يعشق بعض الأشخاص بيع تاريخهم الذي هو جزء من هويتهم بثمن ٍ بخس متناسين أن من لا ماضي له لا حاضر له ويعملون ذلك في ظل غفلة الجميع وغياب الجهات الرقابية المسئولة عن حفظ التاريخ والموروثات التقليدية التي تشير إلى ماضينا وتاريخنا وهويتنا وكيف كانت حياة الآباء والأجداد فصار تاريخهم مجرد حكايات وقصص تروى فقط وازدهرت اليوم تجارة بيع الآثار في محافظتنا حضرموت وكان لمديرية دوعن نصيب الأسد من ذلك وزاد فيها المقبلون على الشراء من خارج المحافظة فيدفعون مبالغ يسيل لها اللعاب بعد أن وصلت تلك الآثار والمقتنيات إلى أيدي من لا يقدر قيمتها أو ثمنها دون أن يعرفوا أنهم بذلك يمحون تاريخهم فيأتي من بعدهم جيل ٌ لايعرف شيئا عن تاريخ من سبقه .
أسواق دوعن وآثارنا !!!
تزخر أسواق وادي دوعن الدائمة في منطقتي الخريبة ومحطة بضه ببيع وشراء الآثار والتحف الحضرمية التاريخية في محلات إفتتحها أبناء المحافظات الشمالية وتشهد هذه المحلات حركة على الدوام وإقبالا كبيرا عليها ولهم زبائنهم من أبناء الوادي الذين هم الآخرين إتخذوا منها مهنة يتاجروا فيها بالأشياء القديمة والتاريخية إلى أن وصل الأمر إلى المخطوطات وكل هذه الأشياء تباع وربما تهرب إلى خارج الوطن مقابل مبالغ باهظة يحصل عليها سماسرة الآثار الذين يسممون عقول من وقعت هذه الآثار في أيديهم لأن مالكيها الحقيقيون غابوا عن الوطن فصارت محتويات منازلهم بضاعة تباع وتشترى لأن هؤلاء لايعلمون قيمة ما يعرضوه للبيع لأنه لايفصلهم عن عملية البيع والشراء بين الآثار والقات إلى خطوات وبالتالي نرى آثارنا وتاريخنا معروض للبيع في أسواقنا وظل نتفرج لأن الضمائر لم تصحو بعد لدى البعض .
الكهرمان ( الكرهب ) سلعة العصر
منذ سنوات بعد إعادة تحقيق الوحدة إنتشر أشخاص من محافظات شمال الوطن يجوبون وادي دوعن طولا وعرضا يشترون الأشياء والمقتنيات القديمة وتسابق أبناء دوعن لبيعها إلا من رحم ربي وظل محتفظا بجزء بسيط منها وكانت مادة الكهرمان المعروف دوعنيا باسم الكرهب الذي يعد أحد الأحجار الكريمة أهم سلعة يشتريها أولئك ويقال أنهم يستخدمونه في صناعة قرون الجنابي ولكن ربما يدخل في صناعات أخرى حسب الجودة التي يقدرها المشتريون لأن باعته لم يعد لهم حاجة إليه بعدما كان في السابق يستخدم في الزينة وطوال السنوات الماضية تقلص مخزون أبناء دوعن من الكهرمان ( الكرهب ) لكن اليوم إزدهرت تجارته من جديد ووصلت أسعاره إلى مبالغ خيالية يزيد معها سعر الحبة الصغيرة عن 300ألف ريال وقارن البعض بأن سعره تعدى سعر الذهب فإتجه أغلب أبناء دوعن للبحث عنه في البيوت المهجورة والتنقيب عنه في مقالب القمامة القديمة لعل منهم من يظفر بحبيبات بسيطة ستغير مجرى حياته في ظل تساؤل الكثيرين عن أهداف السماسرة وتجار الآثار من وراء دفع تلك المبالغ !!
التاريخ لن يعيد نفسه
هل يعلم باعة تاريخهم وآثارهم بأن الأسعار التي يحصلون عليها في عملية البيع والشراء مقارنة بين الداخل الدوعني وفي الخارج بأنها مثل ما بين السماء والأرض ؟؟ وهل يعلمون أنهم يعملون على إفراغ المخزون والإرث الثقافي والتاريخي الدوعني ؟؟ يجب أن نصحو جميعا مسئولين ومنظمات وجمعيات مهتمة بالتاريخ والآثار وأن نتنبه إلى هذا الأمر لأن التاريخ لن يعيد نفسه وأن نعمل على إيقاف عمليات السطو والنهب لموروثنا حتى وإن كان بعضنا يستلم مقابل مادي نظير ذلك لكن لا أحد يبيع تاريخه لأنه سنصحو ذات يوم وقد وجدنا تاريخ دوعن وموروثها القديم فارغ وسنكون شركاء في هذه الجريمة .