ألم يقل المصطفى صلى الله عليه وسلم : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " وقال ايضا عليه الصلاة والسلام : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " كذلك ألم يكتشف علماء النفس من خلال أبحاثهم العلمية : "أن الرجل موقف" وإذا ماعمدنا إلى الشاعر الفيلسوف أبي الطيب المتنبي نجده قد قال في الأمر ذاته: وإذا لم يكن من الموت بدٌ ** فمن العار أن تموت جبانا إذن فما الذي يجعل القوم تصمت أمام الطواغيت ؟ تستحضرني بعض المشاهد والمواقف المعاصرة التي تقف ذاكرتي أمامها مطأطئة إجلالا لرجالٍ صرخوا بكلمة الحق أمام سلطان جائر بل أمام طغاة العصر . فما زال مشهد ذلك الشاب الصحفي البسيط الذي جاء من أقصى جنوبالعراق ليسكت الطاغية جورج بوش الذي دمر البلاد العربية ونكل بأهلها فحول بلاد الرافدين من مركز تنوير وحضارة إلى بلاد فاشلة تتناحر طوائفها فيما بينها صباح مساء بل تنام وتصحو على تلك الفتنة النتنة التي غرسها بينهم ذلك المجرم الطاغية ، وساعده في ذلك رعاع من الأمة ، منهم من قد ذهب إلى مزبلة التاريخ ومنهم من ينتظر ...فرمى ذلك الشاب - الذي لم تسعفني الذاكرة استحضار اسمه - بحذائه البسيط الصغير في شكله الكبير في معناه محطما حاجز الخوف وأسطورة الرعب التي عاشتها الأمة في تلك المرحلة ومازالت ، ولكن المشهد قد حُفر ورُسم في الذاكرة بأحرف من نور ...كيف لا وأنا ما زلت أرى الطاغية يهرب يمينا ويسارا من تتابع سير الأحذية باتجاه وجهه وكأنها صواريخ متجهة إليه فلله دره من شاب رسم مشهداً من مشاهد الرجولة والشجاعة التي ستخلد في تاريخ الأمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وأظن أن كثيرا ممن ما زالوا أحياء من أمتنا العظيمة قد شاهدوا ذلك المشهد العظيم وارتسم في ذاكراتهم كما ارتسم في ذاكرة الكاتب ... فكم نحن بحاجة ماسة إلى أمثال ذلك الشاب البسيط الذي صدع بالحق يوم صمت الجميع في وجه سلطان جائر .. كذلك تستحضرني مقولة في ذات الصدد لأحد النواب الإنجليز الذي يدعى جون جلوي إذ كان يومها قد زار العراق وهي محاصرة وكان الغرض من الزيارة تحدٍ للحظر الذي فرض عليها آنذاك وما زالت تسعفني ذاكرتي ببعض كلماته التي قالها حينئذ : ما الذي جرى لهذه الأمة ؟ !!! ويقصد أمة العرب ، ثم أردف قائلا : أولم تعد نساؤهم تلدن مثل عبدالناصر وصدام حسين ؟ !!! فإلى متى يا أمة العرب نرى الباطل يجتاح الحق في جغرافيتنا وعقولنا ونحن أعجز من أن نقول كلمة حق في وجه سلطان جائر !!!!!! فرحمة الله تغشاك أيها الشاعر الثائر أبو الطيب المتنبي يوم قلت : كفى بك داءً أن ترى الموت شافيا ** وحسب المنايا أن يكنّ أمانيا