واصلت الصحف المصرية نشر ردود الفعل التي عبر عنها عدد كبير من المثقفين والناشطين تعقيباً على ما أدلى به القيادي السلفي، عبدالمنعم الشحات، الذي انتقد أدب الروائي المصري نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل، واعتبر أنه "إلحادي" ويشجع على الرذيلة،" وأبدت التعليقات قلقها مما قد يحصل مع تزايد نفوذ الإسلاميين في السلطة ووصول الشحات نفسه للبرلمان. وكان الشحات قد ظهر عبر فضائية "النهار" المصرية، ليرد على سؤال حول موقفه من كتابات محفوظ فقال: "أدب نجيب محفوظ أدب يشجع على الرذيلة، ويدور حول الدعارة وأوكار المخدرات."وقال الشحات إن رواية "أولاد حارتنا" هي عمل فلسفي ورمزي "فيه بعد إلحادي،" مضيفاً أنه هذه الأمر هو رأيه الخاص "ولا يمكن لأحد الحجر عليه."
وتجنب الشحات الرد على سؤال عن موقفه حيال أدب نجيب محفوظ في حال وصوله إلى السلطة، فقال: "هل يجب على الدولة حظر أدب الإلحاد؟ السؤال يجب أن يوجه لمجمع البحوث الإسلامية."
ونقلت صحيفة الأهرام انتقاد عدد من المثقفين المصريين لما جاء على لسان الشحات، وأوردت أن الروائي إبراهيم عبد المجيد وصف الشحات بأنه "شخص مثير للشفقة" وقال " كلما رأيته على الشاشة أشعر بالإشفاق عليه."
وقال الناقد الأدبي، جابر عصفور، "إن هذه التصريحات ليست جديدة على الجماعات السلفية، وسبق أن أعلنوها أكثر من مرة، حتى إن الأمر وصل إلى محاولة اغتيال محفوظ على يد أحد الأفراد المنتمين للجماعات الإسلامية"، نقلاً عن صحيفة "المصري اليوم" المصرية. وطالب عصفور الأدباء والمثقفين بالدفاع عن تراث الاستنارة في المرحلة المقبلة. وقال: "إن محفوظ هو الهرم الرابع في مصر، وإن تصريحات الشحات محاولة لإعادة عقارب الساعة قروناً إلى الوراء". ولفت الروائي ياسر عبد اللطيف الحائز على جائزة ساويرس للأدب أن حديث الشحات لا يحمل جديداً، فهو كلام يقال من أيام الشيخ عبد الحميد كشك، لكن خطورته مصدرها أن الشحات عضو مستجد في البرلمان، الأمر الذي يذكرنا بما قام به أعضاء إسلاميون في دورات برلمانية سابقة تبنوا قضايا مماثلة كقضية وليمة لأعشاب البحر، والقضية التي عرفت بالروايات الثلاث، واستجابت دولة مبارك بوزارة ثقافتها بالمنع والحظر وإعمال رقابة عمال المطابع والموظفين. ولكن الجديد من وجهة نظر صاحب " قانون الوراثة "، يكمن في أن هذه التيارات أصبحت أغلبية في البرلمان وبقرار سياسي مسبق ووفقا لصفقات داخلية ودولية. وتساءل عبد اللطيف، هل قامت الثورة لتضيف مزيدا من القيود؟ وهل انسحبت التيارات الديموقراطية خلف مسرحية الانتخابات البرلمانية، فساهمت بنفسها في وأد جانب كبير من الثورة؟. وشدد عبد اللطيف علي أن مسألة حرية التعبير هي جزء من قضية الحريات بشكل عام، ومالم تستعيد الثورة عافيتها، وفي الأيام القليلة المقبلة، ستستمر هذه المسرحية، وقد نتورط في حكومات فاشية لعقودمقبلة على أقل تقدير، وبمباركة كل الأطراف الدولية المتواطئة، ولا عزاء للحقوقيين وناشطي المجتمع المدني والمثقفين. وأرجع الدكتور صلاح فضل، الناقد الأدبي، هجوم السلفيين على التراث الثقافي إلى عدم نضجهم. وقال مخاطبا الشحات: "لا بد أن يعرف هذا الشيخ أن الأدب والفن لا يحكم عليهما بالمقاصد الشرعية، دون خبرة". وتابع: "عليه (الشحات) أن يحصل على دراسة في الأدب منذ الجاهلية حتى الشعر أيام الرسول، قبل هجومه على المفكرين، ليعرف أن الغزل والجنس جزء من الشعر، وأن الشعراء يسعون إلى كشف مواطن الجمال والقبح في المجتمع". وأكد أن "أدب محفوظ لا يحض على الرذيلة، وأن تصريحات الشحات هي الجهل والرذيلة"، وشدد "على أهمية مواجهة التيار السلفي بالتعليم والثقافة حتى يدرك حقيقة الأشياء".
و من جانبها، رأت الكاتبة الروائية سحر الموجي أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة على صفحتها الخاصة على"فيسبوك " أنه لا داعي للجدال مع الشحات وغيره في مسائل ترتبط بالأدب والأدباء، فليست هذه معركتنا معهم - على حد قولها - ولكن الأجدي في هذه المرحلة هي أن نضعهم في موقف حرج بأن نسألهم جميعا، وفي صوت واحد عن خططهم للنهوض بمصر في مجالات التعليم والصحة ومكافحة الفقر فهذه هي المهام التي انتخبوا من أجلها ". و اعتبر الكاتب حمدي أبو جليل، الحائز على جائزة نجيب محفوظ في الرواية العربية، أن الشحات في تصريحاته يتبع الأولين في كل شىء، لاسيما في تشبثهم بالماضي وكره أي جديد ورفض أي شكل من أشكال الفكر والحياة. بينما اعتبرت الناقدة هويدا صالح أن خروج أحد الإسلاميين الذين دفعنا الثمن من دمائنا ليصلوا للسلطة عبر الديمقراطية ليقول لنا إن أدب نجيب محفوظ أقرب للدعارة هو رأي يكشف الكارثة،التي ستحل بالمجتمع ككل. وقالت "نادينا كثيرا بأهمية احترام الديمقراطية، وأهمية إعطاء الإسلاميين فرصة لنرى خطابهم الثقافي والسياسي، لكن أن يخرج علينا الشحات ليعلن أن أدب نجيب محفوظ أدب دعارة فهنا ينبغي أن نقول له: لم ندفع كل هذه الدماء لتصلوا إلى البرلمان وتبدأوا حملات التشويه والتكفير لرموزنا، كما لم نسحل في شوارع مصر من أجل أن يتمتع هؤلاء بالديمقراطية بعد أن أذلهم النظام السابق وزج بهم في السجون، وقهرهم، ثم يأتون ليكفرونا، هؤلاء الذين كانوا يرون أن الخروج على الحاكم هي الفتنة الكبرى، وطالما كانوا يجلسون تحت أعمدة المساجد يتناقشون مع رجال أمن الدولة ويعطونهم تقارير يومية كمخبرين للنظام".