استغلت الصحف والوسائل الإعلامية الأخرى التابعة والموالية للمؤتمر الشعبي العام, استغلت أحداث مصر الأخيرة للترويح عن أعضائه وأنصاره وكأن ما حصل في مصر يصب في مصلحتهم وللنكاية بحزب الإصلاح وكأن هزيمة الإخوان في مصر تعني هزيمتهم ... مع أن ما حدث في مصر لا يعني بأي حال من الأحوال أي انتصار لبقايا النظام السابق هناك أو كما يسموهم بالفلول وإنما انتصار لمصر قوية وحرة وعربية وإسلامية وتصدرت المشهد قوى اليسار والناصريون والقوميون والشباب والمرأة وقوى المجتمع المدني , وهي نفس القوى التي ثارت على نظام مبارك وأطاحت به . ومن ناحية أخرى فأن لليمن ظروفه الخاصة المتميزة التي تجعل تكرار ما حصل في مصر وبشكل تلقائي أمراً مستبعداً , لاختلاف موازين القوى وطبيعة المجتمع اليمني وتعقيداته واختلاف مسار ثورته الشبابية الشعبية السلمية 11 فبراير عن ثورة 25 يناير المصرية . وفي حين احتشدت كل القوى السياسية والمدنية في مصر لإسقاط حكم الإخوان الذي انفردوا بالحكم وأقصوا الآخرين وقادوا مصر نحو الفشل , فأن قوى الثورة اليمنية وخاصة قواها السياسية المتمثلة في اللقاء المشترك والتي يعتبر حزب الإصلاح العضو الأكبر والأكثر تأثيراً فيه وهو بطبيعة الحال - اي الإصلاح - حزب سياسي صاحب تجربة طويلة غنية وأعتقد أنه أكثر نضجاً وتجربة من الأحزاب الإسلامية الأخرى , لا تزال هذه القوى على درجة عالية من التحالف والتنسيق , هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فأن بقايا النظام السابق - إن صح التعبير - ممثلة بالمؤتمر الشعبي العام الذي كان حاكماً ما تزال شريكة في حكومة الوفاق الوطني بالنصف تقريباً . كما أن عنصر التوازن في اليمن تشكله مؤسسة الرئاسة والقوات المسلحة التي باتت أكثر تحرراً من التأثيرات الحزبية والقبلية.
ولذلك لا يمكن إطلاق مفهوم المعارضة الحقيقية في اليمن لا على اللقاء المشترك ولا على المؤتمر وحلفائه , بل أن المعارضة الحقيقية تشكلها قوى أخرى على رأسها الحراك الجنوبي - الذي أساساً يعتبر ما يجرى في صنعاء لا يعنيه بقدر ما يعنيه الجنوب - إضافة إلى أنصار الله وتيارات الأحزاب والمنظمات الناشئة .. والأهم أن اليمن ما تزال في مرحلة انتقالية وتوافقية .
ولكن هذا لا يعني أن اليمن يمكن أن تكون بمنأ عن تأثيرات الثورات العربية التصحيحية خصوصاً إذا فشل المؤتلفون الحاكمون في إدارة البلد وإحداث تحولات ملموسة ايجابية لصالح حياة الشعب ولحل القضايا الجوهرية الحيوية .