أنا صعبٌ، حتى في مرضي. هكذا كتب محمد النعمان عن نفسه قبل سنوات من الآن لم أكن أعلم ماذا يقصد بهذا الكلام بضبط ..! عندما كنتُ طالب في الجيولوجيا...كتبتُ،ذات مرة قصيدة نثرية أردت أن أشارك فيها في الفعالية التي كانت تنظمها كلية الآداب في الجامعة .. وكان إيماني أن ماسقوله لا يقل مستوى عما سيقوله الآخرين ... لكن سرعان ما تغير رائي فور وصولي..! تحديداً في اليوم العالمي لشِعر في مدرج السعيد قبل أربع سنوات من الآن كان هناك فعالية بحضور كوكبة من الشعراء وكذلك أيضا د.نبيلة الشرجبي . وكان المدرج مكتظ على نحو مهيب...دخلت قاعة الفعالية تسبقني إليها الفرحة . في الكراسي الأمامية في صفوف الرجال الجميل والأنيق حسام الشراعي بجواره عبدالله العباسي صديق قديم قد مضى على صداقتنا بما يقارب مئات الإعجابات وليكات، حتى أصبحت صداقة واقعية تتجدد بالحيوية عند كل لقاء...وثالثهم منتصر منصور سلمت عليهما ثم جلست بالقرب من القاص منير طلال ابتدئ الدكتور ماجد الجعفري الفعالية ،كان تقديما مدهشاً ، كنت أستمع له ونفس الناقد الخبيث بداخلي تنتظر هفوة نحوية يقع فيها لكنه لم يقع، بل أقتحم الفعالية بقصيدة مدهشة كادت الحروف أن تصفق له إعجاباً من إبدعه.. ثم يقف على حافة المقدمة،وتسقط بلاغته عمداً في حضرة الذي هو خير، في حضرة أ/محمد النعمان... كان الكلام شهياً من شفتيه، والأشهى والأحلى حين يقول بنبرءة جميلة "قد جملكِ شعرك جماله من أغنيات العشق والملاله ما يسكن القلب غير نيرمين" سافر بالحضور إلى الحب وعرج بروحهم نحو الحرب وهم يبكون... وهو يقول:أهدي إلى طفل المقتول أنس هذه الأبيات "هل كنت في باب رئاسة يا أنس يوم استباح دمائكِ قناص الحراس هل رحت تلعب في فناء قصورهم وظللت تلعب في الجدار والجرس أم بلِت ياذا طُهر في عرصاتهم حتى تعمد قتلك القوم نجّس ........ ما ذنب راسك في السياسة يا أنس....." كنت أتمنى أن لا ينهي القصيدة.. .لم أعلم متى غادر النعمان المدرج كنت أريد أتعرف إليه أكثر.. لكني كنت مشدوهن بكلام د.تامر الأشعري حين كان يمسك المايك بوثوق عجيب على المنصة وبدأ في الكلام...في البداية ظننته كتب الكلام ثم حفظه، لما لحظت من تناسق وتماسك عجيب في كلمته..في الحقيقة لم أحسد أحدا على شيء إلا كما غبطه لهذه البراعة والموهبة ،في الإلقاء، وأختيار الألفاظ وتركيبها وهو يرتجل بصورة جميلة ومدهشة..! لم يمض وقت طويل حتى التقيت بالأستاذ محمد النعمان بمكتب الثقافة وعرفت ماذا كان يقصد بذاك الكلام ...! محمد النعمان مصاب بمرض نادر للغاية .. منذو سبعة أعوام .... بتمدد الشريان الدماغي القاعدي ويسمونه بعدة أسماء.. وأعتقد أن ما أصاب محمد النعمان مرض ماكر ونادر للغاية. وعند لحظة معينة سيكون قد فات الآوان . يوجد حل،طبعاً في مركز وحيد متخصص في علاج هذا النوع من المرض في فرنسا لكن بتكأليف باهضة ...!