لا غرابة في الأمر ولا يحتاج إلى جهد كبير لفهم محتواه، فهو حالنا نحن الجنوبيون عندما وضعتنا أقدارنا أمام العديد من المحن التي نالت منا الشيء الكثير، فقد توقف دوران الحياة في هذا الوطن بسبب تلك المعوقات التي ساعدنا نحن على إيجادها، منها ولائنا للخارج والثقة الزائدة في الغير، تلك التصرفات الرعناء جعلتنا ندفع أثمان باهضة ما كان لنا أن ندفعها، ولا زلنا نتجرع مرارتها إلى يومنا هذا، ولعل من أبرز تلكم المطبات هو ما سعينا نحن إليه في عام 1990م عندما سلمنا دولتنا ووطنا غربانا لوحدة غير مدروسة ولا مضمونة النتائج، ولأن ذلك قد حصل فعلاً وكنا سبب رئيس في تحقيقه فإن قصدنا من ذلك كان لجلب المزيد من الراحة والطمأنينة لسكان هذه الأرض وشطره الشمالي، وليس أن نسلم تلك الدولة ولذلك الوطن لأناس لا يعرفون قيمة ذلك، فقد نكروا ذلك من الأيام الأولى فأصبحوا هم الأسياد ونحن أتباعهم، عندما طمسوا معالمنا ونهبوا ثرواتنا وعبثوا بكل ما هو جميل كنا قد صنعناه. ولما صار الأمر كذلك كان لزاما على أبناء الجنوب رفضه والمطالبة بعودة حقوقه كاملة، وهذا ما ناضل الشعب الجنوبي ولا يزال مستمر في نضاله من أجله، ومن المستحيل أن يرضى بعودة الأمور إلى ما كانت عليه دون إجراء تغييرات جذرية للواقع المؤلم الذي عاشه فترة الوحدة وما بعدها.! إن مطالبتنا للجنوبيين بكل أطيافهم من أجل العمل على عودة الحق الضائع ولا بأس من إجراء إصلاحات تقود في المستقبل إلى تأهيل الطرف الآخر عندما يعرف معنى الوحدة ونحو وحدة عربية شاملة وفق أسس وشروط موثقة غير قابلة للقفز عليها كما حصل في التجربة السابقة. إن ملامح المستقبل لا تبدو إيجابية، وعلى كل من بيده تلك الأمور النظر في ذلك والعمل بجدية من أجل سلامة الموقف وعدم الخوض في مسائل لا يمكن السكوت عنها، وهنا نجدها فرصة للتعبير عن ذلك مطالبين أشقائنا دول التحالف والمجتمع الدولي أخذ ذلك بعين الاعتبار وخلق أجواء مناسبة تساعد على الاستقرار في المنطقة. أما كلمتنا الأخيرة لإخواننا الجنوبيين، أن يأخذ الكل العبرة من الماضي، وكيف أصبحنا بسبب تفريطنا ببعضنا وعدم التسامح والمودة.. وأقولها صراحة لمن لا زالت الوحدة تجول في خاطره نكاية بغيره، أن يتوقف عن ذلك وليعلم أن كل الجنوبيين وحدويون وما كانوا انفصاليون إلا من أجل الوحدة عندما رأوا أنها خرجت عن خطها المرسوم، وما كان يؤمل منها.!