هل إن توقيت المبادرة التي تقدمت بها السعودية لإيقاف شامل لإطلاق النار في اليمن وإستئناف الحوار السياسي كان قراراً ناجماً عن وصول النظام السعودي إلى قناعة تامة بإستحالة الحسم العسكري أم كانت بسبب الضربات الموجعة والمؤلمة التي تلقتها السعودية مؤخراً في أهم مفاصل الأقتصاد السعودي والمتمثلة بضرب مصفأة أرامكو وبعض حقول تصدير النفط في مناطق متفرقة بالمملكة العربية السعودية..؟! تتزامن هذه المبادرة مع ذكرى مرور ست سنوات منذ إنطلاق عاصفة الحزم والتي للآسف الشديد لم تكن حازمة في أي شيء..!! عندما نعيد شريط الأحداث والوقائع وبكل صدق وشفافية وخالية تماماً من الكذب المنمق التي دأبت الحكومة الشرعية بترديدها على مسامعنا طوال السنوات الماضية من إن عاصفة الحزم كان تدخلها ضروري وحتمي في القضاء على التمدد الحوثي الشيعي المدعوم إيرانياً وكذلك من أجل إستعادة الشرعية المهدورة كرامتها بفعل الإنقلاب الحوثي في سبتمبر 2014م..وها نحن الآن نطوي صفحة السنوات الست منذ إنطلاق عاصفة الحزم فلا شرعية عادت ولا حوثي تقهقر ولاعاصفة حزمت الأوضاع..!! لقد كان بالإمكان للسعودية أحسن مما كان ..حيث كان بإمكانها أن تتجنب كل هذه الخسائر خلال السنوات الماضي من الحرب إذا كانت تريد ذلك ولكنها أبت وأستكبرت .. فعندما أتخذ الرئيس اليمني القرار برفع تسعيرة المشتقات النفطية كان هذا القرار هو الذريعة التي أستفادت منها جماعة الحوثي فنزلوا من جبال صعدة ونصبوا الخيام تحت ذريعة إسقاط الجرعة والأنتصار للشعب.. إذن أليس من الأفضل للسعودية آنذاك بأن تسارع إلى دعم الحكومة والعمل على إلغاء الجرعة النفطية من أجل قطع الطريق على الحوثي وعدم إعطائه الفرصة لخلط الأوراق وزعزعة الأمن والأستقرار فمع إلغاء رفع تسعيرة المشتقات النفطية ودعم الحكومة ستنهي بذلك السعودية على أسباب تواجد وإعتصام الحوثي في العاصمة صنعاء وبعد ذلك ستضطر جماعة الحوثي إلى رفع الخيام والعودة مجدداً إلى جبال وكهوف مران أليس كذلك..!! هنالك حقيقة لا يجرؤ البعض على قولها وهي بأن السعودية لا تريد الخير لليمن وشعبها لذلك سلكت الطريق الصعب والوعر فخاضت هذه الحرب لغرض في نفس يعقوب فهذه الحرب لم تكن إضطرارية أو فرضتها الظروف على السعودية بل كانت حرب مفتعلة مع سبق الإصرار والترصد بما تتمشى مع السيناريو الذي رسمته وبدقة أمريكا في بلدان ثورات الربيع العربي ومنها من دون شك اليمن..!! كانت السعودية تعتقد بأن الحرب في اليمن مجرد نزهة بل أنها بمثابة تدريبات ومناورات عسكرية على أهداف حقيقية..ولكن مع مرور سنوات الحرب وصمود الحوثي بدأت تظهر وبوضوح الكثير من العلامات التي تؤكد إنكسار السعودية وأن التنزه في اليمن تحول إلى مستنقع آسن تمرغت فيه السعودية من رأسها إلى أخمص قدميها.. ففي الوقت الذي أفل فيه بما يسمى التحالف العربي نجد بأن الحوثي أصبح أقوى وأشد مما كان عليه مع بداية عاصفة الحزم حيث تطورت كثيراً أساليبه العسكرية وأستطاع مع مرور الوقت من فرض معادلة توازن الرعب.. وفي المقابل نشاهد السعودية فشلت فشلاً ذريعاً من كبح جماح الحوثي وكذلك فشلت بإعادة الحكومة الشرعية بل وأزادت الأوضاع صعوبة وبالذات في المحافظات المحررة بينما في المقابل نشاهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي أوضاعها عال العال وأكثر إستقراراً وامناً عطفاً على الوقائع والمعطيات في أرض الواقع..!!