب ومن أوائل ثوار الحركة ضد الاحتلال البريطاني ، وبعد الوحدة اليمنية كان مدافعاً عن القضية الجنوبية وداعماً نضال الجنوبيين ، ولن ينسى له التاريخ ما كتبه عن فشل الوحدة اليمنية في اليمن بعد اجتياح جيش الرئيس علي عبدالله صالح لعدن في 1994 ووصف الكاتب إسحاق الشماليين بالذئاب التي تنهش لحوم الجنوبيين حد تعبيره وظل إسحاق الشيخ يعقوب داعماً للقضية الجنوبية وواحداً من أوائل الكتاب العرب الذين ناصروا الثورة السلمية الجنوبية في مهدها ، ونشر يعقوب ، عشرات المقالات منذ انطلاق الحراك الجنوبي في 2007 والتي ساندت حق الجنوبيين في التحرير والاستقلال ، وقد حظيت مقالات يعقوب بمتابعة واسعة النطاق في الوطن العربي وكان من ضمن عدد قليل من الكتاب العرب الذين التفتوا إلى قضية الجنوب وقدموها إلى الإعلام العربي رغم التهميش الذي تعرضت له القضية الجنوبية من قبل الوسائل الإعلامية العربية. تابعت كتاباته ومواقفة النبيلة النابعة من معدنه الأصيل ووعيه وفهمه وإخلاصه وسعيه لحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً بعيداً عن القوة الظلم والقمع والاستبداد
قمت بزيارته إلى منزله برفقة عدد من الزملاء في ذلك الوقت وتقديم له الشكر والتقدير على مناصرة القضية الجنوبية ،
كان رجل شهم ومتواضع وكريم ابن كريم استقبلنا بقلبه الكبير وروحه الرائعة المحبه قائلاً قبل مغادرتنا له أن لا نقطع الزيارة وأنه سعيد باللقاء معنا وقال أنا جنوبي والدم في عروقي جنوبي والهواء الذي اتنفسه جنوبي والجنوب هي الأم التي جمعتنا وعشنا فيها الذكريات وهي بداية عملنا الجاد في حركة القوميين للدفاع عن الأمة العربية
استمر تواصلنا كثيراً مع إسحاق وفتح لنا بيته وكان له الدور الكبير في تعزيز العلاقات مع الصحف والكتاب وكان يتابع بأهتمام كبير أحداث الثورة الجنوبية وينقلها إلى المحامين والصحفيين والكتاب
إسحاق الشيخ يعقوب من رواد الرعيل الأول لحركة القوميين العرب ، وقد جمعه مع قادة الجنوب في خمسينيات وستينيات القرن الماضي النضال الوطني والثوري فكان من الشخصيات العربية المؤمنه بعدالة القضية الجنوبية والكفاح لأجل تحريرها من براثن الاحتلال البريطاني ، عاش إسحاق الشيخ يعقوب في عدن وشهد مع قيادة الجنوب احتفالات التحرر والاستقلال الوطني في 1967م وكان له دور فاعل بعد ذلك في تقريب وجهات النظر والرؤى المختلفة بين قادة الحزب الاشتراكي ،
بحسرة كان يتذكر إسحاق الشيخ يعقوب أيام شبابه في عدن مع زملاءه في حركة القوميين العرب وقادة الحزب الاشتراكي ، ذرفت عيناه بالدموع عند زيارتي له في منزله والتي استجمع فيها الذكريات الجميلة المفعمة بالنشاط الكفاحي والقومي العربي وتحدث عن نضال الجنوبيين وعن الحرية والكفاح وعن عدن وشعب الجنوب وتحدث كثيراً عن فتاح وعنتر وعلي البيض وعلي ناصر قائلاً بألم شديد بلغني أحداث يناير وأنا في السجن وحزنت وتألمت وكم كان وقع خبر يناير مؤلم ليقضي على حلم الدولة الجنوبية ونضال الجنوبيين وحلم الأمة العربية لأنها كانت عدن هي الحاضنة والقاعدة لذلك الحلم القومي العربي الجميل ،
إسحاق الشيخ يعقوب عاش ُمُشبعاً بعالم السياسة وتحولاتها في المنطقة ، والفكر والرأي، فهو من رواد حركة القوميين العرب، ومن اساطينها، ومنظريها،
وإسحاق الشيخ يعقوب من مواليد 1927 ولد في المملكة العربية السعودية الجبيل وهو كاتب وصحفي ومؤلف ومناضل حمل على عاتقه شعلة النضال وكان هامة وقامة عالية
إسحاق الشيخ اسم جمع بين الحداثة اليسارية وبين ورع الدين والتدين تضاد في الاسمين انعكس على واقعه حيث تفرد منذ نعومة أظافره بمخزون معرفي ولغوي قل نظيره كيف لا وكان والده شيخ كبير أضاف اسم إسحاق هذا الإسم التحدثي إلى حياته لمسة فنية ليمنحه رونقاً أخر كان الفقيد ذو مبدأ قومي اشتراكي تشبع به وروى عطشه منه وناضل من أجل ذلك الفكر فكان أحد مؤسسي حركة القوميين العرب ولم تمنعه ثقافته الدينية من الانخراط في مجال القومية بل أعطته دفعة قوية وقناعة وإصرار لمواصلة الدرب الذي أختاره من أجل الكرامة والحرية ، وهو أحد أبرز الكتّاب في الشأن السياسي في الخليج العربي، ويكتب في صحيفة «الأيام» البحرينية منذ أكثر من 20 سنة. وفي العديد من الصحف العربية والخليجية، أبرزها صحيفتي «عكاظ» و«اليوم» السعوديتين، كما له العديد من الإصدارات والمؤلفات الفكرية والسياسية والأدبية، من أبرزها: كتاب «مطارحات فكرية» وكتاب «قضايا سعودية»، ورواية و«إني أشم رائحة مريم» بجزأيه، ثم كتب «بصمات وجدانية» و«في الثقافة والنقد» و«العلمانية طريق التقدم» و«ماهي الليبرالية» و«هكذا تكلمت المعتزلة ،
في العام 2014 أجريت معه حوار مطول في صحيفة عدن الغد والذي تحدث خلاله عن عدالة القضية الجنوبية وإنها الأكثر تفجيراً ولهيباً وعدلاً في جزيرة العرب ،
نودع اليوم علماً من أعلام السياسة والثقافة وبرحيله خسر الوطن العربي الكبير كاتباً له باع طويل وتجربة غنية بالعطاء الفكري والسياسي والثقافي
نسأل الله تعالى أن يرحمه ويغفر له ويعفي عنه ويسكنه فسيح جناته