قالت وزارة الداخلية إن انتحاريا فجر سيارة مملوءة بالمتفجرات عند مديرية أمن محافظة الدقهلية في دلتا النيل في مصر يوم الثلاثاء مما أدى إلى مقتل 15 شخصا في هجوم يعد من بين أكثر الهجمات دموية منذ عزل الرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي في يوليو تموز. وقال مسؤولون أمنيون إن من بين القتلى 12 شرطيا على الأقل كما أدى الانفجار الذي وقع بعد منتصف الليل بساعة في مدينة المنصورة عاصمة المحافظة الواقعة شمالي القاهرة إلى إصابة زهاء 140 شخصا. وتعهدت الحكومة المدعومة من الجيش بمحاربة "الإرهاب الأسود" وقالت إن الهجوم لن يعرقل خطة الانتقال السياسي وخطوتها التالية هي الاستفتاء على دستور جديد في يناير كانون الثاني. وقال أحد المصابين للتلفزيون الرسمي "سمعت دويا شديدا ووجدت دماء على جسمي كله." وأضاف المصاب الذي كان راقدا على سرير في مستشفى ورأسه مضمدا "نزلنا جميعا من المبنى مهرولين لنجد زملاءنا على الأرض غارقين في الدماء."
ودفع الهجوم مجلس الوزراء لإصدار بيان نقلته وكالة الانباء الرسمية يعلن فيه أن جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي "جماعة ارهابية" لكن المسؤولين لم يتهموا الجماعة صراحة بشن الهجوم. وأدانت جماعة الاخوان المسلمين في بيان صدر عن مكتبها الاعلامي في لندن الانفجار ووصفته بأنه "محاولة خائنة ترمي إلى إلقاء العداوة والبغضاء بين أبناء مصر." وقال شهود عيان ووسائل الإعلام الرسمية إن مئات من الناس الغاضبين في المنصورة هاجموا وأحرقوا في وقت لاحق اليوم مباني ومتاجر يشتبهون في أنها مملوكة لأعضاء من الإخوان المسلمين. وهاجم آخرون حافلة خالية من الركاب وأشعلوا فيها النار بعد أن رأوا في وقت سابق أحد ركابها يلوح بأربعة أصابع وهي إشارة يستخدمها الإخوان المسلمون. وقال وزير الداخلية محمد ابراهيم الذي نجا من محاولة اغتيال في القاهرة في سبتمبر أيلول من موقع انفجار اليوم "البلاد تواجه عدوا لا دين ولا وطن له." وقالت وزارة الداخلية إن انتحاريا نفذ الهجوم بسيارة ملغومة مستشهدة بأدلة جمعت من مكان الحادث.
وقالت الرئاسة إن مثل هذه الهجمات "تزيد الدولة تصميما على اجتثاث الإرهاب من كافة ربوع البلاد". وقال التلفزيون الحكومي إن "مجموعات قتالية" تابعة للشرطة ستنتشر على مستوى الجمهورية ولديها أوامر بالتعامل بالذخيرة الحية. وعانت مصر من صراعات داخلية هي الأكثر دموية في التاريخ الحديث منذ عزل الجيش مرسي أول رئيس منتخب في انتخابات حرة في الثالث من يوليو تموز بعد احتجاجات حاشدة مطالبة بتنحيته. وقتل المئات من انصار جماعة الإخوان المسلمين في اشتباكات مع قوات الأمن في حين أصبح تعرض قوات الامن لهجمات قاتلة أمرا مألوفا.
ويقول بعض المحللين إن مصر قد تواجه تمردا اسلاميا طويل الأجل وهو خطر يضاعفه تدفق الأسلحة المهربة من ليبيا منذ بدء الانتفاضة التي اطاحت بالزعيم الراحل معمر القذافي قبل ما يقرب من ثلاث سنوات. وشهدت شبه جزيرة سيناء -الواقعة على حدود اسرائيل وقطاع غزة- أكثر الهجمات الكبرى منذ عزل مرسي فقد قتل انفجار سيارة ملغومة عشرة جنود هناك في نوفمبر تشرين الثاني وقتل 24 شرطيا في كمين في أغسطس آب. وأعلنت جماعة تطلق على نفسها انصار بيت المقدس مسؤوليتها عن العديد من الهجمات في سيناء وكذلك المحاولة الفاشلة لاغتيال وزير الداخلية. كما شهدت دلتا النيل هجمات مميتة على قوات الامن لكن لم يكن اي منها بحجم انفجار يوم الثلاثاء. وقال مصطفى كامل السيد استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة إن هجوما بهذا الشكل سيكون له تأثير يتمثل في ترويع الناس واثنائهم عن المشاركة في الاستفتاء الدستوري.
ووصف وزير الداخلية الهجوم بأنه محاولة لإرهاب المواطنين قبل التصويت المقرر في منتصف يناير كانون الثاني تليه انتخابات رئاسية وبرلمانية العام المقبل. وقال إن قوات الامن ستؤمن الاستفتاء بالكامل. واظهرت لقطات بثها التلفزيون الرسمي أن الانفجار حطم نوافذ مديرية الأمن وألحق أضرارا بالغة بالمبنى ومبان مجاورة في وسط مدينة المنصورة. وشهدت المنصورة هجمات اخرى منذ عزل مرسي. فقد اصيب خمسة رجال شرطة في يوليو تموز عندما القيت شحنة متفجرة على قسم للشرطة. وفي اكتوبر تشرين الاول قتل ملثمون ثلاثة من رجال الشرطة في نقطة تفتيش في المدينة. وأمرت النيابة في الأسبوع الماضي بمحاكمة مرسي وزعماء آخرين في الإخوان بتهم من بينها التآمر مع مقاتلين اجانب لتنفيذ هجمات ارهابية في مصر. ووصف الاخوان هذه التهم بانها مضحكة.