ان ثقافة النهب واغتصاب الحقوق وإلغاء الاخر هي سلوك وحضارة وقيم الشمال وأخلاقه. وان نهج وتوجه ساستهم وجهل وانحطاط شيوخهم وقادتهم وانحراف علمائهم وذل وخنوع مواطنيهم وامتهان كرامتهم ليس الا استجابة فيسيولوجية واحدة من استجابات عدة اقتضتها ثقافتهم المجتمعية وفرضتها بيئتهم الاجتماعية ألمتخلفة وتشكل اضافة مهمه في تكوينهم الشخصي والمجتمعي ومعظمها صفات تتناقلها الأجيال من البدايات الاولى لتشكيل مجتمعهم وسيظل مفكريهم ومثقفيهم وعلمائهم عالقين بين التكوين الفيسيولوجي للإنسان و بيئته الاجتماعية ومحيطة الجغرافي وثقافته المجتمعية وتخلفه الاجتماعي وانحطاط القيم الأخلاقية للقوى المتنفذة التي تفرض نفسها وقيمها وقانونها على كل المجتمع بمختلف شرائحه وقواه الاجتماعية وبالتالي لن يتغير شيئا مهما بلغوا من العلم والتطور والرقي وسيظل التكوين هو التكوين والصفات هي الصفات تنتقل من جيل الى اخر.
قد يقول البعض ممن لم يحتك بقوى هذا المجتمع ونخبة ويدرس تكوينه لكي يكتشف هذه الحقيقة اننا تحاملنا في هذا الطرح بل قد يذهب البعض الى القول بان ارتياد المدارس والجامعات والاختلاط بثقافات مجتمعية مختلفة من خلال الدراسة او العمل كفيلة بأحداث تغيير في تكوينهم وإنتاج ثقافة وفكر يؤهلانهم للاندماج في دولة يمثل دستورها عقدا اجتماعيا جديد يسود فيه القانون ويجعل من العدل أساسا للحكم فإنني أقول لهم ان مندل قد اثبت في أبحاثة ان انتقال الصفات من جيل الى اخر امر مسلم به حيث ثبت ظهور صفات الجيل الاول على الجيلين الثاني والثالث بشكل واضح يمكن مشاهدته بالعين المجردة وقد توزع ظهورها بين صفات سائدة وصفات متنحية بواقع 3-1 وظهر أفراد الجيلين يحملان الصفات نفسها وحتى مع تهجين البذور وتغيير التربة. اثبتت التجربة ظهور جيل هجين يحمل صفات ما قبله.
اضافة الى ان ثقافة وسلوك وقيم وأخلاق عمرها تجاوز الالف ومائتين عام تأصلت في هذا المجتمع وأصبحت حتى الارض والطبيعة مشبعة بها وتؤثر بشكل مباشر في تكوين الانسان و نموه وتطوره لا يمكن لها ان تزول او تتلاشى الا بفترة زمنية مماثلة اذا توفره النوايا الجادة والمخلصة للتخلص من ذلك الإرث التاريخي الثقيل .
ويمكن لنا ان ندع هذا كله جانبا ونذهب الى استخلاص النتائج من الواقع فلنأخذ عينه من أفضلهم فكر وثقافة وأكثرهم علما وننظر الى معطيات الواقع المعاش وبمقارنتها بفكر وتوجه وثقافة هذا المجتمع وكيف يسعى وبكل قواه الى أغلب الحقائق وتجييرها بما يتناسب ومصلحة أفراد او قبيلة وبما يلبي رغباتهم ويحقق أطماعهم الغير مشروعه بعيدا عن الحق وبطرق وأساليب بعيدة عن الواقع ويرفضها العقل والمنطق وبغض النظر عن النتائج التي تترتب على ذلك الفعل مادام ثمن ذلك الفعل سيدفعه غيرهم.
فهم لا يفكرون الا بأنفسهم ومصالحهم فقط ولا يحسبون حساب لوجود شركاء اخرين الى جانبهم لهم حقوق يجب احترامها وان هم أبدوا شيء من هذا فان ذلك لن يكون اكثر من وسيلة يمررون من خلالها حيلهم وألاعيبهم للوصول الى غاية او هدف ما (((طبعا اذا ما استثنينا منهم فئة صغيرة ضعيفة القوة ومحدودة التأثير )))
وإذا ما نظرنا الى وهم الوحدة الذي يفرضه الشمال على الجنوب فإن جميعنا يعرف بان العطار لا يستطيع ان يصلح ما أفسده الدهر وليس من العقل او المنطق ان يقدم المرء الطعام والشراب لجثة هامدة أو مومياء محنطة ولكن نخب هذا المجتمع وقياداته لا تريد إطعام الجثة فقط بل و يصرون على إقناع الاخرين بان الحياة لاتزال تدب في هذه الجثة بل انهم يحاولون ان يجعلوا الاخرين يؤمنوا بأن تلك المومياء خالدة في الحياة خلود أبدي ليس لشي الا لان هذا الامر يتعلق بمصالحهم وأطماعهم ويتوافق معها .
وعلى الرغم من ان صوت العقل والمنطق كان يصدح عاليا ويشير إلى جرحا نازف بحاجة للضماد في جسد وهن عليل بحاجة للطعام والشراب في وقت كان يمكن لهم ان يفعلوا ذلك لكنهم ابو واستكبروا حتى قضى الله أمرا كان مفعولا واليوم الجميع يقول لهم انها قد أصبحت جثة لا حياة فيها والواجب دفنها ومعها تدفن مآسيها واوجاعها ووفقا لمقتضيات الدين والقيم والأخلاق واحتراما وإكراما لتلك الجثة وقبل ان يزداد تعفّنها وتفوح رائحتها الكريهة في كل مكان وتلتهمها الديدان التي ستتحول الى أوبئة تنتشر في كل مكان و سوف تفتك بالجميع دون استثناء و مع هذا كلة لايزالون مصرين على فرض ما يريدوه على الاخرين على الرغم من معرفتهم للحقيقة وسيمضي الوقت ولن يستطيع احد ان يعيد عجلة الزمن الى الخلف وستحل الكارثة وعندها سيأتون يبحثون عن تلك الجثة ليدفنوها ولكن لن يجدوها انها قد تحللت وأصبحت أمراض وأوبئة تفتك بالجميع ولن ينجوا بعدها من الموت احد.