إن ما حدث ويحدث لإخواننا في الجنوب منذ حرب صيف 1994م العدوانية الظالمة حتى اللحظة الراهنة يؤرق كل صاحب ضمير حي ، فلقد استهدفت هذه الحرب الأرض والإنسان في الجنوب ، فمنذ أن تمكنه القوى الاحتلالية من تمرير مخططها الاحتلالي وهي تعبث بأرض الجنوب وشعبه وخيراته ولم تتوقف عند حدود بل إن اعتزازها بالإثم أخذها على التمادي أكثر في حقوق أبناء الجنوب وكان المبتدأ عقب الحرب مباشرة هو الاستيلاء على المؤسسات العامة والمصانع والمزارع وتشريد الموظفين والعاملين فيها ، فضاقة الجنوب على أهلها بما رحبت وصار كثير من الجنوبيين يبحثون وبعناء عن ما يسُد الرمق في الوقت الذين كانوا يعيشون قبل هذا الاحتلال السافر أعزاء وآمنين في وطنهم . إن المحتلين الذين اغتروا بقوتهم في حرب 94م قد خالجتهم العنجهية واستولت عقولهم إلى حد الثقة من أن الجنوب صار إقطاعية بضمن أملاكهم وحفزهم هذا الشعور الخادع على التوغل أكثر في ارتكاب المظالم فاستولوا بالقوة على قطع الأرض الخاصة بالمواطنين وحولوها إلى أملاك لهم وكتموا حريات الناس واعتقلوا المناوئين لسياستهم بعد أن شردوا العديد منهم خارج البلد .
وتوالت الممارسات الظالمة بحق أبناء الجنوب عام بعد عام بصورة متصاعدة وساء ظن المحتلين بصبر الجنوبيين على إنه استكانة ورضوخ..، فباغتهم شعب الجنوب بصحوته الكبرى وهو ينتفض في كل أرجاء الجنوب معلناً الرفض القاطع لهذا الوجود الاحتلالي ، فراهن المحتلين على القوة والقمع والسحل والاعتقال سبيلاً لفرملة عجلة الثورة الشعبية الجنوبية لضمان سيطرتهم فأتت الرياح بما لا تشتهي السفن !! إذ كانت النتائج على عكس مما توقعه المحتلين تماماً ، فالقمع الذي مورس ويمارس أشعل غضب الجنوبيين وقوَّى من تماسكهم فبات كل الجنوب ملتهبا بالثورة .
وإزاء هذا الحدث الثوري المتصاعد في الجنوب والذي لن يتوقف حتى يستعيد شعب الجنوب كيان دولته المكتمل السيادة وجد المحتل نفسه في مأزق ، فحاول الاعتماد على طريقة خلط الأوراق والبحث عن مخرج برعاية خارجية حتى لا يطير الجنوب من قبضته فتلمَّس في مؤتمر الحوار الفاشل فرصة للانقضاض على الجنوب وإفشال ثورته وجاء قرار مجلس الأمن المؤازر لمؤتمره الكسيح ليذكي فيه فرحة طارئة لن يطول أمدها ، لأن قرارات دول مجلس الأمن مرهونة بمصالحها ( فحيث المصلحة تكون القرارات ) وشعب الجنوب طالما هو يمتلك الأرض والثروة ومُصر تمام الإصرار على مواصلة ثورته التحررية فلابد من أن تتغير قرارات هذه الدول ذات يوم بما يتوافق ومصالحها .
ولا عجب في هذا . شديد عجبنا هو من أولئك الذين لم يتعظوا من دروس الشعوب الثائرة التي غيّرت مجرى التاريخ بقوة الحق لا بقوة دول مجلس الأمن التي تتأرجح قراراتها دائماً بوفق مصالحها لا أكثر .