قيل بأن المُستبِد والمُستبد به شريكان في استفحال داء الاستبداد رغم الفرق الشاسع بين حال المُستبِد والمُستبَد به ، حيث الأول يمارس القهر والقمع والاستعلاء ،فيما الثاني يتجرع المظالم والإذلال والمهانة . وفي العادة يبدأ المُستبِد بالتجريب في هذا المنحنى الظلامي اللا إنساني فان وجد إستكانة ورضوخ تمادى في الإستبداد وإن وُوجه برفض قاطع للظُّلم راجع حسابه فيتَّبع الطرق الملائمة له وبما يكفل البقاء له لفترة أطول . ونعود الى مسألة الشراكة في الاستبداد حيث يُطلق على كل من المُستبِد والمُستبَد به بأنهما شريكان !! . كيف ذلك ؟ إن الحقائق الساطعة تُبيِّن لنا ان وجود المُستبِدين أقترن بوجود مُستضعفين أرتضوا التسليم بالأمر الواقع لشعورهم بالعجز في مواجهة عنجهية المُستبدِّين وتعمق هذا الشعور إلى مستوى اليأس من عمل أي شيء ، مما مكَّن المُستبِدين من التمادي بالمزيد من الإستكبار والتجبُّر والعصف بالمستضعفين طالما ألفوهم راضخين لمشيئتهم وهنا تكمن الشراكة فلولا رضوخ المُستبَد بهم ما أستمر المُستبِدون في غيَّهم وبغيهم والعبر كثيرة في حياة أمم هذه المعمورة ، حيث شعوب لفظت الشراكة مع الاستبداد فصارة بفعل مقاومتها الشديدة والحاسمة حرة طليقة تعيش حياة آمنة وكريمة فيما أخرى لم تزل على شراكتها مع المستبدين مسترضية بحالها المُهين رغم بروز طلائع المنوِّرين من بين صفوفهم الدَّالين على الطرائق الناجعة لزحزحة عروش الطُغاة الذين يستبدُّونهم .
وبالنسبة لواقعنا في الجنوب فشأننا هو اننا نعيش في حكم احتلال غاشم أستلب أرضنا وثرواتها وكل مقدراتها مُضاف الى هذا إنه يمارس علينا الإستبداد بهمجية مفرطة بل أنه سعى ويسعى لطمس هويتنا وإلغاء وجودنا وصولاً لغاية إحتسابنا بضمن قطعانه التي يتصرف بها كيفما يشاء وهذا مالم يقتدر على تحقيقه ذلكم المحتل القادم من الجمهورية العربية اليمنية مهما تبدَّى وجوده العسكري حاضرا في انحاء وطننا لأن الأغلبية الغالبة من جماهير الجنوب قاومت وتقاوم هذا المحتل بأعلى درجة من الثبات واليقين وستواصل مقاومتها بمختلف السبل حتى تسترجع وطنها المغتصب .
ويبقى السؤال : هل يوجد في واقعنا الجنوبي ممن يمكن أن نُسمِّيهم بشُركاء الاحتلال على غرار وصف شركاء الإستبداد ؟! . في رأيي الشخصي أن للجواب على هذا السؤال شقين : الشق الأول : نعم هناك مننا من وقع في خطاء مشاركة الاحتلال ضد وطنه ولكنه أستدرك الخطاء عندما فهم خبث نوايا الاحتلال فسارع ليلتحق بموكب الثائرين على الاحتلال .
والشق الثاني : نعم أيضا يوجد مشاركين جنوبيين مع الاحتلال ضد وطنهم ولكن ليس عن قناعة وإنما المصالح الذاتية هي التي أستدرجتهم ليكونوا في موضع المؤازر المُستحي للاحتلال ،وهؤلاء أصحاب المصالح المؤقتة قلة قليلة جداً جداً لا يمكن إحتسابهم رقم ذات أهمية طالما أكثر من 90 % من سكان الجنوب مصرُّون تمام الإصرار على استعادة دولتهم المستقلة مُجسدين ذلك الإصرار بمليونياتهم الرافضة للاحتلال وتضحياتهم من اجل ذلك بالآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين .
وبكل تأكيد قطار الثورة الجنوبية لن يتوقف حتى يصل محطته الأخيرة .